Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Jan-2018

يوم الشجرة - م. فواز الحموري

الراي -  اعتدنا يوم 13 /1 من كل عام الاحتفال بيوم الشجرة ، وعلى الرغم من انشغال الجميع بأمور أخرى غير الشجرة ، إلا أن الحاجة تقتضي بالعودة إلى الاحتفال الرسمي والشعبي بيوم الشجرة وتعميم ذلك على الأجيال الصاعدة وغرس مفهوم أهمية الشجرة في النفوس والانتقال إلى الأرض وزراعة الأشجار والمحافظة عليها على مدار العام.

ذكريات جميلة عن الاحتفالات الماضية لغرس شجرة ومتابعتها بالعناية والزيارة والاهتمام ، والقناعة بان الغابة تبدأ بشجرة هي فلسفة نحتاجها اليوم مع زراعة البنايات في كل مكان وحتى في المساحات الزراعية والريفية ، وكم هو مؤسف مشاهدة التراب الأحمر ملقى جانبا للبحث عن الأساسات لبناء عمارة سكنية وخسارة فرصة لا تعوض لزراعة الأشجار وحتى المحاصيل الموسمية في تلك المساحات والتي فيما مضى قرى زراعية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

بهت نوعا ما الاحتفال بيوم الشجرة وظلت الرعاية الرسمية مترتبة كل عام ولكن المطلوب تعميق حب الشجرة في الوجدان والمجتمع والتفكير جديا في إعادة إحياء الغابات في المناطق التي قد يمتد إليها العمران خارج حدود أمانة عمان الكبرى وحتى داخلها وكذلك في المحافظات الأخرى ورفدها أيضا بالحدائق العامة والمتنفسات الاجتماعية للمواطن داخل المدن وخارجها للتمتع باللون الأخضر على أقل تقدير.
 
نجح العديد من زراعة الأشجار الحرجية وفي المناطق الجافة وأصبح بالأماكن مع الوسائل الزراعية الحديثة وتوفر المشاتل المتخصصة رفد المجتمع بأشجار يمكن زراعتها في مناطق شاسعة هنا وهناك وعلى امتداد المملكة.
 
راق لي عند كتابة المقال النشيد الخالد: «نحن الشباب لنا الغد « وكم تمنيت إعادة بث هذا النشيد وتشجيع الطلبة للتطلع الايجابي والواقعي والاقتراب من الأرض والنظر إلى الغد والمدى البعيد بعيدا عن التحديق والإدمان على الأجهزة وعدم الاستمتاع بشروق الشمس ومغيبها أو رعاية شجرة وتنظيف محيطها وسقايتها والجلوس تحت ظلها والعديد من صور العطاء الإنساني للمس التراب والحديث مع الشجرة بعمق وطني وإخلاص.
 
قبل الاستيلاء العمراني على طريق المطار وطريق ياجوز وشارع الأردن والعديد من المساحات الأخرى ، لا بد من إنشاء غابات جديدة وبكثافة مع يوم الشجرة الحالي والبدء بذلك للاستمتاع بفترات نمو الشجر وبدرجات متفاوتة ؛ منها المثمر والآخر حرجي.
 
تغتال الحرائق واعتداءات المصطافين الغابات سنويا سواء بشكل عفوي أو متعمد وتشكل تحديا وخطرا حضاريا وسؤالا قاسيا: إلى متى يمكن أن يستمر مسلسل الاعتداء وهل تشكل العقوبة رادعا ؟
لا بد من غرس مفهوم المحافظة على الشجرة في النفوس وكم انزعج من منظر شاب «يقصف « غصن شجرة على رصيف الحي او أطفال يتسلقون شجرة لقطف ثمارها قبل النضج وبهمجية واضحة ، أو من مصطاف في حديقة عامة يجلس على مسطح أخضر ويقتلع العشب وما أن تنتهي رحلته حتى يكون المسطح الأخضر عبارة عن بقع فارغة ومشوهة !.
 
الحدائق تلك المتنفس الحيوي للإحياء السكنية غابت مع غمرة وسطوة « العمارات » وعدم توفر مساحة للترفيه ولعب الأطفال وحتى تسلق الأشجار واللعب والتمتع بالمناظر الجميلة ، فلماذا نحرم الماء والخضراء والوجه الحسن في أحياء تبنى بالملايين ولا تتوفر فيها حديقة أو فسحة للجلوس والتأمل والتدبر وحتى الجلوس تحت أشعة الشمس والنظر إلى «الفضاء الرحب » باستغراق رائع ؟
 
في يوم الشجرة على وجه الخصوص ندعو إلى إعادة تأهيل العديد من المناطق التي تصلح للزراعة وتجهيزها لزراعة الأشجار، وبالطبع وزارة الزراعة وأمانة عمان والبلديات كافة والجمعيات والنقابات وأعضاء المجتمع المدني والجامعات والمدارس مشمولة في تنظيم أفكار جديدة لحث الجميع على غرس شجرة أمنيات وطنية تزهر وتثمر الإخلاص والولاء والانتماء لثرى الأردن الطهور.
 
أمس الأول شاهدت عن بعد أستاذ فاضل علمنا فيما مضى معنى غرس الأشجار؛ كان ذلك عندما انهمرت دموعه عند إتمام الزراعة في موقع الاحتفال، طلب دلو ماء وجعلنا نصطف أمام الشجرة ونردد: وعدا بان نظل الأوفياء... نرعاك ونهتم ونعتني بك على الدوام، ودعنا الشجرة بالدمع العزيز الغالي مثلها وبقينا على العهد ونتمنى ذلك لمن بعدنا: «زرعوا فأكلنا ونزرع ليأكلوا».
 
كم نفرح عندما يسقي سيدنا بيده شجرة الحياة عند صرح الشهيد ويغرس شجرة في موقع الاحتفال ويردد: «ترجموا القول إلى فعل».
 
وكم نفرح كما كنا نفعل في سابق السنوات عندما نحتفل بيوم الشجرة بل بعيد الشجرة تلك التي أصبحت غابة باسقة على مدى العمر والأمنيات الجميلة للجلوس تحت ظلها ذلك الذي يضمنا بوضوح تحت النور براحة ودون خوف أو قلق أو صراع.... إنها الشجرة إنها الأمة..إنها الظل الظليل.