Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Jul-2018

عرس الدم - بن كسبيت

 

معاريف
 
الغد- صحيح لهذه اللحظة، فإن الاحتمال الاكبر لوقف التدهور نحو جولة اخرى وعديم الجدوى في غزة هو الحصول على هاتف حج كريم جروشي والطلب منه بان يفعل شيئا ما. شاهدت امس جروشي لدى أيالا حسون يتحدث بمنطق ويشرح كيف شرح لخاطفي الطفل من قلنسوة وكيف انهم يرتكبون خطأ ومن الافضل لهم النزول عن الشجرة، إلى أن فهموا. اريئيل شارون كان يروي أن امه، فيرا شاينرمن كانت تبعث به بين الحين والاخر كي يشرح كل أنواع الامور للعرب، او للجيران في كفار ملال "كي يفهموا". وكما تبدو الامور، فإن حماس لم تفهم بعد.
في الاسبوعين الاخيرين، حين بدأ يتسلل إلى جهاز الامن الاعتراف بأن ارهاب الطائرات الورقية لم يهدأ وان الرسائل التي يطلقها الجيش نحو القطاع لا تفعل فعلها، أعد الجيش الهجوم الذي اوقع على حماس في نهاية الاسبوع.
لم يكن هذا تدهورا بصدفة لا يمكن التحكم بها، بل عملية عسكرية إسرائيلية مخططة. يخيل لي ان تلميحا قبيلها طبع في العنوان الرئيس لـ "معاريف" يوم الثلاثاء الماضي مع التقرير بان وزير الأمن ليبرمان يطلب من الجيش الإسرائيلي تغيير السياسة والتوجه نحو هجوم واسع ضد حماس، حتى ثمن التصعيد وجولة عنف اضافية.
هذا بالضبط ما رأيناه أمس وأول أمس. فقد نشر الجيش مسبقا بطاريتين من القبة الحديدية لاغلاق زاوية الساحة الجنوبية، جمع وحشد الجهود الاستخبارية وحدد الاهداف. استحكام كتيبة بيت لاهيا لحماس دمر، والحدث الاكثر اهمية كان تدمير مبنى متعدد الطوابق في قلب القطاع.
كما يذكر، فإنه فقط عندما بدأ الجيش يدمر المباني العالية لقيادة حماس والحكم في القطاع في الايام الاخيرة للجرف الصامد، فهمت حماس بانه حان الوقت للانهاء. إذن هذا ما حصل الان، باستثناء انه بدلا من انتظار النهاية سبقوا النهاية إلى البداية. والثمار يفترض بمبعوث الامم المتحدة الخاص نيكولاي ملادبنوف ان يجمعها في اثناء الليل. اذا استيقظنا صباح غد لمواصلة التصعيد، سنفهم ان حماس لم تفهم بعد. حتى هنا الموضوع التكتيكي. في المجال الاستراتيجي لا توجد بشائر. حكومة إسرائيل غير مستعدة لاسقاط حكم حماس في غزة مثلما وعد رئيسها، وغير مستعدة للوصول إلى تسوية بعيدة المدى تهدئ الجنوب لعدة سنوات.
فما الذي هي مستعدة له؟ للمزيد من الامر ذاته. بمعنى العيش من جولة إلى جولة، كل ثلاث إلى أربع سنوات دفن بضع عشرات من الجنود الشبان على مذبح حماية الوضع الراهن الغبي هذا. اما الثمن فيدفعه سكان محيط غزة. وحماس هي الحيوان المدلل لبنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان. اما المشكلة فهي أن هذا الحيوان هو كلب روتفلر. عندما يعض يؤلم.
حتى لو أخذنا منهم الانفاق واعترضنا لهم الصواريخ والغينا لهم قذائف الهاون، فسيجدون وسيلة لإيلامنا. الفارق الاساس بينهم وبيننا هو أنهم ليس لديهم ما يخسروه، وحين يعيشون في اسفل الدرك – فإنهم سيبذلون كل جهد كي يرشون ببعض من المجاري كي نشعر بالرائحة. في الجيش الإسرائيلي يستجدون القيادة السياسية تلقي تعليمات مرتبة وسياسة واضحة بالنسبة لسؤال ما العمل مع غزة، ولكن السياسة هي اننا لا نعمل مع غزة أي شيء، فهي ستعمل مع نفسها شيئا ما وحدها. هذا هو الوضع الان.
اما الاستخبارات الإسرائيلية فواثقة بموقفها في الاشهر الاخيرة في التقدير أن حماس غير معنية بجولة اخرى من القتال في غزة، مثلما كان أيضا عشية الجرف الصامد. لا حاجة لتقدير استخباري منمق كي نقول ان إسرائيل أيضا لا تريد جولة قتالية اخرى في غزة.
إذن كيف يحصل أن عريسا رافضا وعروسا شموصا يواصلان السير معا نحو منصة الدم لهما؟ إذ هكذا هو الحال هنا عندنا. المنطق سليم ولكن الجنون لا يمكن التحكم به. في اثناء السبت لم تتحطم القواعد: حماس لم تطلق بعيدا جدا ولا كثيرا جدا. إسرائيل هاجمت عشرات الاهداف ولكنها اجتهدت كي لا توقع خسائر فادحة جدا. في الطرفين يحاولان عدم اعطاء الطرف الاخر الذريعة للانفلات ويبقيان السلم للنزول عن الشجرة. وما تبقى هو ببساطة النزول.