Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Mar-2020

الباحث عبد المجيد جرادات يطل على فلسطين من شرفة الثقافة

 الدستور-د. سلطان الخضور

يمتاز الإصدار الجديد للباحث الأردني الاستاذ عبد المجيد جرادات والمعنون بـ»من شرفة الثقافة - حركة الزمن ودور أهل الفكر»، الصادر عن دار الفكر الثقافي/ اربد. بأنه من الكتب الثقافية المتميزة بالدقة واعتماد الحقائق والقدرة على ربط الوقائع التاريخية وتفكيكها وتحليلها وربطها بطريقة منطقية مقنعة تعتمد التسلسل الزمني الموثق وبالتالي استخلاص النتائج بمنهجية تستحق الإشارة إليها.
وحتى لا يكون ما سنكتبه انزياحة مبنية على علاقتنا بالمؤلف فقد آثرنا أن نجعل العنوان المتعلق بفلسطين محوراً لما سنورده في هذا السياق.  
أورد الباحث جرادات تحت عنوان «فلسطين والقدس بين حقائق التاريخ ودور أهل الفكر» ما يوحي بفهم عميق لحركة التاريخ المتعلقة بهذا الجانب، وبحث دقيق في الأدوار التاريخية والفكرية للدول والأشخاص خصوصاً ما يتعلق بوسائل الإعلام. وقد أظهر الباحث وعياً لما يحاك للقضية الفلسطينية من محاولات تصفية ومحاولات تستهدف تحييد الموقف العربي تجاهها عن طريق التطبيع وبالتالي قبول»إسرائيل»كدولة يهودية محورية في المنطقة والتخلص من الشعب الفلسطيني بطردة إلى الدول العربية وأصقاع متفرقة من العالم، وبالتالي انهاء مبدأ حل الدولتين.
ويتمثل الوعي لدى الباحث أيضاً في تثبيت حقيقة التشبث بالأرض من قبل الشعب الفلسطيني وأيمانه بعدالة قضيته، وقدرته على فرض معادلة وجوده كحقيقة تاريخية لا يمكن لحركة التاريخ أن تقفز عنها.
ويبرز الباحث المرحلة التاريخية الدقيقة الممتدة بين عامي الف وتسعمئة وسبعة عشر وألف وتسعمئة وعشرين ودور بريطانيا الملتزم على الدوام بدعم الحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود على التراب الفلسطيني على حساب حقوق أصحابها الشرعيين، حيث اعتمدت المنظمات الصهيونية في تحقيق أهدافها على منهجية المراحل كما أشار، بدءاً بعام ألف وتسعمئة وثمان وأربعين حيث تم بدعم أوروبي وأمريكي الاستيلاء على الجزء الأكبر من فلسطين مروراً بقرار الرئيس الأمريكي» دونالد ترامب» نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبارها عاصمة موحدة ل»اسرائيل».
ويقرر الباحث هنا الحاجة إلى حشد الجهود العربية وتبني سياسات اعلامية جديدة ومواقف فكرية تعتمد الحجة وتوظفها لخدمة القضية الفلسطينيّة وتفند المزاعم التوراتيّة الاسرائيليّة ومحاولة اقناع صناع القرار في الغرب بعدالة هذه القضية اعتماداً على منطق القانون الدولي، لأنه كما أشار تم توظيف مخرجات الإعلام العربي لخدمة «إسرائيل».
ويقول جرادات أنه منذ العام الف وتسعمئة وأربعة عشر مورست ضد الفلسطينيين كل انواع البطش في حين حظيت العصابات الصهيونيّة آنذاك بكل أنواع الدعم؛ ما أعطاها أسباب القوة والتفوق العسكري والمالي والاقتصادي، ويشير الباحث أن ارتباط اليهود بمنطقة البحر المتوسط كان سعياً وراء الرزق وأن ارتباطهم بجبل صهيون يصطدم باعتبار هذه المنطقة منطقة اسلامية مقدسة فيها أولى القبلتين وثالث الحرمين. وأشار الباحث في معرض حديثة عن بيت المقدس إلى الفتح الاسلامي عام ستمئة وست وثلاثين للميلاد الذين حرصوا على حقن الدماء وحفظ كرامة الناس ومعاملة اليهود بتسامح واحترام الدين اليهودي، كما يشير الباحث إلى الازدهار الذي شهدته منطقة بيت المقدس على الصعيدين العلمي والديني، ويوضح ارتباط المسيحيين بفلسطين حيث شهدت ميلاد وحياة السيد المسيح، فلذلك يبرز تعاطفهم مع الأمة العربية نتيجة تعلقهم بالأرض المقدسة.
ويبرز الباحث الحقيقة الجغرافية التي تجعل لموقع فلسطين أهمية اقتصادية وعسكرية ودينية أكدتها الحروب الصليبية. ومما زاد من اهتمام بريطانيا بفلسطين حملة نابليون بونابرت على مصر وفلسطين في أواخر القرن الثامن عشر حيث رأت أنها تهدد مصالحها، فوجهت اهتمامها بالجالية اليهودية التي كانت تقدر بتسعة آلاف وسبعمئة نسمة حيث عملت على استقدام جاليات يهودية جديدة، سعياً لعدم قيام دولة عربية موحدة تجمع بين المشرق والمغرب العربي لضمان سيطرتها على المنطقة.
ويرى الباحث جرادات أن المناداة بإقامة دولة يهودية في فلسطين بدأت عام الف وثمانمية واثنين وستين من قبل الحاخام «هيرشي كاليشر» في كتابه «روما والقدس» وتمكن بعد ذلك الإديب الإعلامي النمساوي «هيرتزل « من عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل بسويسرا عام الف وثمانمئة وسبعة وتسعين، بهدف خلق وطن لليهود في فلسطين مستنداً على اكتاف الزراعيين والصناعيين. وقد ركز الإعلام الصهيوني على معاناة اليهود وارتباطهم بالمدينة المقدسة وقد استغلت الصهيونية محاولة المد الشيوعي وزعمها بأن ذلك المد يهدد الغرب والولات المتحدة. ويوضح الباحث في هذا الباب مجموعة من الحقائق منها مسؤولية وسائل الإعلام العربية في التركيز على مبادئ القانون الدولي والتصدي للإعلام الصهيوني ومقاومة محاولات الأختراق للصف العربي، ويركز كذلك على دور الجاليات الفلسطينية في استغلال الكفاءات للتصدي للمشروع الصهيوني وضرورة التركيز على وحدة الهدف والمصير المشترك للشعب الفلسطيني والتصدي لسياسات التهجير ومصادرة الأراضي.
وتحت عنوان خطورة يهودية الدولة على حقوق الشعب الفسطيني يرى الباحث أن الخطورة تكمن بعدم الاعتراف بالشعب الفلسطيني ويرى أن تداول عبارة الطوائف غير اليهودية تصب في السعي لجعل اسرائيل وعاصمتها القدس دولة لليهود دون سواهم وهو ما اشترطه اولمرت ونتنياهو للتفاوض مع الفلسطينيين وهو تحد واضح للإعلام العربي من جهة وللشباب الفلسطيني الذي يجد نفسه أمام واقع مناكفات الفصائل والحاجة للعمل.
ويخلص الباحث للقول أن فلسطين ستبقى قضية العرب الأولى وأن القدس ستبقى في ضمير كل عربي وان الترسانة العسكرية الاسرائيلية وممارسات الاحتلال لم توفر له الشعور بالامن، ويبرز الحاجة لخطاب إعلامي عربي ينفتح على مؤسسات المجتمع الدولي للتأكيد على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.