Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Jan-2019

الشعر والعاطفة

 الدستور-عمر أبو الهيجاء

لم يكن يوما الشعر منفصلا عن العاطفة، فالعاطفة دائما تغذي اللغة بامتداداتها من حيث التصوير والخيال والآمال والفكرة التي يُراد إيصالها من خلال النص الشعري، فكلما امتدت شعرية النص في وجدان الشاعر أورقت العاطفة على لغة القصيدة وصار لها مكان في وجدان وفكر قارئها، فلغتنا العربية في البدء هي لغة حيّة، لغة حسٍّ ومعنى، وما الشعر إلاّ فضاء من تلك الفضاءات التي توارثها العرب منذ خمسة عشر قرنا ولمّا تفتر عاطفتها واحساسنا فيها حتى اليوم.
ونتساءل أين يكمن سرُّ وسحر هذا الكائن المسمى شعر، إنه يكمن بصدق التوجه والإنتماء للفكرة سواء أكانت هذه الفكرة حبيبة أو أرضا أو وطنا أو سماء أو حتى حجرا مهملا في طلل ميت.
قالت العرب سابقا، أعذب الشعر أكذبه وتلك مقولة لا تستقيم في وجدان الشاعر الحق، فالشعر صدق وإخلاص للمبدأ واللغة الحاضن الأول لبذرة الشعر، فلنحرص إذن على أن يكون الحاضن سليما حتى تخرج ثمار تلك البذرة على شفاه من يقرؤها ناضجة فاتنة من غير سوء.
وهناك من الشعراء الذين استطاعوا أنسنة الأشياء من خلال مزج الخيال بالعاطفة، وجعل الأشياء غير صامتة متحركة..، وكل ذلك يتأتى من عاطفة جيّاشة ومخيال خصب، من هنا نتساءل هل العاطفة تختلف عن الحب؟ نجد أن العاطفة بالمعنى الصحيح هي أدق وأشمل وتمتاز بنوع من التدفق العاطفي الذي لايمكن السيطرة عليه وخاصة إذا تملكت العاطفة الإنسان، فيما نرى أن الحب يتمثل بالذاتية أو الخصوصية، فالعاطفة لها فلسفتها عند الشاعر.
من هنا أقول: سيظل الشعر مهوى أفئدة العرب ما دام لسان حالها في التعبير عن تاريخها وأحداثه الصغيرة والكبيرة، سيظل المرآة الأكثر نقاء؛ إذ لم يستطع حتى غير الناطقين بالعربية أن يعكروا صفوه أو ينتقصوا من دوره في إيصال انسانيتنا بمكابداتها وأفراحها إلى العالم أجمع، لن ينفصل الشعر عن العاطفة حتى تنفصل الأم عن أمومتها.