Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Nov-2017

فيروز والاستقلال.. و«عودة غودو اللبناني»! - محمد كعوش

الراي - في الوقت الذي كانت فيه سيدة كل لبنان فيروز تحتفل بعيد ميلادها، كان لبنان الوطن يتزين للاحتفال بعيد الاستقلال، وكأن القدر ربط بين المناسبتين. في هذا اليوم اللبناني الإستثنائي الشتائي الجميل تقام فيه الأفراح والإحتفالات، وقد ترتكب فيه المذابح ايضا، لولا وعي اللبنانيين وحكمة القيادة.

احتفل اللبنانيون بعيد ميلاد فيروز لأنها تمثل الجمال الذي لا تدمره الحروب، ولأنها انحازت الى مشروع
توحيد الوطن بنشيدها الذي حمى لبنان من الانهيار، وهزم اغاني الخراب، ورفع الذوق العام الى مستوى الصلاة للوطن وتمجيد الحياة والجمال والمحبة، ليس في لبنان فحسب بل في الوطن العربي الكبير، حتى استقرت في الروح الجماعية.
فيروز هي مرجعية قلوب اللبنانيين وعواطفهم ومشاعرهم الوطنية والأنسانية والجمالية، وهي اغنية الوطن، لها المجد في عيدها ارتبط بعشية الأستقلال، والتقى بهذه المناسبة مع عودة رئيس الحكومة اللبنانية الذي كان مغيبا، وهي العودة التي وصفها الرئيس اللبناني بانها مسألة كرامة وطن وشعب.
وعودة الحريري الى وطنه لها قصة اخرى. فقبل عودته تابعت تطورات الموقف الداخلي اللبناني، والذي كان بطله الجنرال عون الذي وظّف صلابته ومرونته وحكمته وحنكته بامتياز، وجنب لبنان الكثير من المشكلات. كما استمعت الى تصريحات أهل السياسة والأقتصاد والمال في لبنان، حتى الى المواطن العادي في الشارع اللبناني، وهي المتابعة التي كشفت عن الكثير من الحقائق.
السياسيون شعروا بالقلق بسبب غياب واستقالة الحريري، خشية العودة الى الفراغ السياسي أو انتشار الفوضى والعنف والانقسام في الساحة الداخلية. ورجال المال والعمال تخوفوا من انهيار اقتصادي في لبنان، ومن كساد في حركة المال والتجارة. اما المواطن العادي اعتبر ان عودة الحريري تنقذ لبنان وتؤمن له الوظيفة والخبز والكرامة، حتى أن احدى المواطنات المتحمسات لعودة الحريري قالت انها بانتظاره عله يساعدها في حل مشكلتها الخاصة، وهذا يؤكد تغليب المصالح المجتمعية والوطنية اللبنانية على المماحكات الطائفية.
الكل في لبنان كان بانتظار الحريري، ولكل اسبابه، وهي الحالة التي ذكرتني بالمسرحية التراجيدية العبثية لصمويل بيكيت بعنوان «في انتظار غودو» وغودو شخصية افتراضية من المفروض ان يكون «المخلّص»، والذي لم يعد ولم يصل الى الأرض القاحلة اليباب، وظل الانتظار فحسب. ولكن الحريري «غودو اللبناني» عاد ووصل، وبعودته ارى أن الحقيقة امتزجت بالمتخيل، دون ادراك التطورات الجديدة والمتغيرات المتسارعة، وتشابك وتشعب الأزمة المتعلقة بشخص رئيس الحكومة، أي أن الأمر المرتجى لم يعد كما كان، واعني أن الجموع ما زالت غارقة في «الوهم الخلاق».
لاحظت أن الرئيس عون الذي دعم عودة الحريري بحراك سياسي ودبلوماسي غير مسبوق، اعلن في خطاب الاستقلال أن لبنان مؤمن بمبدا «النأي بالنفس»، ولكن على الآخرين أن لا يتدخلوا بالشأن الداخلي اللبناني، وربما اقترح الجنرال عون على الحريري أن يتريث بعض الوقت، والرهان على الزمن المتسارع لحل المشكلات المختلف حولها، خصوصا بعد اعلان الحسم العسكري في العراق وسوريا، وهذا يعني اقتراب موعد سحب مقاتلي حزب االله، وبدء الحل السياسي الذي اعلن عنه الرئيس بوتن.
الرئيس الحريري، بعد التشاور مع الرئيس عون، قبل بتعليق الاستقالة، ولبس الأزرق وعاد لمخاطبة جماهيره، ولكن هذا يعني تجميد الأزمة لا حلها. واعتقد ان هذه الأزمة ستفتح البواب أمام اثارة مسألة ازدواجية الجنسية بالنسبة لكبار المسؤولين في لبنان، مع احتمال استمرار التدخل بالشؤون اللبنانية الداخلية، لذلك سيبقى لبنان كمن يجلس على برميل بارود، ومن السهل العبث بامنه واستقراره، اذا لم يتوحد اللبنانيون ويدافع الجميع عن الجميع، واذا لم يرتفع الوعي الشعبي اللبناني الى مستوى الحدث.