Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Feb-2020

تماما كما حدث قبل 500 عام*حسين الرواشدة

 الدستور

هل تشكل إيران بالنسبة للعرب اليوم العدو رقم (1)..؟
اذا تجاوزنا ما كشفته «صفقة القرن» عن وجه اسرائيل الحقيقي ، وجذور اطماعها واساطيرها  تجاه عالمنا العربي ( ليس فلسطين فقط) ، مما  يستدعي صحوة عربية حقيقية لاعادة «البوصلة» نحو العدو الحقيقي ،  او حتى مجرد التفكير بصفقة اخرى نتحالف فيها كعرب ومسلمين للرد على صفقة ترامب ، فان اخشى ما اخشاه  ان  يطل التاريخ علينا برأسه من جديد، لا يهم اذا كانت هذه «الطلّة» مجرد استنساخ لاحداث مشابهة، ابتلعناها ولم نتمكن من هضمها، المهم أنها تذكرنا بما حدث وبما يمكن ان يحدث، سواء على صعيد ترسيم خرائطنا الجغرافية او ترسيم خرائط  الدين  والسياسة والمستقبل ايضا، وبدقة اكثر فإنها تبدو بالنسبة لامتنا وكأنها محاوله لفك حصار الزمن الذي فرض عليها منذ ان «وضعت» على طاولة « الافتراق المذهبي « قبل نحو 500 عام.
سأشير الى تجربة  تركت - وما تزال - بذورا من النزاع بين اتباع المذاهب في عالمنا الاسلامي. بطل هذه التجربة اسماعيل الصفوي الذي لقبه اعوانه بأبي المظفر شاه اسماعيل الهادي الوالي الذي تمكن من حسم الصراع مع احدى الاسر التي تحكم ايران وتوج نفسه حاكما ولم يكن يتجاوز من العمر الرابعة عشرة
 (م1502). آنذاك كانت ايران سنية المذهب ، لكن اسماعيل فرض المذهب الشيعي كمذهب رسمي للدولة.
 هنا ، تذكر كتب التاريخ ان الناس استقبلوا هذا القرار بالرفض ، حتى ان علماء الشيعة انفسهم قالوا له: ان ثلاثة ارباع سكان تبريز (وهي العاصمة التي توجهها للدولة) من السنة ، ولا يعرفون شيئا عن المذهب الشيعي.. لكن الرجل لم يصغ اليهم وفرض المذهب بحد السيف.
 امتدت انظار اسماعيل الى قبائل الأوزبك التي اتخذ زعيمها محمد شيبان من مدينة سمرقند عاصمة له ، وبدأ التراشق المذهبي بين الرجلين ، الى ان تقابلا في معركة فاصلة انتهت الى انتصار اسماعيل واعلان المذهب الشيعي رسميا على أهل تلك المناطق.
 على الجانب الآخر كانت الدولة العثمانية السنية تنظر بعين الشك والخوف لمحاولات اسماعيل تشييع السكان وقمع (السنة) منهم ، فتحرك السلطان سليم الأول (1514) لمحاربة الصفويين ، والتقيا في صحراء (جالديران) وتمكن السلطان من هزيمة اسماعيل لكن الصراع لم يحسم آنذاك ، إذ بقي الرجلان يتربصان ببعضهما حتى وافتهما المنية.
 وفي التفاصيل ان السلطان سليم كان يبحث عن ذرائع للحرب ضد الصفويين فلم يجد سوى التغلغل الشيعي داخل دولته سببا لذلك ، فأمر بحصر اعداد الشيعة بصورة سرية ، ثم أمر بقتلهم جميعا في مذبحة رهيبة بلغ عدد ضحاياها (40 الفا) ،  الهزيمة التي لقيها اسماعيل الصفوي تركت آثارا قاسية في نفسه ، فانصرف الى العزلة ، وارتدى لباسا اسود اللون ووضع على رأسه عمامة ، وكتب على اعلامه السوداء كلمة (القصاص) ، وانصرف الى معاقرة الخمر حتى ادمنها وشغل نفسه بطريقة الانتقام من غريمه سليم الاول.
 لم تنته الصفوية بوفاة زعيمها اسماعيل ، لكنها بدأت في التراجع (بعد عام1666) حيث أدى عدم التسامح الذي انتهجه الشاه حسين مع السكان من المذهب السني الى تدهور الاقتصاد ودفع الافغان الى تصفية المملكة الصفوية ، واعدام الشاه الى ان انتقلت السلطة الى القاجاريين..
المشهد الان في المنطقة يلخص هذه الصورة البائسة التي «استغرقنا» فيها جميعاً دون أن نتنبه الى خطورتها، تماما كما حدث لامتنا قبل 500 عام.