Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Jun-2017

ترمب إذ يُعلِن «الحرب».. على الشعب الكوبي! - محمد خروب
 
الراي - لم يلْقَ إعلان الرئيس الأميركي حربه الجديدة على الشعب الكوبي, عبر إلغاء الاتفاق «الفظيع والمُضلّل» الذي عقده سلفه أوباما مع كوبا، الترحيب والمسانَدة على النحو الذي لاقته «تهديداته» بإلغاء الاتفاق النووي الذي وقّعته مجموعة 5+1 مع طهران, والذي أُعتُبِر أحد «إنجازات» الإدارة الديمقراطية السابقة، رغم وصفه هذا الاتفاق الذي لم يجرؤ ترمب على المساس به (حتى الآن) بأنه «أسوأ اتفاق في التاريخ».
 
مَن دعَم تلويحه الغاء الاتفاق النووي مع إيران, هو «حزب الحرب»الذي بات يُسيطر الآن على البيت الأبيض، ويُحكِم قبضته على قرارات الإدارة المُتلعثِمة والمُرتبِكة, مع توالي الفضائح في أروقتها وتصاعُد الخلافات بين أركانها, وسعي معظم الذين ظنّوا أنهم قد فازوا بجزء من كعكة ترمب المسمومة, إلى القفز من سفينته الجانحة طلباً للسلامة وتجنباً للطرد والخروج من موقع القرار,في ظل رئيس لم يُصدِّق أنه بات رئيساً للولايات المتحدة, وأن منصبه يفرض عليه نوعاً من الكياسة والإتّزان والمسؤولية، رغم القناعة المُتزايِدة بأن «الأشخاص» بمن فيهم الرئيس نفسه لا يحكمون,بل هي المؤسسة (الاستبلشمنت) التي تديرها مجموعة من الشركات وأصحاب رؤوس الأموال والأجهزة المختلفة, على نحو يُبقي لهم هامش مناورة أوسع, إذا ما جنح الرئيس بعيداً, أو عرَّض مصالح البلاد واستراتيجياتها الكونية إلى الخطر.
 
ما علينا..
 
الاتفاق مع كوبا الذي أطنب ترمب في استحضار سوءاته, ووصفِه بأنّه «غير متوازن» إلى دَمْغِه بأنه «فظيع ومُضلّل»، كان جزءاً مما يمكن وصفه بـ»إرث» أوباما،هذا الإرث,المتواضع على أي حال,والذي يتعرَّض الآن لعملية شطب مُمنهَجة, سواء في ما خص اتفاقية باريس للمناخ التي أعلن انسحاب بلاده منها, أم في ابقاء سيف التلويح بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، بعد أن افرَغ أحد أهم الإنجازات التي فاخر بها أوباما وهو نظام التأمين الصحي المعروف باسم أوباماكير, (لم يُبق سوى على «إرث»الإدارة الديمقراطية السابقة السيء في إعادة أجواء الحرب الباردة والعداء مع روسيا (التي تُتّهم – للمفارقة – بأنها سعت إلى فوزه, بالضد من هيلاري كلينتون وهي الشائعة التي يتمسك بها حزب الحرب,لمحاصرة ترمب والامساك به كي يبقى تحت سيطرة صقوره)، فضلاً عن التحرش العدواني بالصين وعسكرة الأوضاع في بحري الصين الجنوبي والشرقي، التي رفع ترمب من وتيرتها, ظناً منه أنه بذلك يُجبِر بيجين على تقديم تنازلات, وبخاصة في مجال التبادلات التجارية وخصوصاً عبر افتعال حرب (أو التلويح بها) في مواجهة كوريا الشمالية, وتحميل الصين مسؤولية كبح جِماح بيونغ يانغ، إلاّ أن دبلوماسية حاملات الطائرات والمناورات الواسعة مع جيشي كوريا الجنوبية واليابان، لم تلقَ من الصين سوى الرد الحاسم والسريع، والتحذير بأن الحرب ليست لعبة وأن بيجين ستدافع عن مصالحها وان محاولة احراجها والنيل من صدقيتها عندما أمر الرئيس الأميركي بضرب الأراضي السورية بسيل من صواريخ التوماهوك خلال مأدبة العشاء مع الرئيس شي جين بينغ, لم تنجح في ثني الصين عن المضي قدماً في رفض القبول بأيّ مسّ أميركي بمصالحها وأمنها (لا تنسوا نصب واشنطن لمنظومة (THAAD) خلال تصاعد الأزمة، كذلك فعلت موسكو, التي تدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى, أن حزب الحرب لن ينجح في استدراجها الى مواجهة وفق الرزنامة الأميركية, وخصوصاً على الساحة السورية التي بدأت تثير قلق الجنرالات في البنتاغون، وعلى رأسهم وزير الدفاع ماتيس, الذين لا يؤيدون المزيد من الانخراط الأميركي العسكري في الأزمة السورية (دون إهمال الإستفزازات الاميركية بنشر الدرع الصاروخية والمناورات على الحدود الروسية، وضمّ الجبل الأسود الى حلف الأطلسي).
 
لا يزال أصحاب الذاكرة الحيّة، يتذكرون ردّ الفعل القوي والسريع للرئيس الكوبي راؤول كاستر, عندما ازاح ذراع أوباما اليمنى, وقد حاول الأخير أن «يربت»على كتف كاسترو على عادته مع الرؤساء الآخرين وخصوصاً العرب, في سعي لإسباغ التبعية و»الأبوية» والرعاية, التي يسعى إليها معظم من يلتقيهم من دول العالم الثالث وعالمنا العربي، إلاّ أن الرئيس الكوبي, الذي هو أحد الذين خاضوا نصف قرن من المواجهة مع اليانكي الأميركي, وأحد أكثر الذين يعرفون معنى وهدف كل إيماءة أو سلوك أميركي يهطل عدوانية ويفيض غطرسة، سارع الى إرجاع ذراع اوباما مجبراً إياه على السير إلى جانبه بنديّة وكرامة, وكان له ما أراد، وهي «لقطة» ناجحة ما تزال تجد لها مكانتها في تاريخ التصدّي للعدوان الأميركي المتواصل على الجزيرة «المتمردة», التي يسعى ترمب لإعادتها إلى بيت «الطاعة», بعد الفشل الذريع الذي حصده سابقوه, بدءاً من كينيدي وليس إنتهاء ببوش الإبن, مروراً بكل محاولات السي اي إيه إغتيال الزعيم الراحل والأسطوري فيدل كاسترو, وتنظيم الغزو الفاشل في ستينيات القرن الماضي, الى تفكك الاتحاد السوفياتي وخضوع هافانا لمزيد من الصعوبات, جراء فقدان المساعدات السوفياتية, التي لم تكن سبباً لانبطاح كوبا وركوعها للسيد الأميركي، بل مضت قيادتها قدماً في صمودها ورفضها الحصار الأبشع في التاريخ, إلى ان اضطر أوباما لتعديل (وليس تصحيح) المسار وعلى نحو جزئي وإعادة العلاقات الدبلوماسية ورفع بعض العقوبات وحظر سفر الأميركيين، لكن الرئيس المُرتبِك الحالي يريد اعادة التاريخ الى الوراء, عبر استعادة الاسطوانة المشروخة التي تدغدغ عواطف المتطرفين في الحزب الجمهوري والاستخبارات الأميركية, عندما يطالب بالافراج عن السجناء السياسيين (المزعومين بالطبع) وإجراء انتخابات حرّة في كوبا, وكأن حلفاء أميركا من العرب وغير العرب, هم أمثولة في الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان لكنها البضاعة الفاسدة التي طالما روّجت وتروّج لها واشنطن, متى أرادت تبرير عدوانها على شعب من الشعوب, أو دولة ترفض الخضوع لإملاءاتها, وكوبا هنا ودائماً هي المثال الأبرز والحي والناجح لرفض الغطرسة الأميركية, التي لم تجد من هافانا سوى الرفض الحاسم وإن كانت القيادة الكوبية في بيانها الذي اصدرته تعقيباً على ترهات ترمب قالت: «.. إنّها إنتكاسة للعلاقات الأميركية الكوبية، وانها لن تُضعِف الثورة, مجدّدة استعدادها لمواصلة الحوار (المُحترَم) والتعاون في القضايا, محل الاهتمام المشترك.
 
kharroub@jpf.com.jo