Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jan-2019

الأردن وهو يتهيأ لإعلان «نعي النووي»: خدمات «غامضة» بالجملة والتقسيط لاتفاقية «الغاز مع العدو»

 القدس العربي-بسام البدارين

تبدو لجنة الطاقة البرلمانية الأردنية أمام خيارات معقدة سياسياً إذا ما أصر القطب البرلماني صالح العرموطي ومن خلفه كتلة الإصلاح المعارضة على العودة لمناقشة اتفاقية الغاز مع العدو الإسرائيلي وسط تجدد مؤشرات الحراك والاعتراض الشعبي على هذه الاتفاقية الخطيرة التي تدخل حيز التنفيذ قريباً.
لا يمكن عملياً تحديد الجهة التي نصحت العرموطي ورفاقه في الكتلة القريبة من التيار الإسلامي بالإلحاح والإصرار على عقد جلسة مناقشة عامة تستجوب الحكومة في ملف اتفاقية الغاز المسروق من الفلسطينيين، الذي سيباع للأردنيين ضمن صفقة مشبوهة وتشكل خطراً استراتيجياً، على حد تعبير العرموطي نفسه.
لكن ذلك حصل بكل الأحوال، وقد يتجه مجلس النواب، وضمن خطته، للاسترسال في إظهار قدر من المرونة تجاه الشعبوية، الأمر الذي يوحي بمجازفات في التقدير التشريعي ليس بالضرورة أن تنتهي بتضييق الخناق على تلك الاتفاقية الحساسة بناء على نصائح تلقاها بعض النواب من إعلاميين مخضرمين وخبراء في الشأن البرلماني.
بكل حال، شكل المجازفة المحتملة هنا مفتوح على الاحتمالات، فالإخفاق في وقف تقدم اتفاقية الغاز قد يعني ضمنياً وليس دستورياً تقديم خدمة لبقائها يمكن أن تفهمها السلطة التنفيذية أو غيرها لاحقاً باعتبارها نمطاً من شرعنة هذه الاتفاقية.
بعض النواب يتقبلون مثل هذا التحذير وفقاً لتصور يقول بأن الحد الأدنى المنطقي والوطني-ما دامت سلطة التشريع غير قادرة على إعاقة اتفاقية الغاز الإسرائيلي-هو بقاؤها في دائرة الاشتباه والشبهة بدلاً من تمكين الحكومة أو الجهات الخفية التي تدعمها داخل البلاد أو خارجها من الاحتفاء بالإخفاق البرلماني في إعاقتها.
في أوساط اللجنة القانونية في مجلس النواب يؤشر عديدون، من بينهم رئيس اللجنة النائب عبد المنعم العودات وعضوها الخبير والعميق حسين القيسي، على أن الاتفاقية نفسها قد لا يوجد ما يجبر السلطة التنفيذية على عرضها على السلطة التشريعية، فهي مثل بقية الاتفاقيات بين شركات، ولا ينص الدستور أو القانون على تمتعها بالشرعية عبر إقرارها برلمانياً.
ذلك لا يعني بمطلق الأحوال أنها اتفاقية شرعية وطنياً وسياسياً، بل قانونية، بمعنى أنها بين شركات في السوق، وحظيت بغطاء سياسي.
إصرار العرموطي ورفاقه على استهداف هذا الغطاء السياسي هو التكتيك المطروح وأشبه بصيغة «خدش العملاق».
لكن تلك، برأي محايدين وخبراء، جملة تكتيكية لن تسحب الغطاء السياسي ولن تعيق المضي قدماً باتفاقية الغاز المسروق بقدر ما يمكنها من تقديم خدمات سياسية تجعلها أمراً واقعاً ودائماً.
التحذير من خطورة تلك الاتفاقية لا يشمل التيار الإسلامي أو الحراكات الشعبية فقط، فبعض الشخصيات البارزة حذرت منها أمام «القدس العربي»، مثل وزير البلاط الأسبق المحسوب رمزياً على عملية السلام الدكتور مروان المعشر، الذي أظهر في مناسبات عدة استغرابه الشديد من حكمة ومعقولية استسهال وضع مصير ملف استراتيجي وخطير مثل الطاقة في حضن إسرائيل التي انقلبت تماماً، كما يرى المعشر اليوم، على الأردن والأردنيين دولة وشعباً.
تلك كانت مغامرة غير محسوبة برأي المعشر، وجملة الاستغراب نفسها سمعتها «القدس العربي» أيضاً في حوارات جانبية متعددة مع رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، الذي يسترسل في التذكير بخطورة تمكين دولة بمشاريع استيطانية مثل إسرائيل من السيطرة على احتياجات النفط والطاقة الأردنية.
يبدو أن في الأفق من يربط، ولو بصوت خافت، بين مشروع إلغاء النووي الأردني فجأة وجهات متعددة ترغب في تمكين صفقة الغاز من التحكم والسيطرة ليس فقط على احتياجات الأردنيين من النفط والطاقة، بل على السوق الأردنية نفسها وبصورة تطبق فعلاً شعار الحراكيين اللافت والقائل «غاز العدو احتلال».
بمعنى آخر، تمكين الغاز الفلسطيني المسروق إسرائيلياً من الاستفراد بالأردن في مجال الطاقة تطلب فجأة، وبعد إنفاق عشرات الملايين من الدولارات، إصدار شهادة وفاة تنعى المشروع النووي الأردني إجرائياً وعملياً، لكنها تمارس هذا النعي إعلامياً أيضاً في حال التدقيق بتصريحات الأب الروحي للمشروع، وزير التنمية والتعليم الأسبق وقليل الكلام الدكتور خالد طوقان. ويحصل ذلك بالتزامن مع قرار غريب للحكومة الأردنية بوقف تراخيص إنتاج الطاقة البديلة.
هنا، تبدو المفارقة أصعب وأكثر مرارة عندما يتعلق باستثمار إسرائيلي معقد لاحتياجات الأردن في مجال الطاقة، على اعتبار أن ارتفاع فاتورة الطاقة للمملكة هو السبب الرئيسي لأزمة عجز الميزانية المالية.
وعلى اعتبار أن اتفاقية غاز العدو أصلاً لم تكن خياراً للأردن بقدر ما كانت قراراً أمريكياً تعلم «القدس العربي» جيداً أن من وقف وراءه وبضغط عنيف نائب الرئيس الأمريكي الأسبق جو بايدن خلافاً، لأن بعض تفاصيل ومفاصل وأوراق هذه الصفقة لا تزال مصنفة سياسياً وإعلامياً وشعبياً تحت عنوان «سري.. غامض ..وحساس وغير مكتوم».