Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Apr-2018

لماذا الدعوة الآن إلى قانون انتخاب جديد وانتخابات مبكرة؟ - د. صالح ارشيدات

الراي -  لعل السؤال المطروح الان هو: لماذا نشطت الساحة الاردنية الان ومعظم القوى السياسية والاحزاب والكتاب والصحف والنخب في الدعوة الى انتخابات مبكرة ضمن قانون انتخاب جديد.

لعل اسباب هذه الدعوة باعتقادي يعود الى الاسباب التالية:
* استمرار غموض تحديات الاقليم والحروب العربية المذهبية بالوكالة منذ سبع سنوات، وتنامي عقيدة
الارهاب والتطرف حول فضاء الاردن، والهجرات العربية القسرية للسكان العرب الغير مسبوقة نحو الاردن
ولبنان فقط، والتي اصبحت جزءا من التحولات الغامضة الجديدة في العالم العربي، وغموض الحلول
المطروحة تجاه القضية الفلسطينية بعد فصل ملف القدس عن مرحلة الحل النهائي الشاملة التي تشمل
المياه والحدود واللاجئين وحق العودة والمستوطنات والسلام النهائي، وعملية الاصطفاف العربي الاقليمي.
* شعور معظم الاردنيين، بان الاقليم يمر بمرحلة اعادة الترسيم السياسي والجغرافي والنفوذ، ووجود
مشروع اسرائيلي صهيوني ناجز للدولة اليهودية ولتصفية القضية الفلسطينية، وفق معادلات جديدة، وبان
الاردن مستهدف لأكثر من سبب، وشعورهم بضرورة تجديد النخب السياسية البرلمانية والوظيفية لمواجهة
هذه التحديات الصعبة ضمن خطاب اردني جديد.
* تراجع تأثير اليات مؤسسات المشاركة الشعبية والمجتمعية والسياسية في صنع القرار الوطني،
الاقتصادية منها والسياسية (رغم التفاف الاردنيون قاطبة حول الملك والثوابت الوطنية)، وخلو المشهد
الداخلي من اي ثقل سياسي ايجابي لرجال الدولة المحافظين، وعزوف رجال الدولة المؤهلين عن سلوك
الخيار الحزبي، واستمرار معاناة فئات المواطنين الشعبية والوسطى المعيشية بسبب ارتفاع الاسعار
والضرائب وازدياد البطالة بين المتعلمين، في ظل شعور شعبي عام بضعف المؤسسات التمثيلية وغياب
القرار والدور السياسي المؤسسي التشريعي والرقابي المطلوب لمجلس النواب، وطغيان الطابع الفردي
لعمل النواب، وضعف تماسك والتزام الكتل البرلمانية للسعي في خلق قيمة مضافة لأداء مجلس النواب،
والذي ينعكس بدوره سلبا على المخرجات التشريعية والرقابية والتمثيلية التي تهم حياة المواطنين مما
تسبب في انعدام الثقة بين البرلمان والقاعدة الشعبية بشكل عام.
* غياب آلية جدية لتنفيذ وتحقيق الرؤى الملكية الملهمة بالإصلاح الشامل الذي يقوده الملك وخصوصا
الفترة منذ عام 1912 والمتمثل في مضمون الاوراق النقاشية وصولا الى الحكومة البرلمانية،
والتي تشكل محطة امل وتحفيز والهام للمواطنين والقوى السياسية وقوى المجتمع المدني الهادفة الى
تعظيم المشاركة السياسية والمجتمعية في تعزيز المواطنة المتكافئة والتعددية الوطنية والهوية
الوطنية الواحدة، وتجذير المسار الديموقراطي وصولا الى الدولة المدنية الحديثة والحكومات البرلمانية، وفق
تشريعات لا تعاني اختلالات وتشوهات طبقا لمعايير الديموقراطية الحقيقية المتعارف عليها،
حيث يشكل تنفيذ مضمون الاوراق النقاشية الى ميثاق وطني، محطة وطنية لتحقيق الاستقرار الداخلي
والتنمية المستدامة لكل الاطراف والمكونات، والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، حيث تأمل النخب الوطنية
وجود قناعة لدى صانع القرار بضرورة اتباع منهجية جدية في تقييم الوضع الحقيقي الراهن، للخروج بخارطة
طريق جديدة، للخروج من المأزق المركب الاقتصادي والسياسي، واعادة تعريف الدور الاردني الجديد ومشروعه
النهضوي واعادة تكوين النخب الوطنية السياسية والاجتماعية لتنفيذ المشروع الاردني في ظل التحركات
الاقليمية والدولية.
أهمية تجديد النخب السياسية!
لعل اهمية تجديد النخب تنبع من احساس عام اننا نواجه مرحلة جديدة من التطورات والازمات الاقتصادية
والسياسية والوجودية، التي تتطلب مواجهة جديدة وباليات جديدة وبدم جديد وبخطاب سياسي جديد،
مصحوبا بالدعوة الى انتخابات نزيهة وحرة وقانون انتخاب ديموقراطي توافقي جديد.
وقد مررنا سابقا بمثل هذه الحالات وهي نمط متعارف عليه عالميا تتطلب تجديد حقيقي يؤدي الى تغيير
في معادلة تركيب القوى الداخلية.
سأذكر حالة ما سمي هبة نيسان عام 1988 التي اعقبت فترة الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي مر الاردن فيها،
وعالجها الملك حسين الذي خرج للتو من فك الارتباط القانوني الاليم مع الضفة الغربية، والتي ارغم عليها
الاردن عربيا، من خلال الدعوة الى انتخابات نيابية نزيهة مبكرة وتعظيم مشاركة كل القوى السياسية
الممنوعة في المعارضة وقوى الموالاة المحافظة وضمن خطاب اردني سياسي جديد.
لقد استطاع مجلس النواب الحادي عشر آنذاك ومكوناته السياسية المتعددة ان يكون سندا حقيقيا للنظام
السياسي لخروج الاردن من الازمة الشهيرة.
دور الاحزاب الوطنية في العمل العام!
ان فلسفة مشاركة الاحزاب في التنمية السياسية والعمل العام تنبع من واجبها الدستوري الاخلاقي
والوطني، كونها روافع عمل سياسي، مكلفة بتعبئة طاقات الشعب بشكل ايجابي، لتعزيز الوحدة الوطنية
وخلق راي عام واعي، وقاعدة اجتماعية منظمة لانضاج رؤية وطنية تبدا بمشاركة شعبية طوعية هدفها نقل
الحوار السياسي والاجتماعي غير المنظم الى ساحة الاحزاب لتأطيره ونقل نتائجه الى مجلس الامة للحوار
حوله.
نص دستور الاردن التقدمي الحديث صراحة، وكذلك ممارسات الحكم التاريخية ومبادرات وفلسفة قيادته
الشرعية، باننا نسعى الى ترسيخ النهج الديموقراطي والتعددية الثقافية والسياسية وصولا لتحقيق
فلسفة الحكم بالوصول بالأردن الى الدولة المدنية الحديثة، من خلال الحكومات البرلمانية، حيث تعتبر
الاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني جزءا من نظامها البرلماني السياسي ومن اركانها الاساسية،
مع حق الاحزاب الوصول الى تداول السلطة التنفيذية من خلال البرلمان.
 
ولا يمكن للأحزاب ان تنمو في بيئة غير صديقة للعمل الحزبي الديموقراطي ولا يمكن للأحزاب ان تؤدي
وظيفتها وتتطور الا اذا كان النظام السياسي والاجتماعي يعترف بها رسميا من خلال التشريعات والدستور
جزءا من النظام السياسي البرلماني.
لماذا قانون انتخاب جديد ؟
لقد اصبح ملموسا لدى كل الاردنيين بان معظم قوانين الانتخاب السابقة ومخرجاتها، لم تحقق رؤية الملك
بعد، في تعظيم المشاركة السياسية والفكرية والحزبية في مكونات مجلس النواب، وفي افراز مجالس
نيابية قادرة على احداث نقلة نوعية على صعيد العمل المؤسسي البرامجي والسياسي، وفي تغير انماط
وعادات التصويت الجهوية عند الناخبين الى انماط سياسية وبرامجية، لان ذلك التغير فقط هو السبيل الى
الوصول الى مجالس نيابية سياسية في شكلها وجوهرها.
ان قوانين الانتخاب للبرلمانات الديموقراطية هي المحرك الاساسي الاكثر تأثيرا في تغيير وتجديد الحياة
السياسية لأي نظام سياسي، وهي تعكس فكر وشرعية النظام السياسي والتشريعي للدولة، ودرجة
الوعي الشعبي الجمعي للمشاركة السياسية وتداول السلطة البرلمانية.
ولا يمكن ان يكون هناك حكومات برلمانية الا بوجود برلمان فاعل بقدرة تمثيلية وتشريعية ورقابية عالية
وبوجود تعددية حزبية متوازنة وفاعلة وقادرة.
ان فكرة الحكومة البرلمانية كما يريدها جلالة الملك، مرتبطة بالنظام الديموقراطي المتجذر، ووصول الاحزاب
الى البرلمان من خلال قانون انتخاب، يعظم المشاركة الشعبية والفكرية ويدعم الاعتراف بالأحزاب ركنا
اساسيا في النظام السياسي البرلماني للدولة وتمكين ائتلاف الاحزاب البرامجية من تشكيل الحكومة
وحكومة الظل.
ما المطلوب اردنيا لعودة الثقة؟
المطلوب الانتقال الى مستويات اعلى من العمل الديموقراطي المشترك بين مؤسسات الدولة ذات العلاقة
ومؤسسات المجتمع المدني والاحزاب، للتوافق على شروط ومحددات الحكومات البرلمانية المتعارف عليها
دوليا، والاعتراف تشريعيا بالأحزاب السياسية من خلال قانون الانتخاب، ومن خلال التزام المؤسسات الرسمية
المعنية في تنفيذ ديموقراطية النظام السياسي المتعارف عليها، والاعلان رسميا عن قناعة النظام
السياسي من خلال البدء بخلق بيئة تشريعية وخلق بيئة سياسية اعلامية للتوافق الرسمي والشعبي حول
التغير القادم لإزالة العزوف الشعبي عن المشاركة والانضمام للعمل الحزبي المشروع،
ان تنفيذ مضامين الاوراق النقاشية الملكية الى الية عمل ملزم لكل المكونات كفيل بتحقيق الهدف
المنشود.
ملامح قانون الانتخاب القادم!
تتفق معظم الاحزاب السياسية على وجوب تخصيص مقاعد حزبية خالصة في اي قانون انتخاب مختلط قادم
ضمن قائمة حزبية نسبية على مستوى المحافظة او الوطن لا تقل عن 25 %من مقاعد مجلس النواب.
وتعتبر مخرجات لجنة الحوار الوطني لعام 2011 حول قانون الانتخاب مرجعية وطنية يمكن مراجعتها والتوافق
عليها.