Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Dec-2017

ماذا تريد موسكو من مؤتمر ( سوتشي ) حول سوريا ؟! - فيصل ملكاوي

 الراي - فشلت جنيف 8 تماما كما فشلت الجولات السبع التي سبقتها ازاء الازمة السورية ، وجاء اعلان الفشل هذهالمرة مدويا وبشكل غير مسبوق على لسان المبعوث الدولي للازمة السورية سيتيفان ديمستورا الذيخرج عن الحذر الذي كان يتمتع به خلال الجولات السابقة وكان في نهاية كل جولة يبشر بالجولة التي تليهاوان التقدم حاصل لا محالة لكنه بعد الجولة الثامنة قالها صراحة ان الجولة فشلت تماما وفي منتصفهاحمل وفد المعارضة مسؤولية التعثر وفي نهايتها حمل وفد النظام مسؤولية اخفاق الجولة ونهايتها

بحاصل صفر في كافة الملفات خصوصا مسالة الانتقال السياسي وهي العقدة التي لا زال طرف المعادلة
النظام والمعارضة على طرفي نقيض تام حيالها.
والمسألة الكاشفة اكثر للفشل على المسار السياسي هو انه حتى جولات مسار استانا تبدو انها استنفدت طاقتها ومداها عند نقطة
معينة بعد ان انجزت مناطق خفض التصعيد الاربع في جنوب سوريا وفي شمالها ووسطها وفي الغوطة الشرقية وباتت هذه المناطق
امام اختبار الانهيار كما يحدث في الغوطة الشرقية او مناطق هدنة مؤقتة او مناطق تنازع نفوذ الى ان تحين لحظة الحسم خصوصا من
قبل النظام
السوري وحلفائه الذين باتوا يرون انهم اصحاب القوة على الارض بعد ان استعاد النظام معظم الاراضي السورية ويحاول استعادة
بقيتها خلال المراحل المقبلة في ظل اشارات دولية كثيرة ومنها ما صدرمن فرنسا وبريطانيا مؤخرا ان بقاء الاسد لم يعد شرطا للحل
السياسي بل وانه موجود على الارض ولابد من الحديث معه في ظل موقف اميركي ملتبس وعدم وجود استراتيحية اميركية واضحة
للازمة السورية خاصة بعد هزيمة داعش الارهابي هناك.
مثلما كانت الازمة السورية على مسارها العسكري والميداني طويلة امتدت لسبع سنوات وفي اذار المقبل تدخل عامها الثامن ، فان
التوقعات بحل سياسي سريع ومستدام تبدو ايضا صعبة جدا ، وليست بذات التوقعات المتفائلة بمثل هذا الحل حتى وان اصبحت
الكفة العسكرية لصالح النظام بشكل واضح في هذه المرحلة وبعد ان فعل التدخل الروسي فعله الحاسم اعتبارا من خريف العام 2015
وقلبالموازين بان غيّر هذا التدخل المشهد وجعل موسكو صاحبة اليد العليا في الازمة السورية وفي ظل ايضا تعدد اللاعبين من
الاقليم والعالم وفي خضم دمار هائل لحق بسوريا وتشريد اكثر من نصف الشعب السوري الى مئات الالاف من الضحايا والمفقودين.
وصحيح ان ضجيج السلاح هدأ الى حد كبير في الجبهات السورية المختلفة حتى في معركة الحرب على الارهاب لتناقص هائل في
الاهداف التي يمكن ضربها من حلفي واشنطن وموسكو على هذه الجبهة نظرا لهزيمة داعش الارهابي وتكفل تركيا بالتعامل مع
جبهة تحرير الشام (النصرة سابقا) في منطقة إدلب ، وكذلك الهدوء النسبي في مناطق خفض التوتر باستثناء منطقة الغوطة
الشرقية والوضع الانساني المأساوي فيها، الا ان ذلك الهدوء النسبي الميداني لم يجلب زخما إضافيا الى المسار السياسي في جنيف
وفشلت الجولة الثامنة ومسار استانا شبه استنفد غاياته وهو بالأساس مسار أمني معززللسياسي وليس بديلا عنه ، في حين بدأ
التركيز من قبل موسكو ودمشق على وجه الخصوص على مسار آخر تخشى المعارضة والقوى الدولية والاقليمية المساندة لها بأن يراد
منه بديلا للمسار
السياسي الأممي في جنيف لصالح رعاية روسية أحادية تعيد خلاله تشكيل المشهد السوري وفق رؤية المنتصر وصاحب اليد العليا على
الارض.
الانتقال من جنيف الى استانا ثم الى سوتشي ، هو دليل آخر على صعوبة الحل السياسي ، وهو وضع ولد التشاؤم على ما يبدو لدى
المبعوث الدولي ديمستورا لان ينعى ولو بشكل موارب مسارجنيف ، ويبدأ بإلقاء التهم على الاطراف بالفشل مما يصعب مهمته
ويضعه بموقف المتدخل والمنحاز ويبعده عن دور الوسيط الذي مارسه خلال الجولات السبع الاولى ، لكن المشكلة تبدو أكثر عمقا بأن
الازمة السورية تتحول مجددا الى مفصل ومشهد جديد تنقل فيه روسيا الملف كله الى ولايتها السياسية الكاملة وعلى أرضها في
سوتشي بعد أن قلصت دورها العسكري وسحبت جزئيا بعض القوات من سوريا لأسباب تتعلق بانتهاء دورها من جهة وأسباب داخلية
تتعلق بالانتخابات الرئاسية الروسية من جهة ثانية وإعلان في وقته المناسب بأن بوتين انتصر في سوريا ليس فقط على المعارضة
والارهاب انما ايضا على الولايات المتحدة بأن أخرجها من المشهد الميداني والسياسي في هذه الازمة.
ما يصدر من موسكو أخيرا بشأن مؤتمر سوتشي الذي ترحب به دمشق، ويبدو انه ذللت فيه المخاوف التركية بخصوص الاكراد ، فان
الاجندة الرئيسية هي بالنسبة للروس وحدة سوريا وبقاء الاسد رئيسا لسوريا، والنقطة الاخيرة المتعلقة ببقاء الاسد هي بالضبط ما لا
يمكن ان ينجح على مسار جنيف الاممي الملتزم بانتقال سياسي وافضى الى نهايات مغلقة جراء هذه النقطة.
لكن سوتشي الذي ربما سيكون أشبه بحوار ( وطني ) سوري على الارجح سيتجاوز مسألة الانتقال السياسي الى سقوف أقل تتعلق
بالحكومة والدستور والانتخابات.
والى حين انعقاد سوتشي سيبقى صنع السلام في سوريا أصعب من مجرد إيقاف الحرب في هذا البلد وأزمته التي عودتنا خلال
سنواتها السبع على التقلبات والمفاجآت التي لا يمكن ملاحقتها بسهولة.