Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Jan-2020

تشكيل الحكومة التونسية... دروس وعِبَر*د. ليث كمال نصراوين

 الراي

أعلنت الرئاسة التونسية قبل أيام أن الرئيس قيس سعيّد قد وافق على تشكيلة الحكومة الجديدة التي قدمها له رئيس الوزراء المكلف الحبيب الجملي، وأنه قد خاطب رئيس مجلس نواب الشعب لتحديد موعد لمنح الثقة للحكومة الجديدة.
 
إن القواعد الناظمة لتشكيل الحكومة كما حددها الفصل (89) من الدستور التونسي تتمثل بأن رئيس الجمهورية يُكلف مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي الحاصل على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات النيابية لتشكيل الحكومة، حيث يعطي الدستور التونسي رئيس الوزراء المكلّف مهلة شهر كامل للتشاور مع أعضاء البرلمان لهذه الغاية، على أن تكون هذه المدة قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط.
 
وقد كرّس الدستور التونسي الحرية المطلقة لرئيس الوزراء المكلّف في اختيار أعضاء فريقه الوزاري دون تدخل من أحد، باستثناء وزارتي الخارجية والدفاع، حيث يتعين عليه التشاور مع رئيس الجمهورية لتسمية الوزيرين فيهما. وبمجرد انتهاء رئيس الوزراء المكلّف من اختيار فريقه الوزاري، فإن الدستور التونسي يلزمه بعرض برنامج عمل حكومته الجديدة على مجلس نواب الشعب للحصول على ثقة أعضاء المجلس. وبعد نيل الثقة، يقوم رئيس الجمهورية بتسمية رئيس الحكومة وأعضائها بشكل رسمي، ويؤدون اليمين الدستورية أمامه.
 
إن الدروس المستفادة من الحالة التونسية تتمثل ابتداء في المدة الزمنية الكافية التي قررها الدستور التونسي لرئيس الوزراء المكلّف لاختيار أعضاء فريقه الوزاري وذلك بالتشاور مع باقي الكتل والأحزاب السياسية في البرلمان. وقد يكون لهذا الحكم ما يبرره نظرا لتشكيلة مجلس النواب التونسي التي تضمن أحزابا وائتلافات انتخابية متعددة.
 
أما الحكم اللافت للانتباه في الدستور التونسي أن ثقة مجلس نواب الشعب على الحكومة الجديدة تكون قبل أدائها اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية. وهو الأمر الذي خالفه الدستور الأردني، والذي اعتبر الحكومة دستورية بالكامل من تاريخ أدائها القسم أمام جلالة الملك، وأنه يتعين عليها بعد ذلك وخلال شهر واحد من تاريخ تأليفها أن تقدم بيانها الوزاري إلى مجلس النواب للحصول على ثقة أعضائه. وإذا صادف أن تشكلت الحكومة في الأردن وكان مجلس النواب منحلا، فإنه يتعين عليها تقديم بيانها الوزاري خلال شهر من اجتماع مجلس النواب الجديد وذلك عملا بأحكام المادة (53/5) من الدستور.
 
وحيث أن الفترة الدستورية المقررة لإجراء الانتخابات بعد حل مجلس النواب هي أربعة أشهر على الأكثر عملا بأحكام المادة (73/1) من الدستور، فإن الحكومة التي تشكلت في ظل حل مجلس النواب ستتقدم ببيانها الوزاري خلال مدة أقصاها خمسة أشهر من تاريخ تأليفها.
 
إن البيان الوزاري يجب أن يكون الأساس في تشكيل الحكومات في الأنظمة البرلمانية، بحيث تعتبر الحكومة دستورية بالكامل بعد حصولها على ثقة مجلس النواب وآدائها القسم، وهذا الحكم قد خالفه الدستور الأردني، حيث تشكلت حكومات واستقالت دون الحصول على ثقة ممثلي الشعب على بيانها الوزاري.
 
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/الجامعة الأردنية