Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Mar-2017

المسؤول وذوقه! - د. صلاح جرّار
 
الراي - لكلّ إنسانٍ ذوقه الخاص به ومواقفه الخاصّة من الأشياء المحيطة ورأيه الخاصّ به في الأمور المختلفة ومشاعره إزاء الناس الذين يتعامل معهم أو الذين لا يتعامل معهم. لكنّه عندما يصبح مسؤولاً في مؤسسة أو دائرة أو وزارة أو غير ذلك فإنّ عليه أن يضع كل ذلك جانباً وأن يعرف أنّ لسائر الناس في مؤسسته أو دائرته أو محيطه أيضاً أذواقهم الخاصّة وآراؤهم الخاصّة ومواقفهم ومشاعرهم وغير ذلك، وعليه أن يتحاشى أن يفرض ذوقه على من هم تحت مسؤوليته في تلك المؤسسة أو يلزمهم بآرائه ومواقفه وأفكاره ومشاعره، لأنّه في هذه الحالة يتحوّل إلى مسؤول متفرّد ومستبدّ ويحول دون أيّ شكل من أشكال التنوّع والاستفادة من هذا التنوّع في تطوير مؤسسته.
 
فلا يجوز لمسؤول تكون ثقافته فرنسية –مثلاً- أن يقرّب إليه كلّ من له صلة بالثقافة الفرنسية ويهمّش كلّ من كانت ثقافته عربيّة، كما لا يجوز لأيّ مسؤول إن كانت ثقافته إنجليزية أن يقرّب إليه كلّ من يتقن الإنجليزية قراءة وكتابة ومحادثة بصرف النظر عن اختصاصه وكفايته، ولا يجوز لوزير مثلاً متخصّص في الفلك أن يجعل كلّ المديرين ورؤساء الأقسام في وزارته من حملة شهادات الفلك، ولا يجوز لرئيس جامعة، مثلاً، متخصّص في مجال ما أن يجعل كلّ نواب الرئيس والعمداء من المتخصّصين في ذلك المجال، ولا يجوز لمسؤول أن يلوّن مؤسسته بلوّنه الخاصّ به، ولا يجوز لرئيس تحرير مجلة أكاديمية يتبنى فكراً معيّناً أن يفرض توجهاته الفكريّة على جميع ما ينشر في المجلة التي يرأس تحريرها، أو أن يختار أعضاء هيئة التحرير جميعاً ممن يحملون الفكر نفسه، ولا يجوز لرئيس تحرير مجلّة أدبيّة أن يحرم شعراء التفعيلة أو شعراء القصيدة العمودية مثلاً من نشر موادّهم في مجلّته، لأنه يؤمن فقط بقصيدة النثر، كما لا يجوز لرئيس تحرير تلك المجلّة إن كان من أنصار الشعر العمودي أن يحرم شعراء التفعيلة من النشر في مجلّته.
 
إنّ الأصل في إدارة المؤسسات العامّة أن يراعي المسؤول فيها التنوّع واحترام الرأي الآخر وتحقيق العدالة بين مختلف الأذواق والتوجهات والأفكار وأن لا يفرض لوناً واحداً من الإدارة والأداء على مؤسسته، لأنّ اللون الواحد في أيّ مؤسسة مؤذن بفسادها وتراجعها وإخفاقها في النهوض بمسؤولياتها في خدمة المجتمع بمختلف أطيافه وألوانه دون تمييزٍ أو محاباةٍ.
 
salahjarrar@hotmail.com