Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Dec-2016

الدراما... نهج "تضامن" الجديد لمخاطبة الضمير بقضايا النساء

 

ديما محبوبة
عمان-الغد-  إيمانا بدور الفن في معالجة مختلف القضايا الاجتماعية، عرضت جمعية تضامن النساء الأردنيات فيديو قصيرا بمدة لا تتجاوز عشر دقائق، يشرح مدى الظلم الواقع على الضحية المغتصبة أو المتحرش بها وفقا لقانون 308، وما هي الضغوط التي تتعرض لها الفتاة من المجتمع، معتقدين أن زواجها من المجرم هو "الحل السحري، والسترة المنتظرة".
ويحكي الفيلم عن فتاة بعمر الورود، كل همها الدراسة والنجاح والتقاؤها مع صديقاتها، لكن الشر كان رفيقا لها، فوجود ابن الجيران تحت اسم معجب، كان ملازما لها على شرفة منزلها أو على الدرج أو في طريقها للمدرسة وحتى في البقالة القريبة من منزلها، كما حاول إعطاءها رقم هاتفه من أمام منزلها، وهنا حدثت الجريمة.
الفيلم يبين كيف قامت العائلة بأخذ الفتاة لفحص الطب الشرعي الذي أثبت عذريتها، لكن عمها، الذي وعد بمبلغ مالي من محامي الخصم، بعد تزويجها و"لملمة" القضية، جعلها تتزوج منه، وانتهى الأمر بالفتاة تنتظر جنينها من زواج مكرهة عليه، فيما يعيش زوجها قصص حب عاطفية خارج إطار الزواج، ما جعلها ترمي همها وقضيتها للرأي العام، سعيا إلى تغيير الواقع.
"الفنون والآداب في خدمة قضايا حقوق الإنسان، عموما، والمرأة خصوصا"، بهذا العنوان بدأت الناشطة بحقوق المرأة ورئيس جمعية معهد تضامن النساء أسمى خضر كلامها، مبينة أن الفنون والدراما تصل إلى الوجدان والعقل والضمير معا، وتقدم رسائل غير مباشرة ومبسطة.
وتسهم الدراما بدور كبير في الإصلاح السياسي والاقتصادي، لكن ما يحدث في المجتمع الأردني تحديدا هو تشجيع العنف والظلم في الدراما، فالصور المنشورة عن المرأة في الدراما الأردنية، تظهرها مظلومة ومعنفة بشتى الطرق.
وتلفت إلى أن وجود قوانيين تساعد على الجريمة كقانون 308، وإهداء المجرم هدية على جريمته، بتزويجه ممن اغتصبها أو تحرش بها، كل ذلك يشجع على الجريمة وتحديدا على القاصرات من عمر (15-18 عاما).
وتعتقد خضر أن الدراما جزء أساسي للترويج لأي فكرة تساعد المجتمع على النهوض للأفضل، كأخذ معاناة حقيقية وتمثيلها بأبسط الأدوات مع التركيز على الفكرة المنتهكة للحق الإنساني على سبيل المثال، فأفراد المجتمع يشاهدون، يكونون رأيا في القضية المطروحة، ويفكرون بها من جميع الجوانب، ويغير الرأي العام بقضايا الانتهاكات.
وتؤكد خضر أن الفيديو الذي أنتجته جمعية تضامن النساء الأردنيات عن قصة حقيقية، مع تعديل بسيط، وهو أن الشاب فقط أراد التحدث معها في الفيلم، لكن القصة الحقيقة أن قضيته شروع بالاغتصاب، لكن الجمعية ارتأت التعديل للابتعاد عن خدش الحياء العام، والتركيز على عرض الظلم الواقع على الفتاة وأهلها من المجتمع الظالم والجاهل.
وتضيف، أن الجمعية غيرت منذ العام 2000، طريقة عرض قصصها ووسائل توعيتها للناس، وتسعى لأن تكون قدوة لغيرها، فأنتجت أفلاما عدة كـ"مأساة هدى"، و"إن كنت تقصد قتلي" الذي عرض في مهرجان "كرامة" مؤخرا.
وتذهب خضر إلى أن تفاعل الجمهور مع الدراما التي تعرضها جمعية "تضامن النساء الأردنيات" كبير جدا، ما شجع الجمعية على عرض أفلام قصيرة من فترة لأخرى، وإن كانت بإمكانيات بسيطة إلا أن مفعولها كبير، يعقبها جلسات حوارية تكون أقرب للواقع من التنظير المعتاد، فعند عرض الفيلم نجد شخصا متأثرا، وأخرى تبكي، وآخر يشعر بالغضب، وحجم عدم القبول لمثل هذه التصرفات.
وتشرح خضر مدى تفاعل الحضور، عادة عند وجود مادة فيلمية مقدمة لهم في الجمعية، مؤكدة أنها وسائل تنويرية مهمة، لها تأثير مغاير عن الوسائل الأخرى.
وعن رأي علم الاجتماع في القضايا المصورة، ومدى تأثيرها على المجتمع، يبين اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع، أن أول خطوة للتغيير هي رفع وعي الناس؛ إذ أخذت معظم المؤسسات لأعوام عديدة ماضية هذه الخطوة، لكن بواسطة أساليب تقليدية، كالحوارات وورشات العمل، ما يعني أن التشتيت فيها أكبر من كسب الفائدة تماما، كونها أساليب نوعا ما تلقينية.
ومن هنا، كما يقول، ابتكرت بعض الجمعيات أساليب مختلفة ومنها جمعية "تضامن النساء الأردنيات"، وهي أكثر جاذبية للناس وقدرة على توصيل الرسالة ومحاكاة العواطف والعقل.
ويبين أن معظم المؤسسات المجتمعية والتفاعلية تلجأ اليوم إلى الدراما والأفلام القصيرة، التي لا تتجاوز عشر دقائق بفكرة محددة ومختصرة، وفيها تركيز عال تعطي الشريحة المقصودة المطلوب فقط.
ويؤكد جريبيع أن المادة المصورة تعتمد على جميع الحواس، ما يعني أن التركيز فيها أعلى، ويعني أيضا أن الفائدة ومع التكرار خصوصا تعطي رد فعل مع مرور الوقت.
وينصح أي مؤسسة أو مشروع يسعى لرفع التوعية للناس باللجوء إلى الدراما، من خلال نشر مادة فيلمية، ومن ثم مناقشته في حوارات وندوات تؤكد المضمون.
اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يوضح بدروه أن الكثير من الجمعيات تعمل ضد قانون 308، وتوعية شرائح المجتمع المختلفة، و"الضغط لأجل التغيير".
وينوه إلى نشر جمعية "تضامن" مواد مصورة تشرح الظلم الواقع على الضحية، وابتلاءها بحياة لم تسعَ لها، لمخاطبة أفكار الناس، والسيطرة على تفكيرهم عبر التكرار.
ويؤكد مطارنة أن تكرار هذه الوسيلة يغير تفكير المتلقي، من خلال مشاهدة الظلم الواقع على الضحية، وبناء الأسرة على خطأ مسبق، وكأن المغتصب يهدي هدية على فعلته وجرمه، ويكون أفراد أسرة الضحية هم الذين أهدوه بتزويج ابنتهم له.
ويبين أن بناء الأسرة على خطأ يعني دمارا مجتمعيا بالتأكيد بعد زمن؛ إذ يهدى المغتصب عروسته المهضوم حقها والمستضعفة من الجميع وأولهم ذووها، فيكون الزواج، ويتم الحمل، ما يعني وجود طفل يعيش بأسرة موصومة اجتماعيا وأبوين بظروف صعبة، تم تزويجهما في محاولة لإصلاح جريمة، ما يعني وجود قنابل موقوتة زرعت بعد هذا الزواج.
أما بخصوص المادة المعروضة في الفيلم المنتج من جمعية "تضامن للنساء الأردنيات"، فيؤكد جريبيع أن الفجوة في المجتمع كبيرة جدا، فوجهة نظر الناس لهذه القضايا "اجتماعية بحتة بعيدا عن الدين رغم أن ظاهرها ديني".
ويشدد على أن كثيرا من الناس يفسرون حتى الآيات القرآنية حسب فهمهم الشخصي وما يتناسب معهم، ومع تركيبتها الاجتماعية، موضحا أن "الخوف من العيب عند الكثير من الأردنيين هو أكبر بكثير ومسيطر على حياتهم".
ويرى أنه وبالرغم من أن أعداد المتعلمين في الأردن كبيرة جدا مقارنة بالدول الأخرى، إلا أن نسبة الثقافة متدنية، ما يؤكد أن تغيير الوعي هو ما يجب أن يحدث.
وكانت دائرة الإفتاء العام أصدرت مؤخرا فتوى تنص على "قيام الشخص بقتل قريبته بدعوى حماية الشرف وصيانة العرض، فعل محرم شرعا، وأن القتل من أجل الشرف جريمة يجب أن يحاسب القاتل عليها، وأن لا تكون القرابة أو الشك عذرا مخففا له؛ لأن الأحكام لا تثبت بالشك، ولأن القضاء هو من يتولى إصدار الأحكام ويتابع تنفيذها لا الأفراد".