Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Jun-2019

بعيدًا عن الشخصنة والمناكفة*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-كلنا يعلم يقينًا بأن الخصومات وما يتمخض عنها من كيديات مبنية على الشخصنة، تعدّ استراتيجية سياسية، وفي كثير من الدول ترضخ لها كل الحكومات تقريبا، فكثير من الوجوه الجديدة في الطواقم الوزارية تواجه نقدا لاذعا ومعارضات غير موضوعية، تتمخض عن نتائج بل نجاحات بالنسبة لمثيري الكيدية والانتقاد ..فكم من تبديل وتعديل على الحكومات تم وأصبح واقعا سياسيا بسبب من هذه الثقافة، التي ترضخ لها الحكومات حين يتراخى الرأي العام عن التصدي لمثل هذه الصراعات، التي تكرس المراوحة والتأجيل والمماطلة وتجميد التوجهات وتعطيل المساعي الايجابية في بناء الدولة، وتحسين أداء قطاعاتها المختلفة.

وبعيدا عن الشخصنة؛ أورد مثالا عن وزارة الزراعة، التي نالت اهتماما حكوميا منقطع النظير في عهد الرزاز، ولا أقول إن الحكومة السابقة لم تهتم، لكن المتابع المنصف يعلم أن الرزاز، شخصا ورئيس حكومة، يولي القطاع الزراعي اهتماما خاصا، ويعتبر تطويرها من أهم أسس بناء دولة الانتاج، فالقطاع الأول على صعيد الانتاج هو الزراعة، وكثير من الصناعات تعتمد على هذا القطاع، وقبل وبعد هذا ثمة حقيقة انسانية تاريخية تقول إن المزارع هو المهندس الأول للحضارات الانسانية..
تناوب وزيران على حقيبة الزراعة في حكومة الرزاز، قدّم الأول ما يستطيع وسجل نجاحات لا ينكرها أحد، وكتبت عن بعضها في هذه الزاوية، والوزير الحالي أيضا يقدم جهدا مميزا، مبنيا على حقائق لا ينكرها المنصف، فهو مهندس زراعي، له خبرة حكومية طويلة في العمل في هذا القطاع كموظف، ثم خبرة نخبوية سياسية أخرى، نتيجة خدمته العامة كنائب في البرلمان، ترأس اللجنة الزراعية النيابية، وحمل العديد من همومها وملفاتها، وساهم في وضع كثير من تشريعاتها، والأهم من كل هذا ما نراه من جهود وإدارة واقعية حين تسلم حقيبة الزراعة وحمل أمانتها..
هناك من يعتمد استراتيجية المناكفة والخصومات لتحقيق مصالحه، وهو فن في التحصيل نعرفه جميعا، ويمكننا أن نميزه حين يدافع عنه المدافعون أو يقومون بالترويج له، وحين نتعامل بسياسة وديمقراطية فإننا نعتبر أن هذا أداء سياسي مشروع، ولا غبار عليه، فكل المعارضات تلجأ الى تشويه الحكومات القائمة، والتقليل من شأن إنجازاتها ورصد أخطائها ثم ترويجها بطريقة تخدم مصالحها السياسية، لكن المعارضات الأكثر فاعلية في بلدنا ليست أحزابا ولا كيانات قانونية، بل هي صالونات سياسية، وقوى اقتصادية واجتماعية وشخصيات وشلليات وأجندات متضاربة ومتغيرة، فمن الطبيعي أن تتقدم الى درجة تكون فيها بديلا متاحا لأي حكومة تريد التغيير والتعديل والتبديل، وذلك حين يتراخى الاعلام الوطني، فتغيب معه الحقائق، ويصبح الرأي العام محكوما للإشاعة والكيدية والخصومات الشخصية..
ما زال القطاع الزراعي يحتل مرتبة متقدمة في الناتج الإجمالي، حقيقة لا أحد ينكرها، ولم تتراجع الوزارة عن التغييرات التي طرأت على بعض القوانين أو الهيكلة، وما زالت تبلي حسنا وتحقق نتائج إيجابية متصاعدة، وتم تفعيل كثير من المشاريع الزراعية التنموية التي كانت بالأمس حبرا على ورق أو يجري العمل عليها من قبل جهات لا علاقة تربطها بوزارة الزراعة، لا سيما في المشاريع التي تهدف الى تشغيل الأيدي العاملة، حيث تلتزم الوزارة بتنفيذ المشاريع المدعومة من الخارج والتي تحقق فرصا تشغيلية للمتعطلين عن العمل، والمشاريع التي تزيد من الانتاجية وتحقق نموا اقتصاديا للدولة والناس، كإيجاد فرص تنموية للعائلات العاملة في الزراعة في المدن والأرياف والبوادي ووادي الأردن، وحققت الوزارة الحالية نتائج ملموسة على صعيد تفعيل المحطات الزراعية المتواجدة منذ عقود بلا اهتمام ونتائج تذكر، واختفت تقريبا حالات الاختناق التسويقي للمنتجات الزراعية، التي كنا نعيشها موسميا وكانت تدفع بالمزارعين الى إلقاء محاصيلهم في الشوارع، وعلى امتداد الموسم الزراعي لم نشهد جموحا في أسعار المنتجات الزراعية في الأسواق..هي بعض حقائق لا يتجاوزها الموضوعيون حين ينتقدون الحكومة.
لا أقول بأن الحالة مثالية في النتائج التي تحققها وزارة الزراعة، لكنها متصاعدة ومستندة الى كل النتائج السابقة، ويجب أن نعترف هنا بأن لوزيرها الحالي طريقته في إدارته وقد نجح فيها الى حد بعيد، لا سيما في التقاطعات التي تجمع بين الزراعة والبيئة، وأعتقد بأنه قدم نموذجا يستحق الاحترام والدعم والفرصة الكاملة لنرى حجما أكبر من النتائج الايجابية، مع احترامنا لكل من يقلل من شأن هذه النتائج، لكننا نذكر بما كتبناه «كثيرا» وحذرنا منه في هذه الزاوية، بأن التعديل على بعض الوزارات يعطل كثيرا من برامجها ويؤخر نتائجها الإيجابية في التطوير والتغيير والبناء المتراكم، وهذا خطأ وقعت فيه كل الحكومات تقريبا، لأن «لكل شيخ طريقة» وهو ما يجب أن تحذر منه هذه الحكومة.