Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Jan-2017

كيف يكون الاعتزاز بالوطن؟ - د. صلاح جرّار
 
الراي - الاعتزاز بالوطن حالة شعورية جميلة تعتري الإنسان عند الافتخار بمنجزات بلده وأداء أبناء بلده في مختلف الميادين، وهي في العادة حالة متكررة لدى المواطن الذي يعتزّ بوطنه. لكنّ هذه الحالة الشعورية لا تكفي إذا لم تكن حافزاً قويّاً للمحافظة على الإنجازات والدفاع عنها وتعزيزها بمختلف الوسائل المتاحة.
 
فالمحافظة على الإنجازات الوطنية التي تبعث على الفخر، يكون من خلال عدم المساس بها أو بأي منها، فالمواطن الذي يعتزّ بوطنه وإنجازاته وأداء أبنائه لا يمكن أن يرضى بأيّ ضرر أو أذى يلحق بتلك الإنجازات، فضلاً عن استحالة أن يكون ممّن يمسّ تلك الإنجازات بأيّ ضرر، وإلاّ فإنّ اعتزازه بوطنه لا يمكن أن يكون صادقاً ويصبح عرضة للاتهام والتشكيك.
 
وأمّا الدفاع عن هذه الإنجازات فيكون بعدم السماح لأيّ إنسان بالمساس بها أيّاً كان، وعدم المشاركة في أيّ عملٍ أو قولٍ أو موقف يمكن أن يلحق الأذى والضرر بهذه الإنجازات.
 
وأمّا تعزيز هذه الإنجازات فيكون من خلال بذل أقصى الجهد لزيادتها وتطويرها وتحسينها إلى أقصى حدّ ممكن، وهذا يتطلب من المواطن أن يخلص في عمله ما استطاع وأن يبذل جهده في إتقان عمله، عملاً بقوله صلّى الله عليه وسلّم «إنّ الله يحبّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه». ومن صور تعزيز منجزات الوطن الحرص على الالتزام بحقوق الوطن وعدم تجاوز قوانينه وأنظمته وتشريعاته، وكذلك الالتزام بقيم المجتمع وأخلاقياته.
 
وفي مقابل ذلك فإنّ عدم بذل المواطن جهده للمحافظة على منجزات وطنه ومقدّراته، وتفريطه بأيّ من تلك المنجزات تحت أي ذريعة، وعدم الدفاع عن المنجزات والذود عنها ومنع أي اعتداءٍ عليها أو مساس بها، والمشاركة بأيّ فعل أو عمل قد يسهم في الإضرار بها، وعدم تعزيز تلك المنجزات قولاً وفعلاً، فإنّ الحديث عن الاعتزاز بالوطن يكون ادّعاءً كاذباً وسبيلاً للارتزاق والتسلّق على أكتاف الوطن.
 
ومن هنا فإنّ التقليل من جهود أيّ من أبناء الوطن وإسهاماته هو شكل من أشكال الإساءة لإنجازاته، وعدم تحرّي العدل في تقدير جهود من يبني الوطن ويعمّره ويطوّره هو شكل من أشكال الإسهام في تعطيل تعزيز المنجزات، والتجرؤ على مقدّرات الوطن دون بذل ما يستحقه من جهود أبنائه، هو اعتداءٌ على منجزات الوطن، وعدم تقديس أي ذرّة تراب أو قطرة دم في الوطن هو صورة مؤكدة عن عدم الانتماء وكذب الاعتزاز، وعدم تقدير أي قطرة عرق تبذل في خدمة الوطن، هو تنكر للوطن ومنجزاته.
 
ومن هنا فإنّ الاعتزاز بالوطن لا يكون بالكلام والشعارات ولا حتّى المشاعر فقط، بل لا بدّ لهذا الاعتزاز من عملٍ يوازيه وجهد يعزّزه وموقف يحافظ عليه ويدافع عنه، والتزام بحقوقه، وصدقٍ وإخلاص وإتقانٍ واجتنابٍ لكلّ ما يلحق الأذى به أو بترابه أو بأي من أبنائه.
 
salahjarrar@hotmail.com