Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Jan-2018

الإعتراف الأميركي بـِ «شرق الفرات».. توجّه عابِث وخطير - محمد خروب

الراي -  اذا ما صحّ الخبر الذي نشرته صحيفة الشرق الاوسط اللندنية نقلا عمّا سمّته مسؤول «غربي رفيع», بان الادارة الاميركية بصدد اقرار استراتيجية جديدة تخص سوريا وتتضمن (اتخاذ خطوات «ملموسة» تجاه منطقة شرق نهر الفرات, التي تُسيطِر عليها ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية الكردية (وان كانت مُطعّمة تضليلاً ببعض العرب) تشمل الإعتراف «الدبلوماسي» بهذه المنطقة التي تبلغ مساحتها 28 ألف كيلومتر).. فاننا سنكون امام تطور خطير, قد يقود الى مواجهات كبرى, يصعب التكهّن بالمدى والوقت والأطراف التي ستنخرط فيها, وبخاصة ان توجّهاً استعماريا كهذا, يستبطن تقسيما مُعلَنا ووقحاً لسوريا, التي تستعد لحوار وطني شامل في سوتشي نهاية الشهر الجاري، يُعوّل عليه كثيرون لإطلاق صافرة الحل السياسي لأزمة طالت وكادت تتحول الى حرب اقليمية واسعة, لولا نجاح الجيش السوري في كسر شوكة الارهاب بمساعدة صلبة وجريئة من قبل

الحلفاء وعلى رأسهم روسيا وايران, وقوى مسلحة ذات وزن اقليمي كحزب االله والقوات الشعبية الرديفة. ما استند اليه ما وُصِف بالمسؤول الغربي الرفيع وِفق الصحيفة, هو «الإشارة الملموسة» الأولى للتوجّهات الاميركية الجديدة, التي جاءت من وزير الدفاع الاميركي جيمس ماتيس، عندما قال: ان واشنطن ستُرسِل «دبلوماسيين» الى مناطق «قسد» للعمل الى جانب العسكريين، في الوقت ذاته الذي لفت الى ان واشنطن تتّجه ايضا لـ»تقوية المجالس المحلية بعد داعش, وإعادة الإعمار وتعزيز الخدمات والبنية التحتية, وتدريب الاجهزة الحكومية»، إضافة الى توفير حماية لهذه المناطق, والإحتفاظ بقواعد عسكرية فيها, وصولا الى «الإعتراف الدبلوماسي»..
 
صيغة استعمارية سافِرة, لا يمكن التغطية عليها او ايجاد المبرِّرات والذرائع لإنجازها.. لكن السؤال الذي يبقى مطروحاً, الى ان تتّضح ملامح هذا «الإنتداب الاميركي» والوجود العسكري غير الشرعي على اراضي دولة ذات سيادة. هو: هل ستنجح ادارة ترمب في عرقلة حوارات مؤتمر سوتشي, بل ونسف العملية السياسية برمتها, التي بدأت في جنيف وساعدتها لقاءات استانا, ذات الاختصاص العسكري (ان صح الوصف), في ايجاد وبلورة صيغة متطورة وناجحة, هي مناطق وقف التصعيد التي صمد بعضها حتى الان، فيما عمِل الارهابيون بمساعدة اميركية واقليمية على اطاحة بعضها, وبخاصة في الغوطة الشرقية التي بدت محاولات جبهة النصرة يساعدها في ذلك تنظيم جيش الاسلام الارهابي المحسوب على دول اقليمية معروفة, وكأنها انتحار حقيقي بدليل انهم ربما نجحوا لبعض الوقت في احتلال بعض الكتل المبنِية ومحاصرة مبنى ادارة المركبات في منطقة حرستا شمال شرق دمشق، الا ان مغامرتهم باءت بالفشل, وربما تُفضي قريبا الى تحرير كامل الغوطة الشرقية من رجِسهم وارتكاباتِهم.
 
ليس من التسرّع القول: ان الاعتراف الاميركي بـ»شرق الفرات»... ان تم, سيكون هو الاخر دفنا لآخر نفوذ اميركي في المنطقة. ليس فقط لأن ادارة ترمب غارقة في ازماتها وثمة احتمالات مفتوحة لتنحّي ترمب او عزلِه وربما محاكمَتِه، وانما ايضا لأن خطوة حمقاء وعابثة كهذه, ستفتح باب الجحيم على قوات الاحتلال الاميركي, وتبرِّر كل عمليات المقاومة المشروعة لوجودها غير المشروع على الاراضي السورية, على نحو يُعيد سيناريو المقاومة العراقية الباسلة, التي انهكت جيش الاحتلال الاميركي واجبرت واشنطن على الانسحاب وذيلها بين ساقيها.
 
دون ان تحقِّق أيّاً من اهدافها الاستعمارية, التي لم تكن خافية على احد. ويصعب بل يستحيل على ادارة ترمب ان تنجح في تغيير حتمية هزيمة مماثِلة على الأراضي السورية, نظراً لانكشاف قواتها وتواضع عديدها, ووجودها العسكري المنفرد غير المغطّى بتحالف مُفتعَل ودعم من حلف الاطلسي وبعض الدول التي اشترتها ادارة بوش ببعض الملايين من الدولارات، فضلا عن ان التحالف الهش لمحاربة الإرهاب الذي تقوده الان.. لن يبقى صامدا, اذا ما اخذت الأحداث المنحى الخطير الذي تريد واشنطن دفع المشهد السوري
اليه.. وبخاصة ان أصداء فضائح التنسيق الاميركي مع داعش في الرقة ودير الزور, ما تزال تتردد في عواصم الغرب.
 
في الأثناء يلفت الانتباه المحاولات اليائسة والبائسة التي تبذلها دول اقليمية ومنها تركيا, لإعادة احياء ما يسمى «الحكومة المؤقتة» التي اقامها ائتلاف منصة الرياض ذات يوم, ولم تنجح في اثبات حضورها, حتى جاءت الفرصة لانقرة بعد منحها مهمة انجاز منطقة خفض التصعيد في محافظة ادلب, فاذا بها تُسلِّم ادارة المحافظة الى تلك الحكومة الدمية, كي تغطي على عملية تنسيقها مع جبهة تحرير الشام/النصرة التي تسيطر على المحافظة عملياً, في الوقت ذاته الذي تدعم فيه (انقرة) مساعي تلك الحكومة الوهمِيّة لتشكيل ما اطلَقَت عليه اسم «الجيش الوطني السوري», زُعِمَ فيه على لسان نائب وزير الدفاع العقيد هيثم العفيسي: ان الجيش هذا مؤلف من ثلاثة فيالق (عدد افراده 22 ألف مقاتل)، ويستهدف «إسقاط النظام وتحرير الارض»، ما يعني ان تركيا الدولة الثالثة الضامِنة في مسار استانا, ما تزال تواصل سياستها المعادِية لدمشق والرافضة الإعتراف والإقرار بان هدف استخدام الإرهاب لإسقاط الدولة, وتحويلها الى منصة لنشر النفوذ التركي في المنطقة... قد سقَط, ولم يعد على جدول الاعمال.
 
فهل ثمة صلة بين الإعتراف الاميركي بـ»شرق الفرات» وتشكيل جيش من المرتزقة يأتمر بأمر انقرة في محافظة ادلب؟ .. الأيام ستُخبِرنا.
kharroub@jpf.com.jo