Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-May-2018

جلالة الملك بين الثابت والمتغير - د فايز بصبوص الدوايمة

الراي -  عندما تتطرقت لموضوع التطورات السياسية وآفاق تلك التطورات وانعكاساتها على الواقع السياسي في الأردن منذ ىسنة تقريبا ، نوهت ان هناك خطورة تتبلور حول ما يخطط له كنتاج طبيعي لمخرجات ما يسمى الربيع العربي ، نوهت حينها ان الأردن هو المستهدف رقم واحد وذلك بحكم تمسك النظام السياسي الأردني وعلى راسه جلالة الملك المفدى بمبادئه وبأرثه الحضاري وان كل يصاغ ويخطط له خلف الكواليس ، يستهدف أولا واخرا تلك المباديء والقيم الهاشمية النبيلة فان صفقة بحجم صفقة القرن لا يمكن ان تمر الا من خلال زحزحة الأردن عن تلك المواقف ، وعن تلك الثوابت وبدون ذلك ستؤول كل تلك المخططات الى فشل ذريع ، ليس فقط من خلال التماسك الداخلي غير المسبوق الذي يتمتع فيه واقع الاستقرار السياسي في الأردن ولكن أيضا من خلال التلاحم بين الشعب الفلسطيني والشعب الأردني وتكامل الأدوار بين السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية الهاشمية للتصدي الى هذه المؤامرة .

ونوهت أيضا منذ عام تقريبا حول ما يمكن ان يصنعه الأردن من استحداث وابتكار أدوات للصمود قلت خلالها ان تحصين الجبهة الداخلية والشفافية الحكومية والمصارحة الوطنية ، هي ركائز ستجعل من الأردن عصيا على التجاوز السياسي ، ولكنها بالمقابل ستخضعه لأبتزاز تنموي واقتصادي يضغط بثقله على المواطن الأردني بكل شرائحة عندها قال البعض مشككا ان الأردن سيخضع لذلك الابتزاز السياسي لأن المواجهة ستكون مع معسكره التقليدي وحلفائه السياسين التقليدين على مدار تاريخه فالأشقاء العرب والدول الغربية عموما والولايات المتحدة خاصة ، هم حلفاء طبيعيون ومصلحة الأردن كانت دائما تتماهى مع مخططات السياسية الغربية وتحالفاتها الإقليمية خاصة العربية ولكن ما ظهر جليا ان أي السياسة التي يتبعها الأردن كان يضع محددات سياسية عامة لا تمس ثوابته وخاصة ، فيما يخص القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات وأيضا ودون تزييف المصالح العربية والقومية العليا فمساحة عمل الدبلوماسية الأردنية كانت تعمل بهذا الفضاء وانطلاقا من تلك الركائز والمباديء والثوابت .
ان التطورات السياسية الحالية اثبتت وجهة نظري والتي تمحورت حول الواقع الاستثنائي في مرحلة
استثنائية لم يعهدها الوطن العربي ، ولم تعهدها الدبلوماسية الأردنية على مدار تاريخها دون مواربة ولا مغالبة ، ان الأردن ومن خلال تمسكه لأولوياته وثوابته يتعرض لخطر وجودي وذلك واضح كل الوضوح عندما بدأ يركز الأردن ومن خلال خطابات جلالة الملك على مدار سنة كاملة ، والتي تجلت كما ذكرت في مقالتي السابقة في القمة العربية واليوم في خطابه في مؤتمرمنظمة التعاون الإسلامي الاستثنائي ، والذي عقد في إسطنبول عندها أعاد التذكير جلالته دون تفصيل بالثوابت الأردنية والتي لم ولن يتراجع عنها مهما حمل ذلك الموقف من انعكاسات ونتائج .
ان اختصار جلالته لخطابه في القمة كان لسبب واحد ووحيد وهو عدم إعطاء مجال لتأويل والتسويف من قبل صانعي القرار الاقليمين والدوليين .ان هذه المواجهة والتي جاءت بعد مجزرة افتتاح المستوطنة الامريكية في القدس الشريف ، هو ان الأردن مستعد ان يخوض هذا الصراع حتى نهايته ولن يستطيع ان يعطي مجالا او مساحة أخرى لتأويل مواقفه حسب ما تشتهي فضائيات دول الحصار المبطن والعربي للأسف والتي كانت تعتبر ان موقف الأردن قابل للترويض تحت وطأة الامر الواقع وواقع الضغط الاقتصادي ان هذه الاحلام قد تلاشت بعد وضوح غير القابل للشك في خطاب جلالته امام التعاون الإسلامي ، وان خفض تمثيل بعض الدول الخليجية في هذه القمة والقمة العربية وفي كل ما يخص القدس هو مؤشر خطير يتجاوز الأعراف العربية والإسلامية المتبعة على مدار التاريخ عندما يتعلق الامر بالقضية الفلسطينية عامة والقدس خاصة قد جعل دولا إسلامية بمستوى تركيا وايران وماليزيا واندونيسيا تكون في مقدمة الحريصين على عدم تمرير صفقة القرن وان قضية القدس بات يعتبر تحولا من السياق العربي الضيق الى قضية تخص العالم الإسلامي كله ، وان عروبة القدس هي قضية تقع ضمن اطار واقع انتمائها التاريخي والجغرافي وان قضية القدس انتقلت من أولوية عربية خاصة بالأمة العربية الى قضية تخص الأمة الإسلامية جمعاء ، وان كل الدول الإسلامية التي تشكل ركائز في السياسية الدولية من خلال حجومها الديمغرافيا كماليزيا وأندونيسيا وحجوم تأثيرها السياسي والاقتصادي كتركيا وايران وحجوم ثقلها العسكري كتركيا وايران والباكستان باتت تشكل لاعبا حقيقيا في مسالة مدينة القدس ، وان تخلي بعض الدول الإسلامية وخاصة العربية منها عن دورها قد جعل منظمة التعاون الإسلامي ، عاملا حاسما في الحفاظ على هوية القدس وعروبتها وعلى الوصاية الهاشمية المطلقة والخالدة عليهما والذي يتمخض من خلال الرؤية الثاقبة لجلالة الملك عبداالله الثاني بن الحسين بالمشاركة الفعالة وعلى اعلى مستوى في كل المؤتمرات التي تخص القضية الفلسطينية ، وحتى تكون الصورة واضحة تماما فان الأردن يقود هذه الحراك وبالكامل مع منظمة التحرير الفلسطينية لوحدة ، وان إقرار منظمة التعاون الإسلامي بالوصاية الهاشمية في اجتماعيين خلال فترة وجيزة هو انجاز لا يمكن التغاضي عنه ولا تجاوزه بأي حسابات سياسية او جيوسياسية في مسار الحلول السياسية او التسويات القادمة ، هذا الإقرار يعني ان مليار وسبعماية مليون مسلم يقروا بان هذ الوصاية تستمد شرعيتها من هذا الحجم الامتناهي من الامة الإسلامية وهذا الموقف قد تم تبنيه من كل دول العالم وشعوبها حتى إدارة المعتوه ترامب لم تستطع ان تتجاوز ذلك بغض النظر عن الموقف السعودي المبطن والضاغط باتجاه نزع الوصاية الهاشمية عن تلك المقدسات والذي يتناغم بكل جوانبه مع الموقف الصهيوني المعلن وغير المعلن .
من هنا مرة أخرى نقول على الاعلام الأردني ان يرتقي للحد الأدنى من طموح جلالته بتوضيح الموقف الحقيقي للأردن لأن كل مراقب اعلامي او سايسي متابع للأعلام العربي والعالمي ن لا يجد الا ان الأردن جزء لا يتجزأ من التحالف الأمريكي الصهيوني والسعودي وهذا غير صحيح وعلى الاعلام الأردني ان يكون اكثر جراءة في تناول هذا الموضوع حتى تتضوح الصورة الشاملة والحقيقية لموقف الصمود الأردني امام هذا المحور .
لقد ان الأوان ان نرتقي لمستوى موقف جلالة لملك في كل المحافل الدولية والإقليمية لنمحو الصورة
التقليدية للأعلام العربي وخاصة الخليجي الذي يعتبر ان موقف الاردن سيلتحق لا محالة بمؤامرة صفقة القرن وهذا ما لم يحصل مطلقا .