Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Sep-2016

غريب .. - عبدالهادي راجي المجالي

 

الراي - في الوقت الذي , تنتشر فيه إذاعات (المياصه) , في الوقت الذي تفتح فيه الراديو في الصباح , تجد مذيعة تتحدث عن الحب , وفي المساء يطل عليك مذيع يقدم حلقة عن العلاقة قبل الزواج ...ويتحدث مع سيدة , ويسألها بكل ما في الخطاب من وقاحة ..هل كان لك علاقة قبل الزواج ؟ ...في الوقت الذي يستولي فيه الإعلام الهابط على الأثير ...وترخص محطات إذاعية جديدة , تتحدث عن العناية بالبشرة ..وحب الشباب ...
 
في الوقت , الذي تظهر فيه اسماء غريبة عجيبة على الإذاعات , وهمها استقطاب المراهقين , والحديث معهم عن علاقاتهم , وفتح الأثير كي يقومون بإهداء الحبيبات أغنية , ولا يتحرج ذاك المراهق من ذكر اسم حبيبته ..واسم أبيها واسم عشيرتها ...في الوقت الذي تخرج فيه بنت أردنية عبر إذاعة ..وتحاول أن تتحدث باللبنانية , وتختلط اللهجة ..فتصبح هجينا ..ويكون موضوع حديثها عن (المزز) وكيف تفضل حبيبتك :- سمراء , بيضاء , ممتلئة ..
 
في الوقت الذي ينتشر كل هذا الخراب , يصمت المجتمع ونصبح نحن كفارا ومأزومين ودخلاء , ونهاجم , وندان ...ماذا جنيت حين كتبت مقالا عن ناهض حتر ؟ هل إرتكبت خطيئة ؟ حتى ينهال علي الألوف من الناس بعضهم يخونني , وبعضهم يكفرني ...وبعضهم يجردني من الحياة ...
 
تصمت الدولة عن خطاب الكراهية , بالمقابل خطاب المجون والإبتذال في إذاعات الليل مسموح , خطاب (الطعج) وتغيير اللهجة , والحب والدفء مباح أيضا ..وهؤلاء كلهم إيمان , لم تتحرك صحيفة للهجوم عليهم ولم تتحرك هيئة رسمية أو شعبية أو نقابية ...لوضع حد لهم , أما نحن فلا بواكي علينا..
 
من الان سأكتب عن كريم البشرة , سأكتب عن مستحضرات معالجة حب الشباب , وسأحاور صبية عن سبب ترك حبيبها لها ...سأنثر كلاما عن الحب فقط ..سأتحدث باللبنانية الرصينة كي يرضى الكل عني , سأسمي نفسي (طوني) ...وسأقوم بتأسيس زاوية اقدم فيها نصائح تتعلق بكيفية الحفاظ على الحبيب , وعن أهمية العلاقة الجنسية وعدم فتورها ...سأكتب عن الأغاني وسأطارد كل (البومات) ثامر حسني , سأكتب أيضا عن الدلع وأصول (الإتيكيت) ....هل سيقبلني المجتمع لحظتها ؟ ...
 
هذا سؤال موجه لمن كفروني وهاجموني وسموني بالنذل والرخيص والخائن وكل الصفات الذميمة , ...سؤال برسم حبي لبلدي ,هل ستقبلونني إذا فعلت ذلك ؟ ...أنا لا أفهم كيف تصبح الكتابة عن ناهض جريمة , في لحظة نصمت بها عن إذاعات تفسخ كل القيم وكل أشكال الإحترام وتكفر بعاداتنا وشرقيتنا وإحترامنا لذاتنا ...
 
تلك المرة الأولى في حياتي التي أشعر فيها بالصدمة والحزن , أما الخوف فهو للجبناء , فهو لمن يتخلون عن الدور الوطني والأخلاقي , لم يلتحفون صمتهم ...لم لا يقرعون الجرس ...
 
غدا سيكون مقالي عن الحب في سن المراهقة , هل سترضون لحظتها ؟