Tuesday 19th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Feb-2017

طهران إذ تُنذِر أنقرة.. ماذا قبل؟ - محمد خروب
 
الراي - سُحب مُلبدة تحوم فوق علاقات ايران بتركيا، بعد ان وصلت الامور – او هي في طريقها– الى درجة, لم يعد بمقدور دبلوماسية «الصمت» اخفاء التباعد بين بلدين اقليميين كبيرين وقويين, لهما طموحات غير خافية للتوفر على اوراق ونفوذ وادوار في المنطقة العربية، بعد ان استقال العرب من دورهم القومي والتاريخي والحضاري, وباتوا رهائن تحالفات ومعادلات وصراع قوى اقليمية ودولية, لا تتردّد في إظهار خططها ومشروعاتها الرامية الى اقتسام تركة «الرجل العربي» المريض الجديد، بعد قرن على توزيع ما خلّفه العثمانيون القدامى بعد الحرب العالمية الأولى.
 
انقرة وطهران (دع عنك اسرائيل التي باتت تعيش في ازهى عصورها السياسية والعسكرية والاستراتيجية, وتحالفاتها المُعلَنة وتلك التي في طريقها الى العلن، دون خِشية من فضيحة او خجل او ندم.. عربي) وصلت – في ما يبدو – الى مرحلة، لم يعد من الممكن استمرار التستر على وصولها حدود الطلاق وربما المواجهة, وبخاصة بعد ان بدأت تركيا اردوغان رحلة الكشف السافر عن مخططها «العسكري» الرامي الى تكريس وجود عسكري «دائم» في كل من سوريا والعراق، وهي – انقرة – في طريقها، اذا ما سمحت الظروف الميدانية والدبلوماسية لها، الى طي صفحة التعاون والتنسيق مع موسكو, بعد ان استنفدت اغراضها من مرحلة «المصالحة» التي اعقبت اعتذارها عن اسقاط مقاتلة السوخوي الروسية في 24/11/2015، وبعد ان تغلغلت في الشمال السوري بموافقة روسية ضمنية، ولكن في حدود معينة، لكنها تمادت وواصلت عدوانها المُسمّى «درع الفرات»، لتتلاقى الان مع خطط ساكن البيت الابيض الجديد, الذي يكاد مشروعه الوحيد المُعلَن والموضوع قريباً على سكة التنفيذ, وهو اقامة «المناطق الآمنة» في سوريا...شمالها والجنوب، ان يكون المشروع الترامبي حلم اردوغان بالبقاء في سوريا, لاعباً مهماً في تقرير مستقبلها السياسي وربما الجغرافي.
 
هنا اصطدم – ويصطدم ـــ المشروع التركي، بالمشروع الايراني الذي لا حاجة للحديث عنه بتفصيل والمُعلَن منذ سنوات وركيزته الأساسية التحالف مع دمشق, قبل وبعد احداث اذار 2011، بما هو التاريخ المعروف لما سمي بـ»الثورة السورية «التي لم يعد خاف على احد انها حرب في سوريا وعليها, لاسقاط دولتها ونشر الفوضى في المنطقة العربية واراحة اسرائيل وتحويل دول المنطقة الى كانتونات طائفية ومذهبية وعِرقية تطمس على العروبة والرابطة القومية بين شعوب الامة, وتُعلي من شأن المحتل الصهيوني الساعي لبعث «دولة اليهود»، على اراضي فلسطين التاريخية ويكون مجالها الحيوي (هل تذكرون الرطانة النازية) كل بلاد العرب المحيطة بفلسطين لنشر الحضارة الغربية والقيم الأوروبية والأميركية في بلادنا «المتوحشة».
 
هي إذاً «الحرب» بين طهران وأنقرة اندلعت وبات من الصعب وقفها, وإن كانت ما تزال حتى اللحظة «حرباً كلامية» يجري من خلالها «تفريغ» ما في الصدور والضرب تحت الحزام, تمهيدا للانتقال الى مرحلة جديدة قد تكون ابعد واقسى من التراشق الكلامي ,على النحو الذي اججّته تصريحات رئيس الدبلوماسية التركية جاويش اوغلو في مؤتمر ميونيخ للامن الذي انتهى للتو, عندما اتهَم ايران بانها» تريد تحويل سوريا والعراق الى المذهب الشيعي» (زاعماً) ان تركيا تُعارض اي «طائفية» في الشرق الاوسط. ما استدعى ردا لاذعا من الناطق باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي (قبل استدعاء السفير التركي لدى ايران وتسليمه رسالة احتجاج) مصحوبا بتحذير لِأنقرة من «مغبة التمادي» في اطلاق مواقف معادية لها, مُذكِّرا انقرة بما قدمته لها طهران من مساعدة بعد الانقلاب العسكري الاخير في تركيا, مُعتبِرا في تهكم واضح «ان الاوضاع غير المستقرة في تركيا، تسببت بنشوء سلوك (غير طبيعي) لدى مسؤوليها ناتج غالبا – والقول للمسؤول الايراني – من الغضب من الموضوع في مأزق ما، بسبب المشكلات الداخلية والخارجية التي تعاني منها هذه الدولة»، رافعا مستوى تحذيره الى درجة «التهديد» عندما اعرب عن امله بان «ينتهج المسؤولون الاتراك في سلوكياتهم (ذكاءً وحكمة أكبر) وألاّ تتكرّر هذه التصريحات التي لن تقف الجمهورية الاسلامية صامتة في حال تكرارها، لان «لِصبر إيران على هذه المهاترات.. حدود» ختم الناطق الايراني.
 
هي إذاً ازمة مرشحة للتصاعد, ولا تنفع حيالها تصريحات التهدئة التي سارع نعمان قورتولموش، نائب رئيس الوزراء التركي للإدلاء بها عندما قلّل من أهمية هذه الازمة قائلاً: ايران وتركيا بلدان صديقان، هناك اختلاف في وجهات النظر من حين لآخر, لكن لا يُمكن ان توَلِّد «عداوة» بسبب تصريحات – مُستطرِدا – حتى لو ظهرت خلافاتنا السياسية مع ايران، فانه ينبغي عدم تضخيمها بشكل كبير.
 
ثمة مشروعان ايراني وتركي مُعلنان ويجري بينهما سباق محموم وساخن لم يصل درجة الغليان بعد، في ظل ظروف اقليمية ودولية ضاغِطة ومتسارعِة, يستخدم الاتراك خلالها كل اسلحتهم وكأنهم في سباق مع الزمن, لان وقائع الميدان العراقي وخصوصا السوري تجري في غير صالحهم، ولهذا هم يستخدمون كل «الاسلحة» السياسية والدبلوماسية والاعلامية وخصوصا الطائفية والمذهبية, كي يُحرِزوا نصرا او يصيبوا نجاحا, لكن الايرانيين – رغم كل ما يمكن ان يقال عنهم وفيهم – يُبدون براعة ودهاء وصبرا ويحققون تقدما ملحوظا – وان بطيئاً – لكن الاكثر مرارة وغضبا من كل ذلك, انهما... ايران وتركيا, «يلعبان» في بلاد العرب وعليهما, وسط غياب مُبرمَج ومفروض على العرب, الذين يكتفون او يوهمون انفسهم بان تحالفهم المعلن وغير المعلن مع اسرائيل سيكون سفينة نجاة.. لهم.
 
kharroub@jpf.com.jo