Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-May-2017

أعلام الزركلي وتاريخ الأردن - ابراهيم العجلوني
 
الراي - أختلف بين الحين والحين الى كتاب «الأعلام» لخير الدين الزركلي, لا لأطلب علماً استيقنه, اذ «الأعلام» لا يعدو كونه اختيارات ذاتية (غير موضوعية) لصاحبه, يحكمها مزاجه الخاص ولا يضبطها منهج واضح, ولا ترتد الى مقياس يمكن الركون اليه. ولكني, وبعد قراءتي لكتاب الزركلي «عامان في عمان» صرت ابحث في «الاعلام» عما يؤكد ظني بأن الرجل يتجافى عن كثير من الحقائق المتعلقة بتشكّل الدولة الاردنية الحديثة, وأن له حفيظة مستوفزة – لسبب أو لآخر – على الملك المؤسس, وأن ذلك لا يخفى على من يتتبع ما جاء في كتابه عن الملك عبدالله بن الحسين (الجزء الرابع) وعن عادل ارسلان وعن الملك طلال بن عبدالله (الجزء الثالث) وعن الشريف الحسين بن علي (الجزء الثاني), اذ لم تخل ترجماته لهم من لحن القول الذي ينم على غياب الموضوعية وعلى انطواء الرجل على ضغينة لم يستطع أن يكتمها فتخايلت بين سطوره.
 
أما كتابه «عامان في عمان» فيظهرنا على سببين رئيسين اثارا الزركلي او جعلاه يتخذ موقفاً سلبياً من الملك المؤسس: أولهما أنه اعفاه من منصبه وكف يده عن مسؤولياته, وثانيهما أنه تعاظم من الملك عبدالله الأول أن يكون رفيقاً بزعيمي شمال الاردن (بعد حوادث الكورة المشهورة) كليب الشريدة وراشد الخزاعي, إذ كان من رأي الزركلي أن يكون الاعتناف هو نهج الملك (الأمير انذاك) في التعامل معهما.
 
ونحن لا نعدم اسباباً أخرى تتعلق بالأهواء السياسية أو بألوان الاصطناع التي تدفع الكتاب الى مهاجمة جهة سياسية لصالح جهة اخرى.
 
على أن مما نراه في «الأعلام» وعلى ما فيه من جهد ملحوظ في جمع المعلومات من بطون كتب التراجم المعروفة, أنه لا يتجاوز صفة «الدليل غير المجزئ» للطلبة الشادين والباحثين المبتدئين. وأن قصاراه من الفائدة أنه ينبّهك الى ضرورة الرجوع الى المصادر المعتمدة في تراجم الرجال والنساء, مثل «سير اعلام النبلاء» للإمام الذهبي, و»طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي, وغيرهما من كتب أو موسوعات الطبقات..
 
أما تراجم المعاصرين لصاحب الأعلام, فهي انتقائية أو لنقل انها محكومة بغايات المؤلف, وبما يريده لنفسه من حضور بغض النظر عن دواعي النظر الموضوعي أو التأريخ النزيه..
 
***
 
ولقد طُبع «الاعلام» اكثر من سبع عشرة طبعة الى الان, ونشر كتاب «عامان في عمان» منذ عقود السنين. ولم نر أحداً من المشتغلين بتاريخ الاردن ونهضة العرب الكبرى استوقفه هذا الموقف المتجني لخير الدين الزركلي. كما لم نر أحداً ناقش «القيمة الموضوعية» للكتاب.
 
***
 
إننا لا نبخس الزركلي اشياءه, ولا ننكر عليه جهده في أن يكون له ركن في المكتبة العربية الحديثة. ولكننا نألم لتجافي عقول الرجال عن الحقائق امتثالاً للهوى, أو لأي سبب مما تتهاوى به الأنفس, كما نعجب كيف لم ينتبه مؤرخونا الى هذه السمة التي غلبت على «الأعلام» وصاحبه, بعد كل هذا الزمن الممتد والعقود المتراخية!