Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Nov-2019

مقعد وصفي التل لا يزال شاغرًا*حسين الرواشدة

 الدستور

يحتفي الاردنيون اليوم بذكرى استشهاد وصفي التل، صحيح ان للفقيد في ذاكرة الاردنيين قيمة ورمزية خاصة لم تتراجع، لكن الصحيح ايضا ان احياء هذه الذكرى في هذا الوقت، يحمل رسائل مزدحمة بالمعاني والدلالات، نتمنى على لواقطنا السياسية ان تستقبلها كما يجب.
 معظم الذين يداعبهم حلم ذكرى وصفي التل في الذكرى ال ( 48) لاستشهاده هم من جيل الشباب، وهؤلاء ولدوا بعد استشهاده بعشر سنوات على الاقل، كما ان احتفاءهم لم يكن بشخص الشهيد وانما بالقيم التي حملها وجسّدها خلال ممارسته للعمل السياسي كرئيس للوزراء، ومن اهمها علاقته مع الناس وثقته بهم واخلاصه للوطن ونظافة يده وشجاعته في مواجهة التحديات.
حين ندقق في «سرّ « هذا الاحتفاء نكتشف ان مثل هذه القيم تراجعت واصبحت غائبة في واقعنا، كما نكتشف ان الفراغ الذي تركه وصفي، كإنسان ورجل دولة، ما زال شاغرا لم يستطع احد ان يملأه، ربما يقال هنا ان السر في استحضار وصفي رحمه الله يتعلق بحادثة اغتياله، وان الشهادة هي التي اعطته هذا الالق وحفرت له مكانا في الذاكرة الاردنية، هذا صحيح لكنه لا يكفي لكي نفهم الصورة من كافة زواياها،الامر الذي يجعلنا نبحث عن «اسرار» اخرى تفصح عن معنى ارتباط ذكرى وصفي بذاكرة الاردنيين، واستدعائهم لها، وهي اسئلة تحتاج الاجابة عليها الى البحث في ثلاثة عناوين:
الاول شخصية الاردنيين الجمعية ومزاجهم العام وما يؤثر فيه ويحركه بصدق، الثاني شخصية وصفي التي استطاعت ان تفرز من الناس افضل ما لديهم، وان توظف اختلافاتهم وفقرهم وتعبهم في معركة بناء الاردن واعتباره قضيتهم الاولى والاخيرة، الثالث الواقع الحالي – بما فيه من ازمات وتحولات – الذي دفع الناس الى «الالتجاء» لروح وصفي، والبحث فيه عن بصيص امل او خلاص.
كان يفترض – بالطبع – ان نستثمر في هذه الرسائل، وان نفهمها في سياق اعادة ثقة الناس بالدولة ومؤسساتها ورجالاتها، كما كان يفترض ان نخرج من صندوق الذات الى فضاء الفكرة والقيمة، واقصد هنا ان نتجاوز ذكرى وصفي الشخصية على اهميتها الى ما اسسّه من قيم ومواقف ساهمت في الحفاظ على الدولة الاردنية في مرحلة عصيبة، خاصة ونحن نواجه اوضاعا اسوأ واخطر، ونحتاج الى قرارات حكيمة وجريئة كتلك التي اتخذها وصفي التل ثم اعاد الاردنيون استذكارها الان، وكأنهم يرون فيها المخرج لبلدهم من الازمات التي تحاصره.
يدرك الاردنيون ان وصفي رحمه الله لن يعود، لكن القيم التي حملها لم تمت ويمكن ان تستعاد، اما كيف؟ هذا يتوقف على الاردنيين انفسهم، كما يتوقف على الدولة التي حملت وصفي الى الرئاسة وضحى من اجلها بروحه، ارجو ان لا تسألني عما يجب ان يفعله الاردنيون، فما المسؤول عنه بأعلم من السائل.
تبقى الاسئلة الصعبة، وهي: هل تغير الاردنيون فعلا، وفي اي تجاه، ولماذا يشعرون اليوم باليتم، ثم ماذا عن بعض النخب السياسية التي لا تزال تصر على ان تصدم الناس بمواقفها،، و»تدوّر» المصالح والمناصب فيما بينها..ماذا عن المشروع الوطني الذي نبحث عنه ولا نجده، وماذا ايضا عن امل الاردنيين وحلمهم في «وطن عزيز» وعيش كريم..؟