Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Jan-2017

عندما يصبح القاتل بطلاً قومياً - غازي السعدي
 
الراي - أدانت المحكمة العسكرية الإسرائيلية مؤخرا الجندي الإسرائيلي «ليئورأزاريا»، الذي أطلق النار على الشهيد «عبد الفتاح الشريف»، الذي أطلق الجنود النار عليه اثر محاولته طعن أحدهم، فسقط جريحاً ملقى على الأرض، لكن الجندي «أزاريا»، أجهز عليه بإطلاق رصاصة قاتلة في الرأس عن بعد بضعة أمتار قائلاً لزملائه الجنود: أنه يستوجب الموت، وقد وقع الحادث في البلدة القديمة من مدينة الخليل، فجاء قرار المحكمة بإدانته، على ان يجري تحديد العقوبة في الأيام القادمة، وقد اتخذت المحكمة قرارها بإجماع القضاة الثلاثة، بتهمة القتل المتعمد، وقد جاء في قرار المحكمة، أنه لم يكن هناك أي مبرر لإطلاق الجندي النار على جريح لا يشكل أي تهديد، وان الشهادة التي أدلى بها «أزاريا» لم تكن موثوقة، وجاء في قرار المحكمة أن إطلاق النار على «الشريف» كان السبب المباشر لمقتله.
 
إن السؤال الذي يتداوله الفلسطينيون، لماذا تم اعتقال هذا الجندي القاتل، وتقديمه للمحاكمة؟ فقد ادعى الجندي أمام المحكمة أنه عمل وفقاً للنهج العسكري، فالاحتلال الذي شكل جهازاً متكاملاً للقمع والقتل المتواصل منذ 1967، هو الذي يجب أن يحاكم، وقبل سنة ونصف السنة، اتخذ مجلس الوزراء الإسرائيلي قراراً بإطلاق النار مباشرة على كل من يشتبه بأنه يحمل سكيناً، فأوامر إطلاق النار أعطت تصريحاً رسمياً بقتل الفلسطينيين، بينما كان بالإمكان اعتقال المشتبه بهم، أو إطلاق النار على ارجلهم، لكن الرغبة بالقتل أثارت الهستيريا لدى الاحتلال، لإخماد الانتفاضة، فهناك أمثلة كثيرة لجأ فيها الجيش والشرطة والمستوطنون لقتل فلسطينيين دون محاكمتهم، وتم إغلاق عشرات الملفات لهؤلاء القتلة، لأنه لا قيمة لحياة الفلسطينيين بنظرهم، نتيجة التحريض الحكومي والسياسة العنصرية ضد الفلسطينيين، فالشهيدة «هديل الهشلمون» من الخليل تم قتلها، حين كانت ملقاة على الأرض، جراء إصابتها برصاص الجنود الذين واصلوا إطلاق النار عليها، والشهيد «فادي علوان» من العيسوية قام شرطي بإطلاق النار عليه وهو ملقى على الأرض وقتله، والشهيدة «سارة حجوج» من بني نعيم، كانت في غرفة الفحص على حاجز الخليل، فقام الجنود برشها برذاذ الفلفل، وفروا من الغرفة، ثم عاد أحدهم وقتلها، والشهيدة «انتصار هرشة»، التي كانت تسير نحو حاجز عنبتا، أطلقوا النار عليها وقتلوها، وهناك العشرات من الفلسطينيين والفلسطينيات قتلوا دون مبرر، كان بإمكان الجنود اعتقالهم، فيما أظهرت إسرائيل الجنود القتلة كالأبطال، وهذا غيض من فيض، فالجنود مجرمون، لكن المجرم الأساسي هي الحكومة التي أعطت التصريح بالقتل، والتي يجب محاكمتها في «لاهاي». 
 
إن ما دفع إلى محاكمة هذا الجندي، دون إخفاء جريمته كغيره من القتلة، حين كان أحد نشطاء منظمة «بتسيلم» بالقرب من الحادث، فالتقط مشهد إطلاق النار على «الشريف»، وهو جريح فنشر هذا المشهد وتناقلته وسائل الإعلام، مما أحرج الاحتلال بعدم إخفاء الجريمة، واضطر لاعتقاله ومحاكمته، فالمشهد الذي انتشر في الخارج، كان وراء اعتقاله «الصوري» وتقديمه للمحاكمة.
 
لقد امتلأت شبكات التواصل في إسرائيل بالسباب والتهديد ضد قضاة المحكمة في أعقاب الإدانة، وهدد الكثيرون منهم بتدفيع القضاة الثلاثة الثمن إن عاجلاً أم آجلاً على قرارهم، وانتشرت المظاهرات التي ترفع صور القاتل وتنادي بأنه بريء، وكأنه أصبح بطلا قوميا، الأمر الذي أدى إلى وضع حراسة عليهم، اما «نتانياهو» فطالب بالعفو عن الجندي حتى قبل تحديد المحكمة مدة عقوبته، وفي استطلاع للرأي العام الإسرائيلي، نشرته جريدة «إسرائيل اليوم، فإن 70% يطالبون بالعفو عن الجندي، فالمتظاهرون الذين طالبوا بالعفو عن الجندي، ذكروا أن هناك سوابق بعمليات القتل والعفو عنهم، استشهدوا بعملية الحافلة رقم (300) التي اختطفها فلسطينيون قبل سنوات، وهي بطريقها من تل-أبيب إلى بئر السبع، حين قتل رجال الأمن الخاطفون الفلسطينيون، وحصلوا على العفو دون تقديمهم للمحاكمة، والأمثلة المعروفة كثيرة، وغير المعروفة أكثر.
 
إن الاستنتاج من خلال متابعة ردود الفعل الإسرائيلية، أن اغلبية الإسرائيليين يؤيدون قتل الفلسطينيين، فهذه القضية اعتبرت نقطة تطرف أخرى في الرأي العام الإسرائيلي، اما الإعدامات الميدانية للفلسطينيين، ودون محاكمة فهي مباحة، ولم يبق أمام الفلسطينيين سوى اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل، فحادث الدهس الذي جرى في القدس مؤخرا والذي أدى لمصرع أربعة جنود، وإصابة (15) بجروح، كان المطلوب من سلطات الاحتلال أخذ العبر، فإن كل ما قامت به من إجراءات قتل وقمع وحصار لم يؤد إلى وقف انتفاضة السكاكين، أو عمليات الدهس وبدلاً من ذلك فإن الاحتلال يضاعف إجراءاته ضد الفلسطينيين، وللأسف إن لم يتم التوصل إلى حل جذري للقضية الفلسطينية وحرية الفلسطينيين فإن نزيف الدماء من قبل الجانبين سيتواصل.