Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Aug-2019

«قايد السبسي»: إجماع التونسيين*مروان سوداح

 الدستور-بمنتهى الأسى، وبقلوب يملؤها الإيمان والخشوع، ودّعت الشقيقة تونس قائدها السادس والتاريخي والمتميّز، رئيس الجمهورية، محمد الباجي قايد السبسي، الذي وُوري ثرى وطنه مُجلّلاً بمحبة التونسيين جميعاً، بكل تياراتهم وأيديولوجياتهم، مشاربهم وطبقاتهم وفئاتهم، إذ غدا الفقيد بفكره ونهجه السياسي، الشخصيةً الموحِّدة للوطن التونسي الجميل، والمُنفتح، والصّغير مَساحةً لكنه الكبير عَقلاً جَمعياً وعَطاءً وإنجازاتٍ.

 إجماع الشعب التونسي الشقيق على مدرسة ونهج قائد الوطن قايد السبسي سَبَقَ وفاته عن عمر يناهز 93عاماً، إذ أن السبسي نال لقب الزعيم الوطني الحقيقي بصدقيته السياسية التاريخية، وبفكره الثاقب الذي عرفه التونسيون عنه، وبِبُعد بصيرته الوطنية والأُممية، وبساطته الإنسانية، ومحبته لكل مواطن تونسي، واحترامه للعدالة والمساواة وإحقاق الحق وضرورة التصريح به في كل الظروف والأمكنة والمواقع، إذ «قرّب بعد الثورة بحكمته وسِعة صدره بين النفوس والضمائر، فجنّب شعبه ويلات التدافع والتصادم، وقاد مرحلة الانتقال الديمقراطي»، واصطف في صف جميع البشر على صعيد العالم، من كل القوميات والشعوب والألسن والألوان، وبذلك اكتسب بجدارة لقب القائد الأممي الإنساني.
 في وصيّة قايد السبسي العظيمة التي تركها لشعبه المُحِب، التأكيد على أن تبقى البلاد منيعة ومدنية، متأصلة وحديثةً أبد الدهور، ودوّت في كل الفضاءات كلماته الرقراقة تتطلّع الى تمكين وتواصل دولة تونس التي تحكمها قوانين ومؤسسات، ودعواته لأن يلتزم التونسيون بروح الوحدة الجماعية كونها أمانة في أعناقهم، ورص صّفوفهم للحفاظ على مكاسب الثورة ومسار الانتقال الديمقراطي، ولتجنيبهم سيناريوهات الفوضى والانقلابات فيّما يُسمّى خطأ وخطيئة بالربيع العربي، الذي تكشّف بأنه قاتل ومُدمّر وتهميشي لعالمنا العربي.
 في التاريخ التونسي تَسطَع مُسلَّمَةٌ مفادها، أن قايد السبسي هو أول رئيس دولة  منتخب ديمقرطياً في تاريخ تونس، بعدما حقّق حزبه الأغلبية البرلمانية، بالرغم من عمره المُتقدّم أنذاك، (88) سنة. لقد جاء انتخابه في أصعب وأكثر الأزمان التونسية المُعاصِرة حِلكةً. وهذا لعمري مُثير للغاية، إذ توجّه عددٌ من التونسيين المُغرر بهم للقتال في سورية، وتعرّضت البلاد لخريف سياسي مؤقّت، وقد تابعنا بكل ألم هذه الأحداث، وتوسّلنا لله العلي العظيم أن تخرج تونس من أتونها بأقل الخسائر، حفاظاً على مُكتسباتها التاريخية، التي يُفاخر بها كل مَن ينتمي الى الضاد ومن لا ينتمي إليها على حد سواء.
 يَنتمي قايد السبسي إلى التيار التحديثي في تونس والعالم، إذ رأى ضرورات السير فيه للتناغم مع روح العصر، ولتعظيم التقدم الأسرع مادّياً وروحياً، وساعدته الطبقة التونسية الوسطى للسير في هذا السبيل، وعَرَض قايد السبسي كذلك لزوم الحوار وتفعيل قوّة القانون، رغبة بتحييد السلاح في حل الخلافات والاختلافات الداخلية، فالتفت بذلك إلى قوّة الحداثة التونسية بكل تجلياتها قولاً وعملاً، وانتصر في نهاية المطاف، ونجح معه وإلى جانبه جميع التونسيين للأخذ ببلادهم الى حَياة فُضلى.
  نَجَحَ قايد السِّبسي أيضاً في إحياء العلاقات الدبلوماسية بين تونس وعديد الدول، ومن بينها جمهورية الصين الشعبية، التي نكّست سفارتها العلم الصيني طِيلة أيام الحِداد الوطني على وفاة الراحل الكبير، الذي كان حضوره بارزاً في القِمم واللقاءات الدولية، ونجح بإحقاق حقوق الطبقات المختلفة ضمن وحدة المجتمع، ونيل المرأة التونسية لحقوقها كاملةً بقوّة حرف القوانين وروحها، وأقر حتمية الالتزام بها قيادةً وشعباً وأفراداً دون أي استثناء، فحفّز بذلك الاستثمارات والمُتمّيزين ورجال الأعمال، وجذّر ثقافة التمسّك بالدستور، مما أكسب الدولة والشعب إحتراماً عالمياً وبُعداً دولياً تُفاخِر به.
رحِمك الله أيها القائِد السبسي وأسكَنك فَسيح جِنانه.
 *كاتب وصحفي أُردني.