Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-May-2018

أجواء رمضانية: صوم وصيام وما بينهما! - ناديا هاشم العالول

 الراي - اتحفتْنا وسائل التواصل الإجتماعي طيلة الشهور الأخيرة المنصرمة بمناجاة الشهر الفضيل، فالكل ينادي على رمضان قبل «الحجّة بمرحلة».. الأطفال يستذكرونه والكبار يهللون لقدومه.. ودعايات المسلسلات تملأ المكان والزمان بمافيها مواعيد الخيم الرمضانية المتألقة بلعب «الشدّة» ودخان الأرجيلة المنافسة لسجاير التبغ تتنافى أكاسيدها ومعايير المدن الصديقة للبيئة والصديقة لمواطنيها!

للأسف شعاراتنا قاربت لان تكون «نعم» للتدخين و»لا» لعدم التدخين بزمن الشقلبة!
بالمناسبة هنالك محاولات جادة لجعل عمان مدينة» صديقة» من خلال «بحبحة « أرصفتها وشوارعها وتحسين مرافقها وحدائقها وأماكن التسوق مشيا في شوارع وساحات مغلقة مخصصة للمشاه.. كلها برمتها تضفي جمالا وبهاء حقيقيين على العاصمة الجميلة.. آملين ان ينطبق الشيء نفسه على بقية المدن الأردنية..
لينتقل هذا الأهتمام من البنية التحتية الى «البنية العلوية- الهوائية-» والتي يتحكم بها الأنسان أيجابا أو سلبا وفق سلوكه وأفعاله.. وللأسف تراكمت سلبا بهوائها ايضا حتى كادت أن تزهق أنفاس النفوس!
ففي خضم توجهاتنا هذه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بيئيا ما أحوجنا لأن ندرج هدفا آخر يتعلق بمنع التدخين أو على الأقل التخفيف منه قدر الأمكان إسوة ببلدان العالم التي تكافح التدخين بشراسة، وخاصة بالبلدان المتقدمة.. فلماذا لا نتخذ من تقدمهم مثالا يحتذى به.. فنحن لا ينقصنا شيء في مجال التفكيروالتخطيط ووضع البرامج وتطبيقها على أرض الواقع..
فعلى سبيل المثال ترتفع النداءات في «هامبورج» مطالبة الآباء بالأقلاع عن التدخين أذا أرادوا أنجاب أولاد أصحاء.. كانت الدعوات توجه عادة الى الأمهات قبل الآباء لأنهن المسؤولات في المقام الأول عن حمل الجنين لتسعة شهور.. الا أن الدراسات أثبتت أن الآباء المدخنين مسؤولون في المقام الأول عن التشوهات الخلقية التي تحدث لأطفالهم بسبب تغييرات جينية تنتقل من الاباء المدخنين للأجنة..
فالامر اذن لا يقتصر على الجهاز التنفسي للجنين والطفل فيما بعد.. بل ينتقل الى عمق الجينات.. والأب المدخّن هو المسؤول الأول عن ذلك.. طبعا وما يتبع ذلك من إمدادات سلبية يوزعها المدخنون والمدخنات عبر حلقات دخانهم على الآخرين من «داءات» تستقر في أجهزتهم التنفسية.. فما ذنب «غير المدخنين «..
والى متى سيستمر»اللامدخنون « في تلقي هذه «الهبات» القاتلة من المحيطين بهم من أهل أو أصدقاء أو زملاء عمل!
يبدو لنا أن «اللامدخن» ببلادنا هو المذنب المطارَد والمطرود ليصبح بالنهاية «الطريدة».. بعكس البلاد
المتطورة.. وقد يستأذن المدخن من المتواجدين حوله أن كان يزعجهم تدخينه.. وحتما سينفون إنزعاجهم فنحن شعوب مجاملة من الطراز الأول لدرجة الوقوع بمطب النفاق..
وكثيرا ما يدخن أحدهم تحت «لافتة» ممنوع التدخين في مؤسسة ما غير آبه بقانون يمنعه، وكأن اللافتة لا تعنيه من قريب او بعيد، فما بين التدخين ومحاربته وما بين المسموح والممنوع.. وما بين الممنوع والتحايُل عليه تتصارع التناقضات حتى بين الصوم والصيام..فالفرق بينهما كبير..
علما بأن القرآن الكريم ، عندما يذكر كلمة (صيام ) بحرف (الياء)، فإنه لا يقصد بها كلمة (صوم ) بحرف (الواو)..
لأن المقصود من كلمة (صيام) بالقرآن الكريم: الامتناع عن الطعام والشراب وباقي المفطرات من الفجر حتى المغرب فيعني فريضة ( الصيام ) خلال شهر رمضان.. والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة 183 «:يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام».. دون ان يقول « كتب عليكم الصوم».. فهنالك فرق بين الصوم المرتبط باللسان والكلام، والصيام المرتبط بالمعدة وطعامها وشرابها..
ونتذبذب بين الممنوع والمسموح، وبين الرغبة وقمعها، وبين الإقدام والتقهقر متسائلين عن دور الإرادة هنا، فمَن لا «يُأرجِل» عادة تراه يفعل ذلك إبّان الشهر الفضيل، ومن لا يلعب «الشدّة « طيلة العام فإنه يفعل ذلك برمضان، ومن لا يشاهد التلفاز ابدا تراه يفعل ذلك اثناء الشهر الكريم متابعا مسلسلاته التي لا تنتهي!
ترى هل تبَقّى بعد ذلك مكان وزمان رمض برمضان للعبادة والتأمل وتنقية النفوس من الشوائب؟
لا شك بأننا نتقلب بعصر التناقضات لكثرة خلط المعطيات في ظل غياب القناعات، فنحن نجهل ماذا نريد فنفعل ما يريده الآخرون، لنصبح ضحايا ثقافة إستهلاكية تطلع علينا نهارا ولا تغيب ليلا مستغلين حبنا للتقليد الأعمى وللأسف نحن نقلّد كل ما هو ضار، فلا نقلد الإيجابيات بل نقتدي بالسلبيات.. وبعدها نلوم حظنا!
علما بان «عشرة بالمئة» من الحياة هو ما يحدث لك، و90 %من الحياة هو كيف تتفاعل مع هذه العشرة الأولى.. ترى هل نعرف كيف نتفاعل مع هذه العشرة وفق ردود فعل مدروسة؟
االله أعلم..
علما بأن االله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم!
hashem.nadia@gmail