Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-May-2017

اتفاق مناطق «وقف التصعيد».. مزايدات ومناقصات! - محمد خروب
 
الراي - رغم دخول الاتفاق الذي وقعتّه الدول الثلاث الضامنة، روسيا، ايران وتركيا,حيّز التنفيذ بدءاً من الدقيقة الأولى فجر امس السبت،فإن الرفض والتشكيك وارتفاع نبرة البيانات,التي تُصدِرها تباعاً وفي شكل لافت,المعارَضات السورية بأجنحتها المختلفة’السياسية منها وخصوصاً المسلّحة,ما يعكس حجم الارتباك والعجز الذي بات يحكم ردود افعالها,بعد أن وجدت نفسها امام تحدً جديد ومختلف وغير مسبوق، يسحب منها – ضمن امور اخرى –ما تبقّى من ذراشئع وحجج واهية,لمواصلة إرهابها وإطالة أمد الحرب,سواء برغبة ذاتية منها ام إنصياعاً لِأوامر مشغّليها، فإن اللافت في المشهد المُستجِد هو رد الفعل الاميركي على الاتفاق,الذي أفرز مصطلحاً جديداً في مسار الأزمة السورية المتمادية,كان للروس فضل إبرازه وهو «مناطق وقف التصعيد» الذي يؤسس على نحو جدي لوقف اطلاق نار حقيقي,لن ينتهي كما انتهى اليه اتفاق وقف اطلاق النار الاول الذي انجزه اجتماع استانا الاول في 29/ 12/ 2016، والذي كان هو الآخر موضع تجاذب بين الاطراف السورية،الأمر الذي احتاج الى ثلاثة اجتماعات اخرى كان آخرها لقاء استانا الاخير,الذي انتهى الى إتفاق «وقف التصعيد» والذي ما يزال,وربما سيبقى,موضع جدل متصاعد، بعد ان ادارت الفصائل المسلحة ظهرها له وراحت تتنصّل من تبعاتِه وتقول على لسان اسامة ابو زيد الذي يصف نفسه بأنه المستشار القانوني للجيش الحر: بأن المعارضة المسلحة ليست طرفاً في اتفاق مناطق تخفيف التوتر الذي وقعت عليه الدول الضامنة الثلاث,رافضاً اي دور ايراني في سوريا،معللاً هذا الموقف بأن وفد الفصائل حضر الى استانا من أجل مناقشة «تثبيت» وقف اطلاق النار (...).
 
رفْضٌ بلا معنى,ينهض على تبريرات تبدو سخيفة وساذجة ولا تأخذ في الاعتبار موازين القوى على الارض وتتجاهل حقائق الوضع السوري»المعقّد» ودور «اللاعبين» الكثر فيه،فضلاً عن محاولة الهرب الى الأمام والإدّعاء بأن هذا الاتفاق «يُمهّد لتقسيم سوريا» ولهذا فإنهم (في المعارَضات المُسلحة,واولئك الذين يضعون انفسهم في الجانب السياسي) يُزايدون بالاشتراط: ان اي اتفاق لن يكون مقبولاً عليهم,ما لم يتضمن وحدة الاراضي السورِية. وكأن احداً تحدث عن تقسيم,او دعا الى اي اجراء يمسّ وحدة الاراضي السورية,فضلاً عن انهم يراهنون على ضعف ذاكرة الجمهور، عندما «تبنّى» المبعوث الخاص ديميستورا,اقتراحاً يدعو الى «إدارة ذاتية» في شرقي حلب (قبل ان يُحرّر وتستعيد الشهباء.. وحدتها) بدفع وتحريض وموافقة من الرُعاة والمشغّلين في المنطقة,فكان يمكن لهذا «الاقتراح» ان يتكرر في مناطق عديدة,وخصوصاً في الغوطة الشرقية,لكن سيناريو ديميستورا سقَطَ وسُحِب من التداول...بِـ»القوّة».
 
هنا والآن... تكمن القطبة المخفِيّة خلف هذا الرفض المثير للريبة والشكوك لاتفاق مناطق وقف التصعيد ,لذي يهدف في الاساس الى تعزيز وقف اطلاق النار وتخفيف معاناة السوريين ووضع حد لسفك دماء الابرياء.كون الاتفاق يستثني ارهابيي داعش وهيئة تحرير الشام/ النصرة.وهو أمر لا يروق لهؤلاء,سواء في الفصائل المسلحة أم في منصة الرياض حيث أعلنوا صراحة وكتابة انهم يلتزمون «محاربة» داعش ولم تأت «شروط» وفد الفصائل المسلحة التي قدمها وفدها الى مؤتمر استانا (4),بذِكر على «جبهة النصرة»كذلك فعلت منصة الرياض في بيانها يوم امس,الذي حمل عنوان «حول اتفاق المناطق الاربعة في استانا»إضافة الى ان منصة الرياض حاولت التذاكي واللعب على المصطلحات عندما قالت «.. ان هذه المناطق – التي هي بالاساس اقتراح روسي – لا تُعبّر بالضرورة عن مفهوم (المناطق الآمنة)، وان الاتفاق تم التوصل اليه في منأى عن الشعب السوري (...) مُشيرة الى غياب الضمانات وآليات الامتثال لتنفيذ ما نص عليه الاتفاق,ولم تنسَ بالطبع الدخول في مزايدة مع الفصائل المسلحة بالقول:».. فضلاً عن ان الاتفاق لم يتحدث عن ادانة لجرائم النظام وحلفائه – ايران وروسيا – وخاصة مجزرة الكيماوي في خان شيخون».
 
هجوم وانتقاد وتجريم للطرف الآخر,مع إهمال مقصود لتركيا وغزوها للشمال السوري ومع ذلك عدم طرح اي بدائل,بل وصلت العدمية ذروتها عندما اعلنت فصائل المعارضة المسلحة عن رفضها «اي مبادرة او اتفاق عسكري او سياسي,ما لم يكن معتمداً بشكل مُلزِم على قرار مجلس الامن 2118 وجميع القرارات الدولية ذات الصلة,وبشكل خاص القرار 2254»، في الوقت ذاته الذي يقولون فيه ان لقاءات استانا تروم «تثبيت»وقف اطلاق النار وليس اي شيء آخر.
 
على المقلب الآخر,وبعد إعلان الجانب الروسي عن ان المناطق الاربع باتت خاضعة لحظر جوي يسري على باقي الاطراف العاملة في الاجواء السورية,وبخاصة طيران التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن,سواء بإنذار مُسبَق او من دونه، سارعت الولايات المتحدة للتأكيد على انها «ستُتابِع عملياتها الجوية ضد تنظيمي داعش والقاعدة في سوريا.... أينما وُجِدا».
 
ماذا يعني ذلك؟
 
تعمل واشنطن بموقفها هذا,إلى إجهاض الاتفاق,فضلاً عن كونها اتخذت موقفاً «رخوا»من الإتفاق ذاته,ما قد يُشكِّل «غمزة» للمعارَضات السورية للبقاء في مربع الرفض والتعطيل,لأنه لا يتماشى ومصالح الاطراف الراغبة في التصعيد وخصوصا في تقسيم سوريا، ولا تريد هذه الاطراف السورية,سواء من مُسلّحِين وثوار مزعومين ام بعض الدول الاقليمية والدولية,منح الفرصة لهذا الاتفاق المُحدّد المدة لِستة اشهر، كي يُترجَم على الارض وعندها يتم الحكم.. لصالِحه أم عليه.
 
انهم يُجهضون كل الاقتراحات,ويمنحون الأولوية لصوت المدافع وعمليات القتل وتدمير ما تبقى من سوريا.
 
kharroub@jpf.com.jo