Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Aug-2019

هجرة في الاتجاه المعاكس: شباب غزة يغادرون بأعداد كبيرة

 الغد-ترجمة: علاء الدين أبو زينة

تقرير خاص – (الإيكونوميست) 1/8/2019
 
رفح – طوال نصف حياتهم، كان يعرُب وأصدقاؤه ينتظرون الصعود إلى الحافلة. لم يكن الشبان الستة قد غادروا مطلقاً غزة، التي ترزح تحت الحصار المفروض عليها من إسرائيل ومصر منذ العام 2007. وقد نشؤوا في منطقة يعاني نصف سكانها من البطالة، ويعتمد
70 % منهم على الأقل على المساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة. ويقول يعرُب: “نحن جميعاً خريجون جدد في مجال إدارة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات. وكلنا عاطلون عن العمل”.
في وقت مبكر من صباح يوم قريب، جلس الأصدقاء في موقف سيارات تحت حر الشمس في رفح، على الحدود مع مصر، وقد حزم كل واحد منهم كل حياته في حقيبة سفرة واحدة. وسوف يستقلون الحافلة قريباً إلى القاهرة، ثم يطيرون في رحلة إلى دبي في الإمارات العربية المتحدة. ولم تكن لدى أي منهم وظيفة تنتظره في الإمارات. وسوف تكون تأشيراتهم السياحية صالحة لمدة شهر واحد فقط. لكن مجرد احتمال العثور على عمل كان كافياً لجعلهم يغادرون الوطن.
لدى سكان غزة الراغبين في مغادرة المنطقة مخرجان رئيسيان من القطاع. وقد تستخدم قلة قليلة فقط معبر إيرز، على الحدود مع إسرائيل. أما الباقون فيقصرون خيارهم على معبر رفح. لكن سوء العلاقات بين مصر وحماس؛ الجماعة الإسلامية المسلحة التي تسيطر على غزة، عنى أن يظل هذا المعبر مغلقاً إلى حد كبير لسنوات عديدة. وقد فتحت مصر المعبر لمدة 36 يوماً فقط في العام 2017. ولكن منذ الربيع الماضي، عندما شرع الآلاف من سكان غزة في الاحتجاج على الحدود مع إسرائيل للمطالبة برفع الحصار، خففت مصر من قيودها على المعبر. وفي العام الماضي، تم فتح معبر رفح 198 يوماً.
أدى هذا التغيير إلى نزوح جماعي من غزة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة. وفي العام الماضي، كان هناك 60.900 عابر إلى مصر؛ أي بعدد أكثر بثلاث مرات ونصف من العام 2017. ويبدو أن حوالي 24.000 شخص من المغادرين لم يعودوا. وكان هناك 33.000 عابر آخرين في النصف الأول من هذا العام. ويأمل بعض المغادرين، مثل يعرُب، في أن يجدوا عملاً في الخليج. ويسافر آخرون إلى تركيا ويحاولون القيام بالرحلة المحفوفة بالمخاطر عبر البحر المتوسط إلى أوروبا.
لطالما حملت الهجرة في طياتها وصمة عار بين بعض الفلسطينيين، وهم شعب ناضل على مدى أجيال من أجل البقاء على أرضه. ولا تنشر حكومة حماس إحصاءات عن الهجرة، خشية أن تبرز الأرقام مدى سوء الأحوال في غزة خلال فترة حكمها. ولكن، يبدو أن معظم أولئك الذين يغادرون هم من الذين تخرجوا من الجامعات في الآونة الأخيرة. ويُعتقد أن معدل البطالة بين الشباب في القطاع يبلغ حوالي 70 %. وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت وزارة التعليم عن توفر 300 وظيفة جديدة في مجال التدريس. لكنها تلقت 43.000 طلب. وغالباً ما يكون أولئك الذين يجدون عملا عالقين في وظائف ذات نهايات مغلقة. ويقول علاء أبو عاقله، وهو خريج في إدارة الأعمال وينتظر أيضاً ركوب حافلة: “ما أزال أعمل في الشركة نفسها منذ ثماني سنوات، وأتقاضى 250 دولاراً فقط شهرياً”. وهذا المبلغ هو نصف ما ستدفعه وظيفة منخفضة الأجر في رام الله -حتى لا نقول شيئاً عن العمل في الخليج.
ليس من المستغرب أن يقول الأطباء في غزة إن العشرات من زملائهم غادروا في الأشهر الأخيرة. وبعيداً عن انخفاض الأجور، يترتب على الطاقم الطبي في غزة أن يتعامل مع انقطاع التيار الكهربائي اليومي، والنقص الروتيني في كل شيء، من حليب الأطفال إلى أدوية السرطان. وبسبب قلقها من نقص الأطباء، توقفت حكومة حماس عن إصدار تصاريح سفر لهم. وأظهر استطلاع للرأي أجري في كانون الأول (ديسمبر) أن 48 % من سكان غزة يرغبون في الهجرة، مقارنة بـ22 % في الضفة الغربية. ويقول سمير أبو مد الله، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر في غزة: “التشاؤم ينتشر إلى كل ركن من أركان هذا المكان”.
ما تزال مصر تحدد عدد المسافرين عبر معبرها الحدودي بحوالي 300 مسافر يومياً. وتضم قائمة الانتظار أكثر من 10.000 شخص. ويعاني الشباب على وجه الخصوص في الحصول على تصاريح بسبب المخاوف الأمنية على الجانب المصري. ومن أجل القفز على طابور الانتظار، يدفع سكان غزة ما يدعى “التنسيق”، وهو تعبير مهذب عن الرشوة. ويقوم السماسرة في غزة بأخذ النقود وتوزيعها على ضباط في مصر. (يُعتقد أيضاً أن حماس تأخذ حصة، على الرغم من أنها تنفي ذلك). وتبدأ الأسعار من 1.000 دولار؛ أي ما يعادل ثلاثة أضعاف متوسط الأجور الشهرية في القطاع تقريباً. وتبيع العائلات الأرض أو الذهب لتأمين عبور لأبنائها. ويقول أبو مدالله: “إنها مفارقة. كانت القضية الرئيسية، لفترة طويلة، هي عودة الفلسطينيين إلى ديارهم. كان ذلك حلماً. والآن، ندفع المال من أجل أن نغادر”.
 
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: An exodus in reverse: Young Palestinians are leaving Gaza in droves