Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jul-2018

حیویة الجغرافیا السیاسیة -د. ماهر عربيات

الراي -  سنوات من الخلاف ما بين الولايات المتحدة وإيران، ارتفعت فيها حدة الصراع وانخفضت تبعا للمتغيرات الإقليمية والدولية، كان مضيق هرمز أكثر موضوعاتها حساسية، فكلما ضاق الحال الإقتصادي بطهران هددت بإغلاقه، جاءت هذه المرة بعد أن عصفت سياسة الرئيس الأميركي وعقوبات بلاده بمستقبل إيران الاقتصادي، فعاد الحرس الثوري وعلى لسان قائده للتلويح صراحة بهذا الخيار، مما أدى إلى ارتفاع سعرالنفط إلى هذا المستوى منذ أربعة سنوات.

تدرك طهران أن ثلث نفط العالم في مرمى نيرانها، لكنها تدرك أيضا أن المغامرة في هذا الممر المائي قد تلهب المنطقة بأكملها وتقود إلى حرب لا أحد يعلم عواقبها. إغلاق مضيق هرمز يعني قطع شريان تجارة النفط، ناهيك عن قطع العلاقات التجارية لدول الخليج العربي مع العالم، والإضرار بمصالح دول أخرى، وهو ما يجعل طهران في مواجهة شاملة وليس مع واشنطن فقط..
فهل تستطيع إيران من الناحية العسكرية إغلاق مضيق هرمز؟ حسب الخبراء العسكريين تمتلك طهران ثلاثة خيارات لتنفيذ تهديداتها، لكن تلك الخيارات تصطدم بعدة عقبات تجعل من عملية إغلاق المضيق أمرا في غاية الصعوبة، ويتعلق الخيار الأول بزرع المضيق بالألغام، لكن نجاح هذه الوسيلة يبقى نسبيا نظرا لعرض المضيق الذي يصل إلى خمسين كيلو مترا، وامتلاك القوات الأميركية المتواجدة في المنطقة لكاسحات الألغام.
ويعتمد الخيار الثاني على استخدام إيران للزوارق الحربية لاستهداف السفن العابرة للمضيق، وهذا الخيار من الصعب الركون إليه بسبب وجود الأسطول الأميركي الخامس بالقرب من المضيق. أما الخيار الثالث فيشير إلى إمكانية لجوء إيران إلى إطلاق الصواريخ المضادة للسفن من الأراضي الإيرانية، وهو الخيارالأشد والأقوى تأثيرا، وذلك لصعوبة مواجهة هذه الصواريخ من قبل القوات الأميركية بالسرعة المطلوبة وفي الوقت المناسب، وهذا سيشكل تعطيلا كبيرا لحركة الملاحة في المضيق.
تكمن أهمية مضيق هرمز في كونه بوابة مرور نفط الخليج إلى العالم، ويربط المحيط الهندي وبحر العرب بالخليج العربي، ويعبر من هذا المضيق ثلاثون ناقلة نفط يوميا، تحمل ما نسبته ثلاثين بالمئة من صادرات النفط على مستوى العالم، ويعتبر أحد أهم الممرات المائية في هذا العالم. فما هي الخيارات والحلول والبدائل المطروحة في حال نفذت طهران تهديداتها؟
دفعت الإضطرابات والتوترات دول المنطقة للبحث عن خيارات أخرى، فقد دشنت الامارات العربية المتحدة خط أنابيب لربط حقولها النفطية في ابو ظبي بميناء الفجيرة وصولا إلى المحيط الهندي ومضيق باب المندب ثم قناة السويس، تجنبا لأي صراع أو نزاع عسكري من شأنه أن يؤدي إلى إغلاق أو عرقلة الملاحة في مضيق هرمز.
وهناك تفكير حول ربط الحقول النفطية في شرق السعودية بميناء ينبع غربا على الساحل الشرقي للبحر الأحمر، أو ربما اللجوء إلى ميناء المكلا اليمني ومن ثم إلى البحر الأحمر وقناة السويس عبر مضيق باب المندب.
يكتسب مضيق باب المندب أهمية استراتيجية، كأحد أهم ثلاثة ممرات مائية في العالم، ونقطة التقاء وتشابك المصالح الإقليمية والعالمية، وتتضاعف أهمية باب المندب الواقع بين خليج عدن وبحر العرب والبحر الأحمر، كلما ازداد التوتر في الخليج العربي ومضيق هرمز المرتبط بمضيق باب المندب بشكل وثيق.
إغلاق مضيق هرمز يعني انهيار الإقتصاد الإيراني، وسيحدث إرباكا خطيرا لسوق النفط العالمية، والخيارات المتاحة ستؤدي إلى تعاظم الضغط على باب المندب، مما يستوجب وجود الدول الكبرى لحماية باب المندب، وضمان حرية حركة الملاحة في هذا المضيق، من هنا أصبحت كل الطرق تؤدي إلى جيبوتي، التي تطل على باب المندب، المضيق الأكثر أهمية لدول العالم، وباتت محط أنظار العالم اقتصاديا وأمنيا وسياسيا وعسكريا، ورغم صغر مساحتها ومحدودية عدد السكان، إلا أنها تعتبر من أقوى الدول الإفريقية بحكم موقعها الجيو سياسي، وأصبحت قبلة لاستضافة القواعد العسكرية، كان آخرها القاعدة العسكرية الصينية.
تشكل تلك القواعد مصدر دخل لجيبوتي من ناحية، لا سيما ان الصين تنوي استثمار مبلغ خمسة عشر مليار دولار لتعزيز قاعدتها العسكرية، ومن ناحية ثانية اقحام العالم في حماية جيبوتي من المخاطر، وحتمية الدفاع عنها. وهنا تبرز حيوية وقوة الجغرافيا السياسية.