Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Sep-2014

سلام يا سلام - رمزي الغزوي
 
الدستور - لأن هذا العالم بات يعاني نقصاً حاداً ومتفاقماً بأكسيد بالمحبة، ويواجه اختناقاً محكماً  بكربونات الحروب والكروب، كان لا بد لنا أن نجعل يوما للحب، حتى لو كان يوما ملفقا أو مصطنعا أو هجيناً، يوما نتبادل فيه ورودنا البلاستيكية العقيمة، بكثير من الغباء والبرود، وكان لا بد لنا أن نختلق يوما عابراً وطارئا على رزنامتنا، نسميه يوم السلام العالمي، كي نصحو من يومنا ونغسل بقايا النعاس عن جفوننا المتورمة ونقول: عمت صباحا أيها السلام العالمي!.
وما أغاظني أكثر في خضم قرع كل هذه الطبول للحرب، التي لم تهدأ طيلة قرن مضى، أنهم ابتكروا يوماً للسلام، يصدف هذا اليوم الحادي والعشرين من أيلول. ألهذا الحد وصلنا في التزييف والتسخيف.. فعن أي سلام يتحدثون؟؟!!.
ومع هذا فلا أحد يتكرم على السيدة (الحرب)، ويمدحها بكلمة صغيرة، لا أحد يتكرم عليها ذات مساء أحمر ويقول: يعطيك العافية أيتها الضروس، وعمتي مساء أيتها القاحطة. يا للخجل لا أحد يقدر صنائعها في حياة الناس وكرة الأرض، ولا أحد يعرف فضلها على سكون هذا العالم الرديء!!.
هي الحرب تصحو قبل عصافير الفجر، فهي مجدة كأم لعشرة أطفال، وحامية كشمس تموزية، ومثابرة كسلحفاة، ومع هذا لا تتلقى مديحا أبداً، الكل يتمنى لها موتاً سريعاً كجمرة يدهمها الماء!!. ولا أحد يقدر قيمتها، عندما تربت على أكتاف حفاري القبور المعفرين بالجوع والعناء، ولا أحد يشكرها إذ تنشط حرفة تجهيز التوابيت، أو عندما تشيط بأسعار قماش الأكفان وشواهد الرخام، أو عندما تروّج سوق الأطراف الصناعية، وسوق الذباب بجثث العراء عديمة الرؤوس، لا أحد ينحني لها عرفانا إذ ترسم ابتسامة بلهاء على وجه جنرال غبي يتبجح بانتصارات زائفة!!.
أيها السادة المحتفلون بيوم السلام: الحرب بارعة ببث زوامير سيارات الإسعاف في الطرقات، وبارعة بتشيد بيوت قميئة للأيتام، وباهرة أكثر إذ تجعل الفضائيات المهرافة على قيد كل هذا العمل الممل، ومع هذا لا أحد يربت على كتف هذه السيدة، مع أنها تلهم القادة الكبار لإلقاء خطب نارية عن مساوئ السلام.
إنها الحرب يا سادتي الكرام، تلك السكرتيرة الرزينة التي تصبر الفتيات لانتظار أحبابهن في الجبهات البعيدة، هي الحرب سيدة الحضور الإنساني الجديد!!، إذ تثير أسئلة واخزة في نفوس الأولاد، الذين اعتادوا أن تأتي التوابيت ملفوفة بالأعلام، فكيف لا يفرح الصغار بهذه الألوان؟!!، لا أحد يربت على كتف الحرب، الكل يطالبها أن تسقط راءها؛ لتصبح الحب:يا للمهزلة.. هل ما زال هناك يوم للسلام يزاحم هذه النيران؟؟!!!.