Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Apr-2021

الوضع في القدس متفجر

 الغد-هآرتس

 
بقلم: عاموس هرئيل 21/4/2021
 
في الوقت الذي يتركز فيه اهتمام إسرائيل الإستراتيجي على إيران ومعظم وقت يقظة السياسيين مكرس لمناورات بقاء يائسة، فإنه يتبلور في هذه الأثناء خليط متفجر في القدس حول الساحة الفلسطينية. وهذا مزيج إشكالي يتكون من أحداث محلية، عصبية شهر رمضان وتأثير الشبكات الاجتماعية واستيقاظ نشطاء يمين يهود. في الخلفية تتشكل أزمة سياسية بين إسرائيل والسلطة حول مسألة اجراء الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في شرقي القدس.
الصور من وسط القدس ليلة أول أمس ذكرت بمشاهد كان من الأفضل نسيانها من الصيف الحزين للعام 2014. قبل سبع سنوات الرغبة في الثأر لقتل الفتيان الثلاثة الذين تم اختطافهم في غوش عصيون أدت إلى قتل الفتى محمد أبو خضير. أيضا في هذه المرة قام الشباب اليهود باصطياد مارة عرب في مركز المدينة. أحدهم تم ضربه. سبب الاشتعال في هذا الأسبوع متواضع أكثر وهو أفلام فيديو قصيرة تم نشرها في الشبكات الاجتماعية عبر تطبيق “تيك توك”، التي قام بها شباب فلسطينيون بتصوير أنفسهم وهم يهاجمون يهودا، على الأغلب أصوليين أو متدينين، في شوارع القدس وفي القطار الخفيف. كالعادة، أيضا رجال يمين متطرفين ساهموا في التطرف والمطالبة بالثأر.
ساعد في دائرة الهجمات وعمليات الثأر توتر معين متعلق بشهر رمضان. الأعصاب في شرقي المدينة متوترة حول مسألة قرار الشرطة في القدس في منع تجمعات على الدرج في ساحة باب العامود، وحسب قول الشرطة لأسباب أمنية.
في الشبكات الاجتماعية يتم توثيق عنف شرطي ضد سكان البلدة القديمة الفلسطينيين. ففي المواجهات شارك مئات الفلسطينيين وعشرات رجال الشرطة، وأصيب عدة إشخاص بإصابات طفيفة. نير حسون شرح في “هآرتس” بأن إغلاق الدرج اعتبر في شرقي القدس رمز للإهانة من قبل إسرائيل من خلال المس بتقاليد شهر رمضان.
كالعادة، ايضا صراعات الحرم تصب الزيت على النار. ففي الاسبوع الماضي قامت الشرطة بقطع كوابل مكبرات الصوت في المسجد الاقصى كي لا يزعج صوت الأذان الاحتفال بيوم الذكرى في حائط المبكى. على خلفية قيود الكورونا، إسرائيل سمحت بدخول 10 آلاف فلسطيني من الضفة الغربية لأداء الصلاة في شهر رمضان في الحرم، شريطة أن يكونوا أخذوا التطعيم. فعليا، الكثير من الفلسطينيين يريدون المجيء، ولا توجد رقابة حقيقية على مسألة هل تم تطعيمهم، رغم أنه في الضفة الغربية يواصل الفيروس التفشي (معظم من أخذوا التطعيم هم عمال يعملون في إسرائيل والمستوطنات).
الأحداث الأخيرة في القدس تضاف إلى أحداث حدثت في يافا في الأيام الاخيرة. هناك ضرب العرب رئيس مدرسة دينية، وبعد ذلك حدثت مواجهات عنيفة بين السكان العرب ورجال الشرطة. الأحداث تجري في نقطة حساسة في العلاقة بين اليهود والعرب، على خلفية الوضع السياسي الاستثنائي، حيث قائمة راعم تحاول للمرة الأولى التموضع مثل كفة ميزان بين الكتلة المؤيدة لنتنياهو والكتلة المعارضة له. في المقابل، قائمة الصهيونية الدينية، اليمينية المتطرفة، اعلنت أنها لن تشارك في ائتلاف يعتمد على أعضاء كنيست عرب، حتى لو قاموا بدعم الحكومة من الخارج.
البحث عن ذريعة
في الخلفية يستمر الشرك السياسي الذي تشكل أمام السلطة الفلسطينية. والذي كله من صنع يد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس. عباس فاجأ إسرائيل وربما نفسه، عندما قرر في السنة الماضية الذهاب الى عملية انتخابات عامة في الضفة وفي القطاع، وذلك للمرة الأولى منذ 15 سنة. حماس تتعاون معه في ذلك، وايضا في فتح كان هناك في البداية تأييد واسع، نسبي، لهذا القرار. سواء على خلفية الحاجة الى شرعية لمواصلة حكمه أو لأن عدد من الشخصيات الرفيعة الخاضعة له تعتقد أن الانتخابات ستساعدها في ترسيخ مكانتها قبل الصراع على وراثة الزعيم ابن الـ 85 سنة.
ولكن في هذه الاثناء يزداد الخوف في قيادة السلطة من نتائج الانتخابات، والى جانبه الصعوبة في كبح لاعبين مستقلين مثل مروان البرغوثي، ابن فتح المسجون في إسرائيل منذ 19 سنة، لكن يبدو أنه مصمم على فحص هل شعبيته في الضفة الغربية ستترجم الى نجاحه مرشحا للرئاسة. عباس تم تحذيره عدة مرات من قبل محدثيه الإسرائيليين من أن المراهنة على الانتخابات يمكن أن تنتهي بهزيمة ترفع حماس الى السلطة في الضفة، والتي ستجد فتح صعوبة في النهوض منها.
مؤخرا تتلمس شخصيات كبيرة في السلطة إمكانية قيام إسرائيل بإنقاذهم من هذا الشرك. الفكرة التي تم طرحها كانت تتعلق بتضخيم الأزمة حول تصويت سكان شرقي القدس. حكومة إسرائيلية يمينية ستجد صعوبة في الموافقة على وضع صناديق اقتراع للسلطة في شرقي المدينة (رغم أن هذا الامر حدث في السابق في فترة حكومة بيرس، شارون واولمرت، في الانتخابات التي جرت في السلطة في الأعوام 1996 و2005 و2006).
إن رفض إسرائيل يمكن أن يوفر لمحمود عباس ذريعة لتأجيل الانتخابات، بحجة أن إسرائيل لا تمكنه من إجراء عملية ديمقراطية نظيفة، وهو لا يمكنه التخلي عن أبناء شعبه في القدس. ولكن في هذه الاثناء إسرائيل لا ترسل لعباس رسائل واضحة حول ذلك. في قنوات غير رسمية تم التوضيح بأنه ازاء الوضع السياسي الذي يثير الشفقة، والسائد في الجانب الإسرائيلي، لن يكون بالإمكان إعطاء إجابة متفق عليها حول شرقي القدس في الوقت القريب. الكرة بقيت في الملعب الفلسطيني قبل نحو شهر من الموعد المخطط لإجراء الانتخابات للمجلس التشريعي.
إسرائيليون على اتصال مع المقاطعة في رام الله تولد لديهم الانطباع بأن القرار سيتم اتخاذه. وعباس حسب قولهم، استوعب بشكل متأخر حجم المعضلة وهو الآن يبحث عن سلم من أجل النزول عن الشجرة. في قيادة السلطة يقلقون بشكل خاص من قائمة المرشحين الجذابة التي بلورتها حماس في الوقت الذي فيه فتح متنازعة ومنقسمة. في هذه الظروف تزداد حسب رأيهم الاحتمالات لاعلان قريب لمحمود عباس عن تأجيل الانتخابات، حتى دون ذريعة إسرائيلية.كلما تأخر هذا الإعلان إلى موعد قريب من موعد الانتخابات، فإنه يمكن أن يستقبل بصورة أكثر هياجا في المناطق.
هناك شك كبير هل هذه المناورات المعقدة تشغل الشباب الفلسطينيين الذين يتصادمون مع رجال الشرطة في الليل قرب باب العامود، ولكن عدم الوضوح حول الانتخابات في السلطة يضيف المزيد من الكبريت على النار المشتعلة في القدس، والتي يمكن أن توفر ذرائع اخرى للمقاومة حتى في الأيام القريبة القادمة. وإزاء الحساسية السياسية في الجانب الإسرائيلي، لن يكون من المفاجىء اكتشاف أن الأحداث العنيفة في المدينة مجندة لخدمة مناورات نتنياهو من اجل البقاء، الذي يحتاج الى دعم أحزاب يمين أخرى في محاولة للتمسك بالحكم.