Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Aug-2019

هشام البستاني يتأمل الفلسفة المادية الجدلية

 الدستور

بدعوة من «صالون جدل»، في عمّان، قدم الكاتب هشام البستاني محاضرة ذات طابع حواري تفاعلي، بعنوان «ما هي فلسفة الماديّة الجدليّة؟» طرح خلالها تساؤلات عدّة منها: كيف نفهم العالم من حولنا؟ هل هو مترابط أو أنه يتكوّن من عناصر منفصلة عن بعضها؟ ما هي القوانين التي تحكم الوجود وحركته؟
وقال البستاني إن راهنية الماديّة الجدليّة وضرورتها «تنبعان من أن الشكل الاقتصادي-الاجتماعي-السياسي الذي جاءت في سياقه ما زال قائماً وتتكاثر مصائبه، وهنا أقصد الرأسماليّة، ونزوعها الكارثيّ إلى جني الأرباح دون أي اعتبار لا للإنسان ولا للحيوان ولا للموارد الطبيعية ولا للكوكب نفسه، وأشكال «ثقافتها» التسليعيّة الاستهلاكيّة، والشكل الوجوديّ الذي ترعاه وتعزّزه وتعيد إنتاجه لدفع الاستهلاك: الفرديّة والأنانيّة».
وبحسب البستاني فإن الماديّة الجدليّة تقودنا لفهم الظواهر، وفهم العلاقات، تنقلنا من الفهم السطحي، إلى الفهم العميق، من الفهم الذاتيّ (الانطباعيّ، الشعوريّ) إلى الفهم الموضوعيّ (العلميّ، المنبثق من العالم والتجربة والقياس). إنها أداة تنقذنا من ابتذال العالم المعاصر وابتعاده عن التفكير وإعمال العقل مع صعود التسلية والابتسار والاختصار والمقولات الدوغمائية الشعبويّة باعتبارها مقولات معرفيّة». ومن الجانب الآخر، فإن الماديّة الجدلية تسحبنا «من فخ التفكير المثاليّ واسع الانتشار اليوم في الدعاية اليومية للرأسماليّة: أن تغيير العالم يبدأ من الذات (لا من الموضوع)، من الفرد (لا من العلاقات الاقتصادية-الاجتماعية-السياسية وعلاقات القوّة)، وأن تغيير العالم يبدأ من تغيير الفرد أفكاره عن العالم، وانتقاله من حالة التفكير السلبي، إلى التفكير الإيجابيّ، وأن التفكير الإيجابي قادر على تغيير العالم».
ويشدّد البستاني في المحاضرة التي أقيمت يوم الأربعاء الماضي على أن هذا النوع من التفكير «مصيبة جهدت العلوم والفلسفة طويلاً لتجاوزها، لنراها تعود اليوم كدعاية أساسية للرأسمالية، تقي بها نفسها من أي تهديد يعيد الفعل إلى الجماعة (لا إلى الفرد)، ويضع الفعل التغييري في مواجهة الواقع الموضوعي، منتزعاً إياه من عالم الأفكار الذاتيّة».
وينوّه إلى أن «وسائل التواصل الاجتماعي المعاصرة جرّت كارثة على إمكانيّات التركيز والمتابعة التي انخفضت إلى حدّ كبير، وهي تستثير المراكز الحسيّة؛ ما يجعل من المحاضرة المعرفيّة والكتاب الفلسفيّ غير «مسلية» ولا «مثيرة» بما يكفي، لذا من الضروري استعادة التواصل مع الجمهور العاديّ».
يختم البستاني حديثه بالقول إن «الجيل الشاب أكثر اطلاعاً بمعنى ما، ومنفتح على الكثير من الأفكار، والتابوهات والتحفّظات عنده نتيجة لذلك أقل، وملاحظاته وأسئلته أذكى، لكن يبقى أن المساحات المناسبة لهذا التبادل غائبة».