Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Apr-2018

اين مجالس اللامركزية من مشاركة الشباب ؟ - د.هيام عمر كلمات

 الراي - يشكل الشباب (إناثا وذكورا) في الأردن حوالي 60 %من السكان, وهذه النسبة العالية المتعلمة والمثقفة والناشطة على كافة الصعد , والعاملة على طرح إختراعات ومبادرات متميزة عدة رائعة تطالعنا عليها يوميا وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي المختلفة, تنتظر العديد من هذه الإختراعات ومجالات التميز والمبادرات لمن يحتضنها وينميها ويمأسسها لضمان إستدامتها.

وقد حث جلالة الملك في أكثر من مناسبة بضرورة الحوار مع هذه الفئة من قبل كافة الجهات لكونها عماد المستقبل, ذلك أن أية خطط وبرامج هي المتاثرة بها أكثر من غيرها. ومع ذلك لم تأخذ دورها بفعالية في عملية صتع القرار المحلي الخاص بالإستراتيجيات والخطط وبرامج التنفيذ التي ترسم وتقر من قبل الدولة. وقد رأينا حرص جلالته على مرافقة مجموعة منهم في زياراته للدول المختلفة وكذلك في المؤتمرات المحلية بهدف صقل شخصياتهم وزيادة خبراتهم وثقتهم بأنفسهم. كما لا نغفل دور سمو ولي العهد الملكي في دعم مبادراتهم وتشجيعهم على المشاركة لتطوير بلدهم وإعطاء نموذج مشرف للشباب الأردني على المستوين المحلي والدولي. وكانت إحدى أهم المبادرات من سموه القرار رقم 2250 في الأمم المتحدة والخاص بدور الشباب في عمليتي الأمن والسلام. ولكننا نجد بأن هذا الأدوار الهامة لا يواكبها جهد محلي بالشكل المطلوب. فما زلنا نرى ان الحكومة المركزية هي المبادرة محليا في اللقاءات. ففي اللقاء الاخير الذي أجرته للتحاور والإستماع للمواطنين في المحافظات, ثمنا عاليا الطروحات المعمقة والأسلوب الرزين المعبر عن الوعي والدراية التي تقدم بها العديد من الشباب. ونتسائل أين مجالس اللامركزية, فمن مهامها الأساسية تجذير الحوار بالمشاركة الفاعلة مع الشباب, لتحديد الحاجات والأولويات وشرحها وبيان المشاريع المشتركة مع المحافظات الأخرى. وبيان فيما إذا كانت هنالك محددات يمكن للحكومة المساهمة في إزلتها, ومن ثم تقديمها وشرحها للحكومة باسم المجالس لدى زيارتها للمحافظات. وذلك بالتحاور حولها مع المجتمع المحلي وخاصة الشباب, لتحديد الأمور الأساسية والتي تعتبر مفاتيح للقضايا المحلية للوصول لأفضل الإستراتيجيات وخطط التنفيذ الممكنة بموجب الموازنات المرصودة والموارد المتوفرة محليا.

ما زال دور الشباب ضعيفا في المشاركة في هذه الحوارات ولن نقول غائبا لكي لا نبدو محبطين. ولكن المتأثرين بما يجري حولهم أكثر من غيرهم هم الشباب صناع المستقبل على المستويين القريب والبعيد.
دون إغفال للفئات الأخرى وخاصة الضعيفة كالفقراء والمعوقين وكب وفي هذا السياق لا نغفل أهمية توفير آليات للتوعية والتدريب على الحوار والمشاركة الفاعلة. ذلك أن الحوار الهادف فن وعلم, ويمكننا استخدام وسائل متعددة في هذا الإطارمنها التعلم السريع, والإستفادة من الخبرات التي طورها الخبراء والسكان المحليين على مر السنين والتي عملت على معالجة مشكلاتهم اليومية. وفي هذا السياق لا ننكر بأن هنالك بعض برامج التدريب من الجهات المانحة والمتوقع أن تظهر آثارها قريبا. وتكمن أهمية توفير التعليم المدني أو ما يسمى بالمديني نسبة إلى المدينة في تعزيز للمواطنة بتدريب المواطنين وتوعيتهم لحقوقهم وواجباتهم ومسؤولياتهم تجاه مجتمعهم في إطار القوانين والأنظمة المعمول بها, ذلك ان المشاركة غير الواعية ستؤدي إلى فوضى في الممارسة
الديمقراطية. وتنبع أهميتها لهذه الفئة العمرية لقدرتها على إتاحة الفرصة لأن يكون لهم دورُ هامُ في
تشكيل نمط حياتهم, بحيث ينعمون بالكرامة, وبالإحترام لوجهة نظرهم, وبانهم مقبولون وليسوا
مهملين مهما كانت ظروفهم ومستواهم التعليمي والاقتصادي وحتى الصحي. فهي وسيلة لبناء الثقة و إطلاق طاقات الإبداع وتنمية الممارسة الديمقراطية وتعزيزها في المجتمع. مع ضرورة التأكيد أن المشاركة بالرغم من أهميتها ودورها الفعال إلا أنها ليست العلاج السحري لكافة القضايا, لذلك يجب تدريبهم على ترتيب الحاجات بحسب الاولويات. كما لا بد أن تنبع المشاركة من قناعة ذاتية وطوعيه وبالإقناع والتشجيع دون استغلال. وتختلف عملية المشاركة من فئة إلى أخرى بمعنى يجب أخذ عامل العمر والظروف الإقتصادية والإجتماعية بعين الإعتبار. وأن تتصف السياسات المحلية بالشفافية (Transparency ( وبإتاحة الفرصة للمساءلة (Accountability (وهما عنصران ريئسيان يعززان من مصداقية القائمين على المجالس ، و يساهمان في نجاح التنفيذ لأهميتهما في تحقيق الحاكمية الإدارية المحلية.
كل هذه المزايا نفتقدها من قبل مجالس اللامركزية, فهناك تباطؤ في العمل تجاه الشباب مما يفقدهم الفرصة لممارسة القوة الذاتية الإيجابية, وسيشعرهم بالضجر ويعزفون عن المشاركة في المستقبل. ويجدر بنا هنا عدم إغفال دور العادات والتقاليد كمعوقات أمام مشاركة المرأة وخاصة الشابات في التجمعات العامة والذي يجب أن يؤخذ بالحسبان. ولا تعني مشاركة الشباب إغفال دور الكبار وتخليهم عن مسؤولياتهم ومنحها كليا للشباب، فهناك إستراتيجيات معينه وأهداف يجب تحقيقها ولا يمكن أن يترك الشباب دون دعم وتوجيه من الكبار ولكن دون إستئثار الكبار بالقرارات النهائية.
وفي حالة امتنع للشباب عن المشاركة بالرغم من توفير كافة الوسائل فإن ذلك الموقف يعبرعن رسائل صامتة مفادها عدم الرضا. وهي رسائل هامة يجب اخذها بعين الإعتبار لإعادة النظر في الوسائل والسياسات المتبعة, والتي لم تصل لمستوى تطلعاتهم وطموحاتهم. كما وتعتبر شكلا هاماً من أشكال التعبير عن الرأي والمواقف تجاه بعض القضايا المطروحة سواء أكانت للكبار أم الشباب. فرفض المشاركة يعبرعن موقف يجب احترامه والتعامل معه دون إستهجان , فهي مشاركة ولكن بأسلوب آخر يمارس الفرد فيه حقاً من حقوقه.
وأخيرا, من المعروف بأن اللامركزية لا تدار بعصا سحرية إنما هي حلقة هامة من عملية إصلاحية لا بد من رفدها بالآليات لضمان نجاحها. وان نتصف بالصبر في تطبيقها محليا إلى أن يستقر بها الحال بالصيغة التي تلائم ظروف وإمكانيات بلدنا. فهي ألية هامة ويجب علينا دعمها بكل الإمكانات للوصول إلى توافق جماعي(Consensus (حول غالبية القضايا المحلية.
•خبيرة في الحاكمية الرشيدة و التنمية المستدامة