Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Jan-2020

لماذا قتلت واشنطن سليماني في هذا التوقيت؟*فهد الخيطان

 الغد

كان متاحا لواشنطن تصفية الجنرال قاسم سليماني قبل هذا التاريخ. طهران وعلى لسان مسؤولين كبار أكدت ان الجنرال سليماني كان يتنقل بأقل قدر من الحذر، وفي رحلته الأخيرة من دمشق لبغداد وصل على متن طائرة ركاب مدنية.
إسرائيل بنفوذها الاستخباري الواسع في المنطقة، كانت قادرة على اصطياد سليماني في سورية أو لبنان، وقد سبق لها خلال السنوات الأخيرة من الصراع في سورية أن استهدفت قيادات عسكرية إيرانية، واخرى من حزب الله أكثر من مرة.
إدارة ترامب لا تخطط لحرب مفتوحة مع إيران، خاصة وأنها على أبواب حملة انتخابية شرسة. ونتنياهو المطارد من القضاء يستعد هو الآخر لانتخابات مصيرية، فإما رئاسة الحكومة أو السجن. وبالنسبة للنخبة العسكرية الإسرائيلية، العمل على احتواء النفوذ العسكري الإيراني في سورية تحديدا هدف مقبول ومعقول في هذه المرحلة.
تطورات الأزمة الداخلية في العراق هى التي فرضت على واشنطن مراجعة قائمة أهدافها. الاحتجاجات الشعبية في بغداد وعموم المدن ذات الأغلبية الشيعية، صنفت إيرانيا على أنها مخطط أميركي لتصفية النفوذ الإيراني في العراق.
المحتجون في أكثر من مدينة عراقية صبوا جام غضبهم على إيران، وأحرقوا مقراتها الدبلوماسية واستهدفوا أحزابا موالية لطهران. وفي محاولة من القوى المحسوبة على إيران لردع التحرك الأميركي، جرى استهداف مبرمج لقواعد أميركية. واشنطن بدورها ردت بضربات موجعة لقواعد الحشد الشعبي والفصائل المحسوبة على إيران.
بمعنى آخر، الصراع على العراق بين إيران واميركا بلغ مرحلة الحسم، وشعرت طهران بالحاجة للرد على المخطط الأميركي بهجوم حاسم لإنهاء أو تقليص النفوذ الأميركي في العراق لأقل مستوى ممكن. بعبارة أخرى أدرك الطرفان بعد سنوات من اقتسام النفوذ بأن العراق لم يعد قابلا للقسمة على اثنين.
ومن المعلومات الاستخبارية التي سربها الجانب الأميركي، واسترسل مسؤولون عراقيون في شرحها لوكالة “رويترز”، يبدو واضحا أن الجنرال سليماني قرر الدخول في مواجهة حاسمة مع واشنطن، بدأت بالزحف على سفارتها في بغداد، بالتزامن مع خطة لتوجيه ضربات قوية لقواعدها العسكرية هناك تحت غطاء المقاومة الشعبية للوجود الأجنبي، لإجبارها على الهروب في سيناريو يحاكي الهزيمة الأميركية في فيتنام، والاندحار المهين لإسرائيل من الجنوب اللبناني.
لكن يبدو أن الجنرال بالغ في حساباته وتوقعاته لسلوك واشنطن، فقضى ضحية لخطأ جسيم في تقدير الموقف.
إدارة ترامب غير معنية بحرب كبرى مع إيران كما ذكرت من قبل، ولو كانت تبحث عن ذريعة لعمل عسكري لاستغلت الهجوم الكبير على منشآت “أرامكو” السعودية لشن حرب واسعة النطاق. لكن الإدارة الحالية وبرغم غطرستها المفرطة، تتصرف بحس براغماتي رفيع، ولا تقدم على خطة عسكرية إلا إذا كانت حياة مواطنين أميركيين ومصالح أميركا المباشرة وليس الحلفاء في خطر، في وقت تتولى فيه إسرائيل، الوكيل الحصري لواشنطن، إدارة الصراع مع إيران في الساحتين السورية واللبنانية.
القيادة الإيرانية تتمتع بنفس الحس الذكي، ولن تقدم على خطوات متهورة، تجرها لمواجهة عسكرية باهظة التكاليف.
مقتل سليماني على يد ترامب الذي حرص على التأكيد بأن القرار اتخذ بأمر شخصي منه، وفي ذلك رسالة تفهمها طهران، لا يستدعي ردا خارج منطقة الصراع، أي العراق.
الطرفان سيحرصان على عدم توسيع دائرة المواجهة خارج حدود العراق، إلا إذا وقع أحدهما بخطأ في الحسابات على غرار ما حصل مع سليماني.