Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Jan-2020

الفايز: رواية «جنوبي» للرواشدة جسدت الواقع الأردني ومثلت الوعي الحزبي والديمقراطي

 الدستور- ياسر العبادي

قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز إن الكاتب والصحفي رمضان الرواشدة، يقدم في روايته الجديدة «جنوبي» قراءة عميقة للواقع السياسي والاجتماعي الاردني لمراحل زمنية متعددة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وصولا الى عام 1989، الذي تجلت فيها التحولات الديمقراطية الكبيرة في الأردن.
وأضاف الفايز، في الحفل الذي رعاه يوم أمس الأول، في المركز الثقافي الملكي، لإشهار وتوقيع الرواية، وأدار مفرداته مدير المركز الأديب مفلح العدوان، إن الرواشدة يسلط الضوء على مجريات الأحداث السياسة في تلك الحقبة الزمنية، وكيفية تعاطي المجتمع الأردني بمختلف مكوناته، وخاصة ابناء الجنوب، سواء كانت احداثا داخلية، أو خارجية كالقضية الفلسطينية، من خلال تحوّلات بطل الرواية الفتى «جنوبي بن سمعان» في تصوير دقيق لحال الأردني وواقعه وطبيعة تفكيره ونظرته للأحداث.
 
والرواية، بحسب الفايز، وإن كانت تروي سيرة بطل الرواية، إلا أنها جسدت واقع حال الأردني في تعامله مع محيطه، ومثلت محاكاة واقعية لمفاهيم الوعي الحزبي والديمقراطي، وإرهاصات العمل السياسي الجامعي، والأسباب التي أدت إلى وقوع أحداث عام 89، بالاضافة إلى أن صفحاتها لم تغفل علاقات الكاتب الاجتماعية وأهلة، من الجنوبين الذين دفعتهم الظروف المعيشية الارتحال إلى عمان، واستقر أغلبهم في الهاشمي الجنوبي، مع من جاورهم في منطقة سكناهم، حيث رسم الاستاذ رمضان في روايته، قصصا من الحبّ والجيرة والمودّة في علاقة الجنوبيين، خاصة مع الاردنيين من اصول فلسطينية وغيرهم، وتوحدهم في موقف رافض للاحتلال الاسرائيلي لفلسطين.
ورأى الفايز أن الرواية لم تخل من إنسانيّات وطرائف ونوادر، وحالة من التشويق في رحلة العائلة من إربد مكان عمل بطل الرواية، إلى معان ومن ثم الى عمان، وكيف كان يفكر والده، ليجعل من ولده انسانا ناجحا ومتميزا، حيث كان  يحرص ان يصنع له أشياء، تصنع مصيره ومستقبله كما يريده والده. الرواية تناولت ايضا مسيرة المؤلف ومعاناته وطموحاته، في مراحل الطفولة والشباب والحياة الجامعية، وما رافق هذه الرحلة الطويلة، من احداث وتقلبات فكرية وسياسية، وحالة الوعي التي كانت ترافقه في كل مرحلة، وحالة الزهو التي عاشها عندما كان جزءا من الثورة الفلسطينية على الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف الفايز: كما أنّ الراوي، وهو ينفتح على الماركسيّة والديمقراطيّة وثورة الفلاحين في الصين، ويقرأ في صراع الحضارات ويتحصّل على ماجستير الفلسفة بعد شهادة الأدب الإنجليزي، يدخل في تحولات الفتى جنوبي، بين دخول الحزب الناصري والنضال في بيروت، ومرحلتي العشق والصوفيّة والتأمّل في كثير من التفاصيل. وفي تحولاته، يحاكم الرواشدة بطرح أسئلة الفترة الناصريّة، ومدى جدواها، راصداً هيجان هذه الفترة وانكشافها ونفاذه إلى كثير من التفاصيل.
وكان شارك مدير عام صحيفة الدستور الزميل الدكتور حسين العموش في الحفل بورقة قال فيها: نحتفي اليوم برواية «جنوبي» التي صورت بنسبة كبيرة مسافات وعرة ومؤلمة ومفرحة أحيانا من حياة رمضان. ليست سيرة.. لكنها مسيرة، كتبها صاحب «الحمراوي» التي نالت جائزة نجيب محفوظ للرواية العربية عام 1994 لشاب لم يكمل السابعة والعشرين، تنافس على الجائزة مع مئات الروائيين العرب ممن صقلتهم التجارب وابيض شعر رؤوسهم حين اسودت ليالي العرب، في تجربته الروائية الاولى، حين بزغ نجم الرواشدة ليجد له مقعدا في الصفوف الاولى بين الروائيين العرب.
وأضاف الزميل د. الرواشدة: تأخذك الرواية من سطرها الاول، وتغوص بك في عوالم البؤس والفقر والمعاناه، مروراً بالسجن والملاحقات والاسفار، مرورا بحب فلسطين، وبتعلق رمضان بالمكان، ودقة الوصف لعمان القديمه: الهاشمي ودكاكينه وحاراته وشوارعه، وكأنه يقص لك مقطعا مفعما بالحب والعاطفة للهاشمي الذي عاش في وجدانه، مثلما عاش فيه حلمه الطفولي، ولرسائل ورقية كان ينقلها من أخيه الى ابنة الجيران. رواية طافحة بالذكريات المؤلمة والمفرحة، فنجده يتحدث عن أحداث جامعة اليرموك حين دخلت قوات البادية الى حرم الجامعة، وكيف هرب واختبأ عند أم محمد الكركية، التي تسكن في الحي الجنوبي من إربد، لاحظوا كيف أن الجنوب حاضر دائما في حياة رمضان، والى مزيد من الجنوب والشمال حيثُ يسكن الأردن في قلبك الكبير يا صديق العمر والذكريات.
الناشر فتحي البس قال إن رواية «جنوبي» سيرة واقعية لمواطن مثقل بالهموم، قضى عمره باحثا عن الخير لوطنه ومواطنيه، وهي خالية من الخيال والمحسنات، وممتعة ومشوقة، ويستحق كاتبها الإشادة بدقة السرد وجماليته وبما يثيره من انفعالات في نفس القارئ.
وقدم الزميل إبراهيم السواعير قراءة للرواية، قال فيها: هدفت الرواية تبيان بساطة الناس والتفاتاتهم البريئة اجتماعيا وسياسيا، وتركيبة من أطياف اجتمعت على نسيج واحد، فأدبيا جاءت لغة الرواية طيبة لا تخلو من انفعالات شعرية وسخرية ناقدة، وتحمل الراوي وضميره الذي يظل حوله ينبهه الى محطات أسيرة أو أثيرة، وتنقل تجاور الأحياء في الهاشمي الجنوبي متخذة من الجنوبيين والمحاسرة من جهة اخرى نموذجا في التناصر والتنافر والالتقاء والمحبة كمغناطيس لرواسب اجتماعية وأفكار سياسية طازجة. كما تؤثث هذه اللغة بالمفردة السياسية والامنية والحزبية والجامعية وتصف حال العواصم العربية في بيروت ومصر والشام وفي فلسطين كمحطة مهمة للرواشدة الذي دائما ما تغنى بقربه منها فالنهر مجرد وسيط لالتقاء الاحبة.
وفي ختام الاحتفائية قدم الرواشدة شكره لراعي الاحتفائية، والمشاركين والحضور، مبينا ان هذه الرواية ليست سيرة ذاتية وانما سيرة روائية تحوي بعض المفاصل من حياة المؤلف التي اسقطت على شخصية بطل الرواية «جنوبي بن سمعان».
ورواية جنوبي، الصادرة حديثا عن دار الشروق للنشر والتوزيع في عمان، هي الرواية الرابعة للزميل الرواشدة بعد «الحمراوي» الصادرة عام 1992 والحاصلة على جائزة نجيب محفوظ،، و»اغنية الرعاة» 1998، و»النهر لن يفصلني عنك» عام 2006، والمضمخة بالنوستالجيا العميقة بما تضج من معاناة خطت في ثناياها ومضات بارقة، تحمل في طياتها مراجعات لسيرة مثقف وسياسي وأديب في دروب السياسة والثقافة علاوة على مقاربات اجتماعية تحفر في عمق المجتمع الاردني وقضاياه التنموية والاجتماعية والمعيشية عبر مسيرة نصف قرن من الزمان.
وتقوم الرواية على بنية ذاكرة المؤلف (الراوي/ البطل)، وتقنية الذاكرة المضغوطة والتي تفتحت بعيدا عن التسلية والامتاع، يتنقل فيها الى فضاءات «زمكانية» بالموازاة مع احداث حقيقية عايشها الراوي/ المؤلف، فهي تغدو كسيرة ذاتية بأسلوب روائي ادبي وبتصاعد عمودي لا يخلو من التداخل الزمني احيانا على شكل ومضات.
يشار الى ان الرواشدة شغل مواقع عديدة في الإعلام ومنها رئيس مجلس ادارة المؤسسة الصحفية الأردنية، ومدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، ومدير عام وكالة الأنباء الاردنية (بترا)، وصدر له العديد من الروايات والمجموعات القصصية منها «اغنية الرعاة» 1998 و»الحمراوي» التي نال عنها جائزة نجيب محفوظ للرواية العربية عام 1994 ونفذ مسلسلا إذاعيا فاز بجائزة افضل نص وإخراج في مهرجان الاذاعات العربية في تونس عام 2005، اضافة الى مجموعتين قصصيتين: «انتفاضة وقصص أخرى» عام 1989، و»تلك الليلة» عام 1995.