Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Feb-2020

بُؤس الخطاب الفلسطيني في الجامعة العربية..!*علاء الدين أبو زينة

 الغد

كان خطاب الرئيس الفلسطيني في الجامعة العربية مؤخرا عرضا لمنتهى البؤس الذي وصل إليه حال الفلسطينيين. كان استجداء صريحا للعطف على أساس تعداد التنازلات الفلسطينية، وعلى أساس أن التنازلات تروق للكثير من الدول العربية التي لم تعد تخفي ضيقها بالقضية الفلسطينية ورغبتها في تطبيع الكيان الصهيوني. وكان الهدف هو استخلاص دعم شفوي غير أصيل للموقف الفلسطيني.
لكن كلمة الرئيس الفلسطيني عرضت نوعية الخطاب والسياسات التي ساهمت في إيصال الفلسطينيين إلى هذا البؤس. وينبغي التوقف عند الكثير من النقاط التي أبرزت هذه المساهمات. ومن ذلك الإشارة إلى أن أميركا شاركت في صياغة وعد بلفور قبل أكثر من مائة عام، ثم قامت بتخريب اتفاقات أوسلو عندما علمت بها. لماذا قبل عباس إذن بالوصاية الأميركية على “عملية السلام” ما دامت عدوا صريحا، تاريخيا ومعروفا للشعب الفلسطيني؟
من الصعب تصديق أن أميركا لم تكن تعلم بمفاوضات أوسلو، أو أنها عرفت عنها من رابين ولم تأخذ كلامه على محمل الجد، ثم سعت إلى تخريبها بعد توقيعها. من المعروف أن الكيان، بزعامة نتنياهو معظم الوقت منذ أوسلو، لم يرد السلام أبدا. والسبب أن “السلطة الفلسطينية” منحته احتلالا “خمس نجوم”.وكما قال عباس. فإن الاتفاقات التي لا قيمة عمليةً لها -بل التي خربت بيوتنا- والتي امتدحها وهي الخديعة التي كان ضحيتها، نصت على إقامة دولة فلسطينية في خمس سنوات. ولم ينفذ الكيان التزاماته بموجب الاتفاقيات في المدة المعينة، فلماذا استمرت “السلطنة” في تغطية الكيان كل هذا الوقت لابتلاع الأرض وهدم البيوت وبناء المستوطنات، وخلق “الحقائق على الأرض”؟
قال عباس: “العالم شافوا جدّيتنا ونحن نحارب الإرهاب الدولي”. وقال: “حاولنا أن ننشر ما يسمى بثقافة السلام، للجميع، للجميع. احنا عنا في الضفة الغربية أقصى ما يخرج مظاهرة سلمية… طبعا غزة إلها ظروفها ومشكلتنا…”. وقال: “أبقينا الاتصالات مع السي آى إيه. نحن مؤمنون فعلاً بمحاربة الإرهاب المحلي (بلهجة تأكيد على “المحلي”)، والدولي، يعني أي إرهاب…”.
كيف يعني “إرهاب محلي”؟ المقاومة الفلسطينية (إرهاب محلي)؟ وما هو “الإرهاب الدولي” الذي يحاربه الفلسطينيون المقهورون، ضحايا أفظع إرهاب في الدنيا؟ لا يليق بقائد شعب تحت احتلال وحشي أن يصف مقاومة شعبه بأنها “عنف” أو “إرهاب”. وإذا كان الرئيس يقول إننا التزمنا بالنضال الشعبي، “التزاماً بالقوانين الدولية”، فإن مقاومة الاحتلال بكل الوسائل هي حق عالمي لكل شعب. فلأي غاية نخدم خطاب العدو ونصف مقاومتنا بـ”العنف” و”الإرهاب”؟ لم لا يقول الرئيس، مثلا، إننا اخترنا النضال السلمي، مع أن لنا الحقّ دائماً في المقاومة بكل الوسائل، بما فيها الكفاح المسلح، كشعب تحت الاحتلال؟ كان ينبغي التأكيد على هذا الحق المشروع ورفض وصفه غير المحق بالإرهاب.
ثم إن للنضال الشعبي، إذا اختاره الفلسطينيون، وصفة يكررها المعلقون كل يوم منذ فشل أوسلو في السنوات الخمس الأولى: حل السلطة الفلسطينية، وتحميل الاحتلال كلفة احتلاله، والتحول إلى الكفاح من أجل حقوق المواطنة المتساوية ضد نظام “أبارتيد” صريح في فلسطين المحتلة. وقد ذكر الرئيس شيئاً من هذا حين تحدث عن رسالته إلى حكومة الكيان بعد إعلان “صفقة القرن”. قال إنه أخبرهم بأنه سيعيد إليهم “المسؤولية” كقوة احتلال: “عن الأكل، والشرب، والأمن، اتفضل استلم”. وقال عن الأمن: “أقولكم؟ أنا الآن بقدر أشتغل، بقدر أحمي، بقدر أقول كلمة. أقولكم؟ بقدر أجيبلك معلومة عمرك ما بتحلم تجيبها”!
كيف عرف الآن فقط أن بيده تحميل الاحتلال مسؤولية احتلاله وتحملها عنه؟ وما حكاية “بقدر أحمي”؟ يحمي مَن. و”المعلومة”؟ الإرشاد عن خلايا المقاومة ورصدها لصالح العدو؟ الإخبار عن المناضلين المطلوبين لجيش الاحتلال؟ كيف يمكن التفاخر بهذا؟ وما حكاية “أريد دولة منزوعة السلاح”؟ ما حكاية أن أوسلو جعل “92 % من أرض فلسطين لنا و8 بالمائة نتفاوض عليها”؟ أي فلسطين هي التي سيعطوننا 92 % منها؟ أهذه فلسطين في التعريف الفلسطيني؟
تقول الكاتبة “الإسرائيلية” داليا شيندلين: “بدلاً من تعزيز الاعتراف بالضفة الغربية كأرض محتلة والمستوطنات باعتبارها غير شرعية، خلقت اتفاقيات أوسلو التأثير المعاكس… لم يعد يُنظر إلى أوسلو على أنها خطوة نحو إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية… أصبحت أداة قوية لتطبيع السيطرة الإسرائيلية على كامل الأرض الفلسطينية، باستثناء “الثقوب السوداء” التي تشكلها المدن الفلسطينية في الضفة الغربية”.
ويكتب “الإسرائيلي” ميرون رابوبورت: “تستند فكرة ضم المنطقة (ج) بالكامل إلى فرضية أن السلطة الفلسطينية ستستمر في حكم المدن الفلسطينية في الضفة الغربية… سيعتمد (الضم) على استمرار السلطة الفلسطينية في إدارة الشؤون اليومية للفلسطينيين، وكذلك استمرار التنسيق الأمني بين القوات الإسرائيلية والفلسطينية”. هذه كانت أبرز أدوار “السلطة” ومساهمتها في البؤس، فماذا تنتظر؟