Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Apr-2017

الجنرال الزبن حصل على الضوء الأخضر الذي دفعه للقضاء

القدس العربي -

بسام بدارين - يمكن ببساطة ملاحظة مستوى «التحدي» الذي ظهر على ملامح قائد الأركان الأردني الأسبق مشعل الزبن وهو يعود إلى مطار عمان منهياً رحلته الخاصة خارج البلاد لتحقيق هدف واحد ومعلن هو الرد ـ عبر القضاء ـ على الاتهامات التي تم ترويجها ضده وبعد أيام فقط من مغادرته موقعه الاستشاري في القصر الملكي .
 
يمكن أيضاً ملاحظة ان الصورة الوحيدة التي التقطت للرجل وهو عائد من المطار تظهره وسط استقبال العشرات من افراد عائلته وعشيرته، الأمر الذي يظهر بأن الرجل الذي كان قد تقلد سلسلة من ارفع المناصب في البلاد اضطر كما يفعل الجميع للعزف على الوتر العشائري بعدما لم يلمس تضامنًا من اي نوع من جهة دولته ومؤسسات الحكومة.
 
 الجنرال الزبن بدا واثقاً تماماً مما يفعله وأعلن مسبقاً عبر عائلته في أن نهش سمعته وسمعة القوات المسلحة مسألة لن تمر بسلام وأنه سيعود «لتصفية الحسابات» ضد كل من روج للشائعات.
 المثير جداً في الموضوع ان قائمة المتهمين التي قدمها محامي الزبن في قضية إشكالية وبتهمة القدح والذم والتشهير تشمل أكثر من 30 شخصاً بينهم ممثلون لموقعين إلكترونيين على الأقل نشرا الشائعات حول الجنرال القوي وعدد من المتقاعدين العسكريين خلافاً للمألوف الأردني حيث لا ينهش المتقاعدون بالعادة بعضهم البعض في الأردن.
 
 
التحقيق القضائي سيكون مثيراً في هذه القضية والجنرال الزبن قد يكون الوحيد من ذوي المناصب الرفيعة سابقاً الذي قرر الاختراق والرد ومقاضاة من يتهمونه وبجرأة تحسب له وتخفف من المتاجرة بسمعة الجهاز الإداري.
 
يبدو واضحاً ان توجيهات عليا صدرت بأن يتمكن الرجل من مقاضاة من يحاولون المساس بسمعته وان يبحث عن الإنصاف بدلاً من تلقي نصائح «الصمت وتجاهل الأمر» خصوصاً بعد تصريحه الشهير الساخر عن المكان الذي يمكنه تخبئة عشرات الملايين فيه.
 
بدا لافتاً ان القضية برمتها مفتعلة من البداية وبأن الجنرال الزبن حصل على الضوء الأخضر الذي يدفعه للقضاء مما يبقي المسألة مثاراً للنقاش لدى الرأي العام خصوصاً وان شائعات الشارع تفضل دوماً التشكيك بطبقة كبار المسؤولين ورجال الدولة.
 
ما لم يفهم بعد هو الطريقة التي تدحرجت في ترويج اتهامات لرجل من هذا الوزن في المؤسسة العسكرية حيث لا يتصور كثير من الخبراء بان اتهامات من هذا الحجم لشخصية من وزن الزبن يمكن ان تولد من «الفراغ» أو أن تتحرك اصلاً بدون رافعة بعنوان تصفية حسابات ومن بعض المجموعات النافذة داخل بعض أذرع العمل الرسمي.
 
يعرف الزبن انه بالقضية الجماعية التي رفعها ضد 300 شخصاً أوقف وبسرعة أولاً سيل ترويج الاتهامات واستقرارها ضده في وجدان الشارع وهذا مفيد جداً. لكنه يعرف في المقابل وثانياً ـ وقد يكون الأهم ـ ان ترويج تسريبات من هذا الصنف ضده لا يبتعد بكل أحواله عند الإنتاج عن حضن بيئة التجاذب المعتادة داخل طبقة النافذين ومراكز القوى.
يعني ذلك ان التجاذب لا زال على قيد الحياة ويمكنه ان يطل برأسه متى تطلبت صراعات النافذين ودون مراعاة لأن «الجميع أصبح متهماً» من طبقة كبار اللاعبين في ذهنية الشارع ليس فقط بسبب ترويج الاتهامات لكن بسبب عدم وجود «إرادة سياسية» في لجمها والرد عليها في الكثير من الحيان.
 
وايضا دون مراعاة لمصلحة البلد وأزمتها الاقتصادية وانفلات إعلامها الاجتماعي ونمو التشكيك في كل الرموز وفي جميع المواقع وكل الأوقات. 
المقربون من الزبن يشيرون الى أنه «عاتب وغاضب جداً» من تفصيلات محددة تعزز القناعة بان الدولة لم تتضامن معه في أزمة الشائعات ضده حيث يشك بمصدر التسريبات ايضا وبرفاق سلاح متقاعدين تضرروا من قراراته أو خاصموه عندما كان رئيسا لهيئة الأركان وبأن بعض مراكز القوى داخل «السيستم» يطيب لها ما حصل معه.
 
 الأهم يلاحظ الزبن على السلطات المعنية بأنها سمحت للأقاويل ضده بالصمود ثلاثة أيام وبأن «النفي اليتيم» الصادر رسميا كان متأخراً وبائساً ولا يشفي غليل الشارع ولا يتميز بالحسم.
لذلك تحرك الرجل عائلياً وركب موجة العشيرة والجهة وقرر اللجوء منفرداً للقضاء فيما كان خارج البلاد تاركاً تسجيل القضية لمحاميه وولده ثم قطع زيارته الخاصة لأمريكا وعاد لعمان تحت يافطة «تصفية الحسابات» عالماً بصفة مسبقة بان الصمت والتجاهل يعني استقرار الاتهامات والعبث فيها بين الحين والآخر.
 
هي على نحو أو آخر «هجمة منفردة ذاتية» يقررها جنرال قاد أهم المؤسسات لسبع سنوات في ظرف إقليمي حرج وبأدوات تقليدية بدلاً من انتظار» تدخل الجهات الرسمية» لإنصافه دون معرفة تداعيات ونتائج ما ستظهره التحقيقات القضائية مع أكثر من 30 شخصاً في واحدة من أكبر قضايا الذم والقدح على مستوى الرأي العام.
 
المشهد برمته قد لا يتعلق بشخص الجنرال الزبن وصدقية الاتهامات ومعاقبة المتسببين بها مسألة تخص القضاء لكن بكل حال مشهد يوحي مجدداً بان مربع طبقة النخبة في الأردن لا زال مزدحماً بأجندات الصراعات بين مراكز القوى، الأمر الذي يمكن اعتباره الأكثر إثارة للحيرة قياساً بظروف المنطقة والبلاد.
 
ما يفهم سياسياً من قضية الجنرال مشعل الزبن من حيث ولادتها اصلاً ونموها وعودته لتصفية الحسابات لاحقاً هو تجدد القناعة بان التجاذب والانفلات وبعيداً عن الجنرال نفسه لا زال يتصدر في فئة سكان الطبقة العليا في الإدارة الأردنية وبأن «العشيرة» دوماً هي الملاذ «الاجتماعي» عندما تقرر جهة ما نافذة في الدولة التخلي عن بعض أولادها وشمول بعضهم الآخر بكل تقنيات الحماية والتضامن.