الراي - يلوّح برزمة من اوراق اليانصيب وكأنه يحرّك الهواء ليخفف من حرّ صيف أفرط في تعسّفه،او كشرطي مرور بأكفّ بيضاء يستعجل السائقين للأسراع في اجتياز الطريق.تتوقف مركبة،يهرول بائع اليانصيب مسرعا الى نافذة السائق،يمد يده برزمة الاوراق بتحفّظ ،يبدأ الزبون في تقليبها واحدة واحدة ,يدزّ صاحبنا رأسه داخل النافذة يحملق بيدي الزبون أن كان زبونًا طيّارًا أو أحسّ بأنّ(أيده خفيفة)تنزلق أحدى الأوراق منها)بدون قصد) إلى حضنه.يقلّب الزّبون البضاعة,يعيد التقليب ،يمر الوقت وبائعنا يصبّر نفسه،أخيرا يتمخّض الزبون عن نصف ورقه ،يقتل دقائق طوالا في انتشال ثمنها.زبون آخر يأخذ كامل الرّزمة بعد أن يقنعه البائع بأنّها آخر ما لديه.هو لا يرغب أن يقوم أحد بالشراء بعده،يرغب في قطع دابر الأوراق والنّصيب لغيره.يمضي أمتارًا ليبرز البائع رزمة أخرى(أستاذ في علم نفس اليانصيب).

 

آخر يغمض عينيه وهو يختار أوراقه. ثالث يربض قريبًا لإقتناص ورقة قام أحد الزبائن بلمسها وشمّها لكنه عدل عن شرائها,هو يتمنّى أن يرى وجه من مسّها بعد أن تفوزبالجائزة الكبرى(البريمو)..منتهى اللّؤم.البعض لا يشتري أنصافا من أوراق كاملة خوفا من النّدم لعدم شراء النصف الآخر وقد فاز و كان في يده.آخرون قنّاصون,ينتظرون سويعات ما قبل موعد السّحب ليشتروا في الوقت الميّت ما تبقى من اوراق قطع البائع الحزين الأمل في بيعها و...بنصف السّعر.ختيار يختار أوراقًا منتهية برقم بذاته أو رقمين أو ثلاث في كلّ سحب منذ عقود،غيره يختار الأرقام التي يعتقد أنها لا تربح متشابهة أو بترتيب رتيب مملّ خمس أصفار مثلا.والبعض يبحث عن رقم مركبته أورقم رآه في منامه و..سيطول البحث!!جميعهم يحلمون و ينتظرون.شاب ينتظر الفرج لأكمال نصف دينه,آخر يتلهّف لشراء مركبة ولو نصّ عمر,صبيّة تأمل في أن يكون لها حظًّ في حساب في بنك،ختيار يتمنّى أن يصطحب الختيارة في رحلة سياحيّة بشختورة تمخر عباب بحرٍ جدولٍ أو حتى سيل الزّرقاء, تاجرعليه أوراق دفع مستحقّة.تنوّعت المطالب والأمل واحد من مائة ألف.سيعتبرون أنّ أموالهم تصبّ في عمل الخير,يعزّون أنفسهم بهذا أذا ما خسروا.

 

يشترى ورقة,يراقب السحب مساء على التلفاز،الرقم الاول مطابق الثاني مطابق,جميعها مطابقة يقفز فرحًا كيويو»لاولى ألاولى»يحتضن أمّه و زوجته و عرّ الأولاد .يقبّل شاشة التّلفاز والأرض والدّرج واحدة واحدة وهو يطير إلى مقهى(غير نصيبك ..لن يصيبك)يجلس وحيدًا بعيدًا عن شلّة الأنس,منزويًا في ركن حيث لا بشر خوفًا من أن يفلت لسانه فيصاب من عين نافرة حاسدة,أو يهرع الديّانة يطالبون بديون أسنت س سنين,أو صائدي قروض لن تسدّد.يطلب أوراق شدّة هاند . يحضرها صبيّ المقهى مع ورقة وقلم تعلوه الدّهشة فلا لعبة هاند بدون أثنين تماما كما رقصة التانجو.يبدأ صاحبنا بتسجيل قيمة الجائزه ويبدأ بالطّرح ثمّ الطّرح العمليّة سهلة,ليس فيها الّا الطرح فداخلها مفقود وخارجها مفقود.يحسب:ديون مزمنة كالذّباب في عناده لا تفارقه,سيارة(شقفة)أرض في(عبدون)يشطب عبدون ويكتب(دابوق)رحلة بحريّة كروز) مع أمّ العيال لم لا؟المبلغ كبير وفيه بركة.يسارع الى سريره فلا ينام.يسري مع منبّه الفجر الديك العصابيّ الصّياح للجار النّكد.يبحث عن بائع يانصيب،لا يرى رقمه بين الارقام الرابحة،يهتزّ،يقلب ويعيد ويزيد,لا(ربح له)يلطم ويلطم ثمّ يلطم .يعود منكسرا الى المنزل. تبادره أمّه بسؤال يهز أركانه»أين أنت منذ أشهر؟»يبحث عن أبنته عن زوجته,لن يجدهما هو أصلا لا زوجة له...أضغاث أحلام.

 

هي(الحياة)الدّنيا هكذا,التّعلّق بقشّة الأمل والحظّ والنّصيب.كم يهدرون سني أعمارهم في شراء أوهام وأحلام من سحاب من ندف من قطن بين يدي منجّد!؟هي الحياة(كلّ شئ نصيب)نعي أنّ الرزق مقسوم,لكن البعض لا يسعى لمَ يسعى؟لِمَ يعمل ؟! يحلم وينتظر نزول ما هو مقسوم من بنكنوت على صحيفة من وهم من ورقة يانصيب.جميل أن نعيش بالأمل لكن سويّة مع العمل.قد نشتري أوراقًا من يانصيب,لعلّ وعسى أن تصيب, ستصيب وتكسب(البريمو)أليس هو موسم المشمش !؟

 

mbyaish@gmail.com