Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Sep-2017

من يصلح المجتمع.. أو أين مؤسسات المجتمع المدني؟ - رومان حداد
 
الراي - تتكاثر الأسئلة ومقترحات الحلول حول الموضوعات السياسية والاقتصادية، ولكن لا يبدو أن موضوع الإصلاح الاجتماعي من الموضوعات التي تنال الاهتمام لدى الدولة بمختلف مؤسساتها الرسمية وغير الرسمية، ولا تبدو أن تلك المساحة الفارغة بين الدولة والأسرة، والتي يجب ملؤها بمؤسسات المجتمع المدني قد تم تعريفها بصورة واضحة، أو تم العمل عليها لكي يتم تطوير المجتمع بصورة مدروسة.
 
وقد شهد ثورة بحضور ما يُسمى بمؤسسات المجتمع المدني بعد عودة الحياة الديمقراطية عام 1989، حيث ظهر اكتظاظ بالكم دون قدرة حقيقية على قياس أداء هذه المؤسسات على أرض الواقع، ومدى قدرتها على تغيير المجتمع نحو الأفضل.
 
فالمجتمع المدني بطبيعته وطبيعة دوره عليه السعي الحقيقي نحو مجتمع مدني يحترم الحياة والاختلاف والتنوع، أي أنه حركة اجتماعية تقدمية بمختلف المعايير، يتعاطى مع المجال العمومي، ويتعاطى مع القضايا العامة من منظور تقدمي يحترم الحقوق ويطور نظرة المجتمع نحو نفسه ونحو أفراده.
 
لكن المجتمع المدني في الأردن واجه عدة إشكاليات منعته من القيام بدوره، حيث شابته عيوب الحالة النخبوية، أي أن المجتمع المدني الذي بدا للوهلة الأولى أنه سيكون مؤثراً وفاعلاً ظل منحصراً في المركز، أي العاصمة عمان، وأدارته نخبة محددة، تعاطت، بمعظمها، مع احتياجات التطور داخل المجتمع الأردني وفق نظريات وتصورات غربية منبتة عن المجتمع نفسه، ووفق مقولات مسبقة تصورات نمطية، ولم تدرس حالة المجتمع الأردني الفعلية، والعلاقات المعقدة التي تحكم المجتمع الأردني، سواء أكانت العلاقات الاقتصادية أو طبيعة التركيبة المجتمعية للمجتمع الأردني.
 
وبالتالي ظهرت الحلول وكأنها حلول لا صلة لها بالواقع، ورغم أعداد المتدربين الذين خضعوا لدورات عدة، إلا أن ذلك لم يؤثر بمخرجات المجتمع الأردني، وظلت المخرجات، رغم الجهد المبذول والأموال الطائلة التي تم إنفاقها، ضعيفة غير مؤثرة وغير فاعلة في حركة المجتمع الأردني، وهو ما يؤشر أن ما قدمته مؤسسات المجتمع المدني بمختلف مجالاتها لم يحدث الأثر المطلوب، لضعف جوهري في قراءة المشهد الأردني وإيجاد وصفة خاصة به.
 
رافق ذلك ضعف واضح في التنظيم لدى غالبية مؤسسات المجتمع المدني، فهي مؤسسة الفرد المطلق، أو مؤسسة عائلية، وغاب عنها العمل الجماعي المنظم القادر على إعطاء صورة مختلفة للمجتمع، أي أن هذه المؤسسات حملت أمراض المجتمع معها، فكانت في هذا المجال كما الأعمى الذي يرشد عمياناً.
 
وبالتالي لم تقم الغالبية العظمى من مؤسسات المجتمع المدني بتطبيق منظومة القيم التي تنادي بها، كعملية صنع القرار الديمقراطي، ولوائح العمل الداخلية، ومدونات السلوك والشفافية، وبالتالي فقدت دورها كقدوة لتغيير المجتمع، وفقدت مصداقيتها المجتمعية، مما شكل عائقاً حقيقياً أمام تحقيق النتائج المرجوة من عملها في قيادة المجتمع نحو الإصلاح والتقدم.
 
كما غابت عن المجتمع المدني في الأردن القدرة على التشبيك والعمل التشاركي، مما أفقد الأردن فرصة وضع استراتيجيات حقيقية وقابلة للتطبيق من قبل مؤسسات المجتمع المدني، فبات العمل يخضع لمتطلبات المانحين والداعمين، وليس بناء على خطة مدروسة ناتجة عن قراءة واضحة لاحتياجات المجتمع وفق خطة استراتيجية، فسقطت مؤسسات المجتمع المدني في الأردن في معضلة الشعارات العريضة والإنجازات الضعيفة.
 
هذا النقد الذي أقدمه لتجربة المجتمع المدني في الأردن ليس هدفه القول بعدم ضرورة وجود مؤسسات المجتمع المدني، بل هي محاولة لإدراك أهمية دور مؤسسات المجتمع المدني، ووضع هذه المؤسسات أمام مسؤولياتها لتدركها بوضوح وتؤدي الدور المنتظر منها، فما نراه اليوم من تراجع في المنظومة الأخلاقية والقيمية والسلوكية في المجتمع تتطلب من مؤسسات المجتمع المدني أن تنهض بمسؤولياتها وتفعل دورها، لتحقيق أهداف المجتمع المدني وملء المساحة التي ما زالت فارغة من الفعل الحقيقي رغم اكتظاظ اللاعبين.