Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-May-2017

كيف يقرأ الحسن بن طلال مصطلح الأمن - يوسف عبدالله محمود
 
الراي - يدعو الامير الهاشمي الحسن بن طلال قادة العالم وزعماءه ومثقفيه الى «تعزيز ثقافة عالمية للسلام». مثل هذه الثقافة التي يتعطش اليها عالمنا الذي تنوشه الحروب والصراعات هي التي ستضع حداً لكل انواع الاستغلال في الارض.
 
يركز الحسن بن طلال في احدى مقالاته على ضرورة توفير «الأمنين الاقتصادي والاجتماعي». فهما من مستلزمات الاستقرار، هما صماما الآمان لمستقبل البشرية.
 
ومع الاسف فان النظام العالمي الجديد الذي اعقب انتهاء الحرب الباردة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية، لم يعبأ بتوفير هذين «الأمنين» للبشر. تحايل عليهما، ومن ثم قمعهما اشد قمع! في هذا السياق يقول سموه: «فالعنف والرعب كثيراً ما ينشآن نتيجة اليأس السياسي والاقتصادي، لأن التطرف يظهر حينما يعتقد الناس ان لا مستقبل أمامهم». (الحسن بن طلال: الأعمال الفكرية- المجلد الأول، ص 599).
 
الحسن بن طلال يقرأ مصطلح «الأمن» قراءة موضوعية لا تحصره «في مجال التعريف العسكري» كما يفعل الكثيرون. هو يتطلع الى مفهوم اوسع لِ»الامن» يحقق لِ»جميع الناس الحق في حياة كريمة». إن عالمنا مسكون بالرعب واليأس لا يمكن ان يحقق الطموحات الانسانية للبشر يهيب هذا الأمير بقادة العالم وزعمائه الى «تبني مبادرة عالمية تعتمد جميع الموارد السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والثقافية الممكن تصورها لتحسين الظروف المحلية وتقديم سيناريوهات للمصالحة».
 
إن «سيناريوهات المصالحة» ممكنة اذا خلصت نوايا المهيمنين على مقدرات العالم وموارده، فاختاروا «ثقافة السلام» وتبنوها فعلاً لا قولاً!
 
الحسن بن طلال صاحب رسالة انسانية يحاول جاهداً تعميمها عالمياً. وهنا علينا ان نذكر انه هو الذي ادخل قرار «النظام الانساني الجديد الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 كانون الاول/ديسمبر 1980 دون تصويت.
 
يؤمن سموه ان «القيم» هي التي شكلت منذ زمن سحيق جزءاً من الوعي الجمعي للجنس البشري والتي استطاعت ان تحافظ على بقاء البشر وسلامتهم في وجه الزمان». المرجع السابق ص 597.
 
دون صَون هذه «القيم الانسانية» لن ينعم عالمنا بالسلام والاستقرار. دون اعتمادها ستبقى الويلات والانتهاكات. أذكر هنا حين سأل الشاعر طاغور زعيم الهند غاندي عشية استقلال الهند: لماذا يا سيدي لا تدعم الفن والأدب والشعر؟ فأجابه غاندي: قبل ان ندعم الفن والادب علينا ان نوفر الأمن الاقتصادي لجماهير بلادنا!
 
الحسن بن طلال وهو يدعو الى نشر «ثقافة السلام» يدرك انها هي القادرة على توفير الأمن الاقتصادي للبشر، كل البشر. يدرك سموه ان نشر هذا «الامن» ليس بالأمر السهل في ظل الانتهاكات لحقوق الانسان وإثارة النعرات العنصرية هنا وهناك، لكنه ليس بالمستحيل اذا سادت «ثقافة السلام».
 
وبالرغم من كل هذه السلبيات فإنه مُصرٌّ على مواصلة الجهود من أجل مستقبل انساني تنعم في ظله كل الشعوب بنعمة السلام والاستقرار. يقول سموه في هذا السياق: «لكن العالم الذي أصبو اليه هو ضالّتي المنشودة». إنه يستشرف عالماً لا تمييز فيه «حيث يحق لكل فرد ان يحصل على فرصة كي يتطور دون تحيز او تعصب او ظلم، أياً كان نوعه» المرجع السابق ص 601.
 
الحسن بن طلال يدعو «الى اقامة ميثاق انساني مرتبط بأخلاقيات التعاون الانساني غير القطري». «الفرد الانساني» محور اهتمامات هذا الأمير الهاشمي، فتلبية احتياجاته الأساسية من غذاء وتعليم وأمن اجتماعي من شأن ذلك خلق عالم جديد تسوده المحبة ويعمه الوئام.
 
إن التحرّر من الاستغلال الاقتصادي والقهر السياسي والظلم الاجتماعي هو الذي يمكن هذا الفرد الانساني –وكما يقول سموه- من ان «يتطور دون تحيز او تعصب او ظلم، ايا كان نوعه».
 
«ينبغي التركيز على الفرد ومحيطه بما تقتضيه حاجاته وخدماته، بحيث يبقى ضمن تيار التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي السائد».
 
«علينا ان نعترف بالحاجة الى عمل تعاوني للتعامل مع القضايا الاساسية بدل التلهي بأعراضها».
 
ترى متى يأخذ عالمنا بهذه الرؤى المستنيرة التي يطرحها أمير يصبو الى عالم يسوده السلام؟ متى يغدو التضامن من اجل الانسانية والقيم المشتركة هاجس القادة والزعماء في هذا العالم؟ متى تتحرك ضمائرهم إزاء ما يحدث في العالم؟ متى تغدو «الرحمة» اولى أولوياتهم؟ متى تفارقهم «الكراهية» كراهية الآخر؟ الكراهية هي التي تولد «العنف» و»التطرف».
 
متى يقدرون مسؤوليتهم الاخلاقية تجاه «انسانية» تُنتهك محارمها وتداس كرامتها؟
 
متى تخمد ألسنة اللهب التي تأتي على كل الابداعات والانجازات الانسانية التي تراكمت عبر السنين؟. «... مالم نَسدّ العجز في ميزان الكرامة الانسانية ووقار الانسان، سنواجه المزيد من صناعة الكراهية». الحسن بن طلال.
 
robroy0232@yahoo.com