Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Apr-2019

ضجيج «الكراهية» وحروبها*حسين الرواشدة

 الدستور-لماذا غابت ثقافة التسامح بيننا مع اننا اكثر تسامحا مع غيرنا؟ لماذا تفجرت براكين «الانتقام» بيننا مع ان «وردنا» الدائم الذي نكرره عشرات المرات في كل يوم ينتهي «بالرحمن الرحيم»؟ لماذا عجز «تديننا» عن قلع جذور التعصب من تربتنا وفشلت ثقافتنا في ازاحة «قناع» الخصومة عن قلوبنا ووجوهنا؟ ولماذا استدعينا من تاريخنا «داحس والغبراء» ولم نستدع «حلف الفضول» ولا «الايام الحرام» التي كان اجدادنا في الجاهلية يتوقفون فيها عن القتال والصراع وممارسة اي فجور؟ 

اشعر بالمرارة من هذا الطوفان الذي يحاصرنا واخشى من تردد هذه الذبذبات المخجلة التي تستقبلها لواقطنا واتصور ان بمقدورنا ان نتحرك وان نفعل شيئا، فيلس من المعقول ان ندعو لنشر ثقافة التسامح مع غيرنا وان نبشّر بثقافة «الجيران» والحوار والانفتاح مع الآخر ثم نلتزم «الصمت» والكسل تجاه ما تحتاجه مجتمعاتنا من هذه القيم التي اصبحت -للاسف - نادرة وعزيزة.
 هل نحتاج في زمن الخوف والعنف والكراهية لمن يذكرنا بالامن والسلام والحب، ولمن يعيد الاعتبار لقيم ديننا الحنيف التي تحض على السماحة والتفاهم والتعايش؟ قبل اكثر من ثلاثين عاما، وصف المرحوم سعد جمعة مجتمعاتنا العربية بانها مجتمعات كراهية، ولم يكن احد يتوقع آنذاك ان هذه «الدمغة» المقيته ستتحول الى ماركة عالمية مسجلة، وان يجري تصديرها الى عالمنا العربي بمثل هذه البشاعة، تارة على شكل حروب وانقسامات، وتارة اخرى على شكل صراعات وانهيارات، لكننا - للاسف - وصلنا الى هذه النتيجة (هل تفاجأنا بها؟) واصبحت صناعة الكراهية - للاسف مرة اخرى - منتجا وقيمة تتبادلهما البشرية ويتحكمان في علاقاتها على هذه الارض. 
كان يمكن - بالطبع - ان يستبدل سؤال: لماذا يكرهوننا الذي طرح - وما يزال - على صعيد علاقة المسلمين بالاخر بسؤال آخر: لماذا نكره بعضنا او نكره انفسنا، ولماذا لا تصبح المحبة اساسا لعلاقتنا مع بعضنا، ومع غيرنا من البشر، كل البشر، وهل بوسع هذا العالم الذي وصل الى اعلى مستوى من النضج الحضاري ان يخرج من قمقم هذه الكراهية التي تعمقت داخله الى عالم «الحب» والتعايش والسماحة، وهو عالم رحب، يمكن للانسانية ان تجد فيه ما يحقق سعادتها، وان تستثمر نعمة الحياة بكل ما فيها من خير ورفاه.. لكن كيف؟؟ هذا الذي ما يزال معلقا بلا اجابة. 
لا يوجد احق من المسلمين بطرح مشروع «المحبة» - من مهاد انساني وحضاري وديني - الى البشرية في هذا العصر، ولا يوجد اهم من تعميم قيم الاسلام ودعوته الاخلاقية في عالم اوشك ان يستقيل من الفضيلة والخير، فواجب العقلاء من اصحاب الحق ان يرفعوا اصواتهم وسط ضجيج «الكراهية»وحروبها ليبشروا بالمحبة والامن والسلام، وهذه بالطبع فريضة دينية واخلاقية، ودعوة نبيلة سبق لبلدنا ان انتدب نفسه لها.