Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Jan-2018

تعدديات و «ديكتاتوريات» !! - صالح القلاب
 
الراي - أليس أسوأ «ديكتاتورية»، حزبية أو فردية، عرفها العالم في أكثر حقبة تاريخية أفضل ألف مرة من هذا التشظي الموجع لقلب أي إنسان، وحتى من أقدامه في الألفية الثالثة ورأسه لا يزال هناك في العصور الوسطى وقبل ذلك، من هذا الذي نراه في العراق وفي سوريا وفي اليمن و بالطبع في لبنان والذي يهدد الدول العربية كلها ومن بينها التي قطعت شوطاً في السُّلم الحضاري «العلماني» والتي لم تعرف التناحر المذهبي والعرقي «الإثني» في أي يوم من الأيام وأهلها يقفون على رصيف واحد في الحقوق والواجبات الذين من المفترض أنهم تجاوزوا «تخندقاتهم» القبلية والعشائرية سياسياًّ ووطنياًّ وأصبحت إنتماءاتهم وقيمهم إنتماءات وقيم القرن الحادي والعشرين .
 
هل يعقل أن يتشظى العراق في القرن العشرين والحادي والعشرين، وهو الذي لم يكن يعرف كل هذه الآفات المعيبة لا في العهد العثماني وبالطبع ولا في العهد الملكي ولا في عهد حكم حزب البعث ويصبح هناك شيء إسمه «البيت الشيعي» وآخر إسمه «البيت السني» وتصبح هناك عمليات توزيع غنائم سياسية بين العرب وبين الأكراد والإزيديين والتركمان والشيعة الفيليين وتصبح هناك محاصصة حتى بين الأكراد أنفسهم وحتى بالنسبة لهذه المجموعات الأثنية الصغيرة.
 
وما ينطبق على العراق سينطبق بالتأكيد على سورية إن بقيت الأمور فيها تسير في هذا الإتجاه المأساوي الذي غدت تسير فيه بينما لو عدنا حتى إلى أربعينيات القرن الماضي لوجدنا أن المعادلات السياسية كانت معادلات حزبية وأن حسني الزعيم الذي كان قام بأول إنقلاب عسكري عام 1949 كان كرديا وكان رئيس وزرائه حسني البرازي أيضا كرديا وأن الإنقلاب العسكري عليهما لم يكن على هذا الأساس ولم يكن إنقلاباً عربيا بل أنه مثله مثل الانقلاب الذي سبقه كان إنقلاباً جهوياً وإقليمياً ولعل العلامة الفارقة في تلك الفترة الجميلة فعلاً أن فارس الخوري المسيحي-البروتستاني إبن لبنان قد أصبح في سورية رئيساً للوزراء ثلاث مرات وأصبح رئيساً للبرلمان ووزيراً للداخلية.. وأيضا وزيراً للأوقاف الإسلامية في بلد يشكل المسلمون فيه نسبة تتجاوز الثمانين في المئة .
 
ما سبب كل هذه المصائب التي حلت حتى بأقطار الأمة العربية التي كانت تصف نفسها بأنها علمانية؟! وهنا فإن المعروف أن الأردن كان عرف الديموقراطية المتقدمة حتى على بعض مثيلاتها، في ذلك الحين في منتصف خمسينات القرن الماضي، في بعض الدول الأوروبية أسبانيا والبرتغال ودول أوروبا الشرقية، وبأرقى أشكالها وعلى أساس حزبي وبرامجي وكان من الممكن أن تستمر تلك المسيرة وتصاعدياًّ لو أن عدوى الإنقلابات العسكرية البائسة والمدمرة لم تقترب وتجعله يرتد على ما كان بدأه ويستبدله بمركزية شديدة لم يستطع التخلص منها إلا في نهايات ثمانينات الألفية الثانية.
 
ربما يتساءل البعض عن بديل هذه الأمراض المذهبية المدمرة وهل هو ترك الطوائف والقوميات الكبيرة تبتلع المذاهب والأقليات القومية الصغيرة..؟ والجواب لا أبداً إذا تحولت هذه الإنتماءات إلى إنتماءات سياسية وحزبية وعلى ما هو عليه الوضع الآن في تونس وفي مصر وفي المغرب (المملكة المغربية) وبالطبع في الأردن.. وهنا علينا أن نتجاوز لبنان لأن كل أحزابها وعلى رأسها حزب االله وحركة «أمل» هي أحزاب دينية وطائفية ومن بينها بالطبع الأحزاب الأرمنية والمارونية والدرزية.. وأيضاً.. أيضاً والكردية!!.