Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Feb-2019

المجالي: الوحدة الأردنية الفلسطينية تعرضت لمؤامرات عربية.. ولا مثيل لعلاقة الشعبين

 الغد-حاوره: د. محمد أبو بكر

الحوار مع رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبد السلام المجالي له مذاق خاص، فأنت تجلس في حضرة التاريخ والعلم والسياسة. أكثر من ستة عقود حافلة بالعمل الذي لم ينقطع حتى هذه اللحظة، مسيرة خاضها هذا الكركي الأردني المفعم بالعروبة، الغيور على قضايا الأمة، حيث تشعر من خلال الحديث معه أنه يكاد ينفجر غيظا مما آلت إليه الأوضاع من المحيط إلى الخليج.
من الطبيب الضابط في الخدمات الطبية الملكية، إلى مدير لها لسنوات عديدة، ومرحلة بدايات إنشاء الجامعة الأردنية، ومشاركته في أول وزارة مع المرحوم عبد المنعم الرفاعي، وما رافق ذلك من أحداث وتطورات نغوص في تفاصيلها مع المجالي، الذي واكب أهم الأحداث في عقود ثلاثة كانت هي الأخطر في تاريخ هذا البلد وهذه الأمة (السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات). 
ارتبط اسمه اساسا بتوقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل في وادي عربة في تشرين اول (اكتوبر) 1994، وهي اتفاقية جاءت بعد سنوات عجاف من التوتر بالعلاقات العربية بدأت على اثر اندلاع ازمة الخليج الثانية، وطال فيها الأردن حصار سياسي واقتصادي شديد.
ورغم أنه خرج من العمل الحكومي الذي أفنى فيه معظم سنوات عمره، إلا أنه ما يزال مصرا على تقديم المزيد، فما يزال في العمر بقية، وما يزال العطاء موجودا، وها هو من خلال جمعية الشؤون الدولية مستمر في عطاء من نوع آخر، ولكنه ليس بعيدا عن شغفه بالسياسة من خلال تلك الندوات والمحاضرات التي يتابعها بروح شبابية وعطاء لا ينضب. 
عبد السلام المجالي عرفناه في فترات متقلبة من تاريخ الأردن، قدر له أن يتحمل المسؤولية في أدق الظروف وأقساها، شنوا عليه الحروب من وراء حجاب حين تم الإعلان عن إنشاء المؤسسة الطبية العلاجية، ثم جاءت اللحظة التي ارتبطت باسمه، عندما وقع إتفاقية السلام مع اسرائيل، لتخلق جدلا واسعا لم ينته حتى اليوم. 
وفيما يلي الحلقة الاولى مع المجالي، ضمن سلسلة محطات سياسية مع شخصيات أردنية بدأت “الغد” نشرها مؤخرا.
 
• كنت مديرا للخدمات الطبية الملكية العام 1960 ، وتم اختيارك وزيرا للصحة في حكومة المرحوم عبد المنعم الرفاعي، كيف جرى ذلك بعد أن ترددت بقبول هذا المنصب؟
-اتصل بي المرحوم عبد المنعم الرفاعي وطلب مني الحضور وأبلغني بتكليف الملك حسين له بتشكيل الحكومة، عارضا علي تسلم وزارة الصحة التي كان الملك غاضبا عليها، وغير راض عن أدائها، ترددت وأبديت اعتذاري بقبول هذا الموقع، فما كان منه إلا أن أخبرني بأن هذه رغبة الملك، علما أن هدفي كان أمرا آخر يتعلق بالموضوع الصحي في الأردن وهو إنشاء ما يسمى (المؤسسة الطبية العلاجية)، والتي من مهامها الإشراف على كل ما يتعلق بالأمور الطبية والعلاجية بالمملكة ، لأنه حسب رأيي فإن وزارة الصحة يجب أن يكون هدفها الصحة العامة ، وأن تكون الصحة العلاجية مستقلة ، لذلك لا بد من البحث عن إطار آخر ، وهو المؤسسة ، ولكن لم يقدر لها أن ترى النور في ذلك الوقت .
 
• هذا الهدف لم يتحقق، وتسلمت وزارة الصحة، ماذا أنجزتم خلال وجودكم فيها؟
 
في فترة قياسية أنجزنا الكثير، فمثلا كان هناك حوالي سبعة مستشفيات صغيرة متخصصة متناثرة على جبال عمان ، ومدراء هذه المستشفيات يرتبطون مباشرة مع الوزير، وهذا بحد ذاته عبء كبير على الوزير وعلى المواطن المريض أيضا، وفي ذلك الوقت كان الوزير يتدخل في كل صغيرة وكبيرة ، وهذا غير منطقي أبدا ، قمنا بتوحيد هذه المستشفيات ضمن مستشفى كبير في جبل الأشرفية (البشير حاليا)، وقدمنا الدراسات اللازمة للتطوير برغم الظروف الأمنية الطارئة في ذلك الوقت .
• المؤسسة الطبية العلاجية مشروع مهم وكبير، لماذا لم ينفذ في ذلك الوقت ، وما هي الأسباب التي حالت دون المباشرة به؟
 
العديد من الأشخاص وقفوا بوجه المشروع خشية على مكتسباتهم ومصالحهم من أن يصيبها الضرر، لقد قاوموا المشروع بكل قوة ، وكان من ضمن أهداف المشروع أيضا العمل على ترسيخ العدالة بين جميع العاملين في هذا القطاع، وبالطبع هذا لا يروق للبعض للأسف!
• دعنا نذهب إلى الجامعة الأردنية وبدايات التأسيس حتى وصولك إلى الرئاسة فيها؟
 
عندما كنت مديرا للخدمات الطبية الملكية؛ دعاني المشير حابس المجالي إلى مكتبه، وكان عنده ضيف بريطاني (نائب في مجلس العموم)، وكان الهدف من هذه الدعوة القيام بالترجمة من الإنجليزية إلى العربية وبالعكس، ثم سأل الضيف البريطاني عن المساعدة التي يمكن للحكومة البريطانية أن تقدمها للأردن ، فأبلغه حابس المجالي حاجة الأردن لإنشاء جامعة قائلا له أن السلاح والمعدات بعد زمن تبلى، أما العلم فإنه يبقى، وانجلترا مشهورة بجودة العلم ، فوعدنا النائب بإبلاغ حكومته بذلك .
بعد فترة وجيزة زارنا وفد من الجامعات البريطانية (لندن، كامبردج وأكسفورد) على حساب القوات المسلحة الأردنية لدراسة الموضوع ، ومدى الحاجة لإنشاء جامعة أردنية ، حيث قاموا بعمل دراسة شاملة ، وكانت توصيتهم البدء بإنشاء كلية للمعلمين ثم تتطور وصولا إلى جامعة.
في عام 1962 شكل المرحوم وصفي التل حكومته الأولى، وشارك فيها أخي المرحوم عبد الوهاب ؛ الذي قام بعرض تقرير إنشاء الجامعة على الملك حسين ، الذي أصدر إرادته الملكية بتشكيل اللجنة الملكية للتربية والتعليم والتي ضمت خمسة أشخاص (موسى ناصر، عبد الرحمن بشناق، بشير الصباغ، أحمد طوقان وعبد السلام المجالي )إضافة لعضوين من الولايات المتحدة؛ للنظر في وضع التعليم في الأردن والإجابة حول إنشاء جامعة أردنية .
• ولكن هل كانت لديكم الاستعدادات والإمكانيات لإنشاء الجامعة في ذلك الوقت؟
 
قدمت الحكومة مبلغ 25 ألف دينار فقط ، والخبراء أفادوا بحاجتنا إلى خمس سنوات على الأقل للبدء بإنشائها ، ولكن كان هناك إصرار على المباشرة بالتنفيذ ، فصدرت الإرادة الملكية بإنشاء الجامعة الأردنية وتشكيل أول مجلس أمناء لها برئاسة المرحوم سمير الرفاعي، وأنا كنت عضوا فيه ، ثم جرى البحث عن المكان المناسب لها ، فوقع اختيار الحكومة على (مستنبت الجبيهة) باعتباره الأفضل والأنسب.
وبعد ثلاثة أشهر فقط من صدور الإرادة الملكية بدأ التدريس بالجامعة وتحديدا في الخامس عشر من شهر كانون الأول (ديسمبر) 1962 ، في كلية واحدة هي الآداب، وكان عدد الطلاب حينها 167 طالبا وعدد أعضاء هيئة التدريس سبعة فقط ؛ ثلاثة منهم متفرغون والبقية غير متفرغين !
تولى المرحوم سمير الرفاعي رئاسة الجامعة بصفته رئيسا لمجلس الأمناء، واستمر في موقعه هذا أربع سنوات .
تم الاتصال بالمرحوم الدكتور ناصر الدين الأسد وطلبنا منه تسلم عمادة كلية الآداب، وبعد ذلك أنشأنا كلية العلوم ثم الاقتصاد ، وتولى الدكتور الأسد رئاسة الجامعة .
• كيف جاء تعيينكم لرئاسة الجامعة، ولماذا تردد رئيس الوزراء حينها بهجت التلهوني في توليكم هذا المنصب؟
 
في عام 1968 اتخذ مجلس الأمناء قرارا بتعييني رئيسا لها بعد استقالة الدكتور الأسد الذي عاد إلى جامعة الدول العربية، وكنت مازلت ضابطا في القوات المسلحة، حيث رفض دولة بهجت التلهوني إحالتي إلى التقاعد لتسلم رئاسة الجامعة ، فجرى تعيين الأستاذ الدكتور عبد الكريم خليفة رئيسا، وفي شهر آب (اغسطس) 1971 تسلمت رئاستها في عهد حكومة المرحوم وصفي التل ، بعد ذلك بعدة أيام تم تعيين الدكتور محمود السمرة عميدا لكلية الآداب والدكتور رشيد الدقر عميدا للاقتصاد ، ثم عرضت على مجلس الأمناء مقترحا بإنشاء كليتي الطب والشريعة .
• طبعا كل ذلك في ظل عدم وجود مخصصات مالية في الجامعة، ومثل كلية الطب تحتاج لإمكانيات كبيرة؟
 
بالفعل، تم إبلاغي بعدم وجود مخصصات وعدم وجود خطة لذلك، فخاطبتهم مازحا أنه بإمكان طلاب الشريعة تلقي علومهم تحت الشجر! بينما طالب الطب يحتاج لسنتين دراسيتين في تلقي علومه في كلية العلوم، وهي موجودة أصلا، والحمد لله تم لنا ذلك، وفي عام 1972 تم إنشاء كليتي التمريض والهندسة ثم الزراعة والحقوق رغم عدم وجود المال ولا حتى الأبنية المستقلة لكل كلية، لقد كنا نقوم بإنشاء كليتين كل عام رغم الإمكانيات الشحيحة أو حتى غير الموجودة !
بعد ستة أشهر ذهبت إلى بريطانيا لاستقدام عميد لكلية الطب، لم يكن هناك مكتب للعميد ، فاستخدم مكتب السكرتيرة ، والمفارقة هنا، أن الفوج الأول من خريجي كلية الطب أنهوا دراستهم دون وجود مبنى للكلية ! 
ودائما الفكرة الجديدة تواجه بالمزيد من الإحباط والتردد، ولكن الله سبحانه وتعالى هو الموفق ؛ فسارت الأمور كما ينبغي لها .
• في ذلك الوقت كانت الدراسة في الجامعة حسب نظام السنوات، كيف جرى التحول إلى نظام الساعات المعتمدة، والذي أصبح معتمدا في كل جامعاتنا اليوم؟
 
كان لي زميل في الجيش اسمه جبران حوا، له ابنتان تدرسان اللغة الإنجليزية، وكانتا دائما ترسبان في مادة التاريخ، وبالتالي فإن الطالب مضطر لإعادة السنة كلها، وهذا غير مقبول وفيه إجحاف، وما علاقة التاريخ باللغة الإنجليزية أصلا؟ فكان لا بد من العمل على التغيير ، فجرى تشكيل لجنة لبحث الموضوع للدراسة وتقديم توصياتها، فكان أن تم اعتماد نظام الساعات المعتمدة، وأصدرت الأمر بتنفيذ ذلك ثم جرى تطويره لاحقا.
• لنغادر الجامعة الآن ونتحول إلى شأن سياسي مهم في ذلك الوقت، والمقصود هنا هو مشروع المملكة العربية المتحدة، ماذا كان بالضبط في ذهن الملك حسين حين أعلن عن قيامها؟
 
إذا عدنا إلى الوراء، ففي العام 1950 طالب وجهاء فلسطين من الملك عبد الله الاول المؤسس الوحدة مع الأردن، وهذا بالطبع حدث بعد أقل من عامين على نكبة فلسطين 1948 ، وبالرغم من إعلان الوحدة فإن ذلك لم ينتقص من حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره في حال تغيرت الظروف، وللأسف تلك الوحدة لم يعترف بها غير دولتين هما بريطانيا وباكستان، ولا أبالغ إذا قلت أن العرب أو معظمهم كانوا يتآمرون على هذه الوحدة ولا يريدونها، وهي أصلا بين شعبين تربطهما علاقات وثيقة عدا عن العامل الجغرافي والتاريخي والاجتماعي، فما يربط بين الأردنيين والفلسطينيين لا تجده أبدا بين أي شعبين في هذا العالم.
وبعد عام 1967 والخروج من الهزيمة التي تعرض لها العرب، واحتلال المزيد من الأراضي وفي مقدمتها الضفة الغربية بما فيها القدس ، كان الملك حسين هو الأعرف بالقضية الفلسطينية، وكان يحاول إيجاد حل إضافة لطمأنة الشعب الفلسطيني ، وكان يقول للفلسطينيين دعوني أفاوض لأسترجع الضفة الغربية، لأنها في ذلك الوقت أرض محتلة من الأردن، وبعد استرجاعها، قرروا مصيركم بأنفسكم، ولكن الأكثرية رفضوا ذلك، وها نحن اليوم نرى نتيجة هذا الرفض، فلا تزال الخسارة قائمة إلى يومنا هذا . 
وهنا لا بد من القول أن العرب قد تخلوا عن الموضوع الفلسطيني، لم يعد في مقدمة اهتماماتهم، لقد تركوا الأردن وحده مع الفلسطينيين، وبقي الموقف الأردني ثابتا وصلبا لم يتغير تجاه الاخوة الفلسطينيين، وبقينا الدولة العربية الوحيدة التي تقف إلى جانبهم بوضوح ودون مواربة بعد استكمال التخلي عن الموضوع الفلسطيني في قمة الرباط 1974 في خطوة شهدت تكاتفا عربيا نحو خذلان الفلسطينيين وضياع الحق الفلسطيني تدريجيا، مع الاحترام لحق منظمة التحرير الفلسطينية بتمثيلها لهذا الشعب، ولكن الضغوط العربية الكبيرة في ذلك الحين على الملك حسين أدت إلى أن يتخلى الأردن عن الوحدة باتخاذه قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية 1988 بحيث يكون للفلسطينيين شخصيتهم المستقلة والثبات والصمود على أرضهم .
• في عام 1990 دخل العراق الكويت في خطوة فاجأت العالم أجمع، نريد من دولتك معرفة الموقف الأردني الحقيقي في ذلك الوقت، ولماذا فرض علينا الحصار من الأشقاء، علما بأن الملك حسين لا يمكن أن يتخذ موقفا لا يصب في مصلحة الأمة العربية؟
 
الأردن رفض رفضا قاطعا المشاركة ضمن قوات التحالف، والعديد من الدول أبدت غضبها من هذا الموقف، كانوا يرغبون بمشاركة الأردن إلى جانبهم، هذا الرفض الأردني قوبل بالمقاطعة من عدة دول عربية، وتوقفت المعونات المالية والاقتصادية ،أي أنهم فرضوا علينا حصارا ، والأردن في حقيقة الأمر لم يقف مع العراق في خطوته باحتلال الكويت، ولم يعلن الملك حسين تأييده للرئيس الراحل صدام حسين ، بل كان موقف الأردن واضحا وضوح الشمس بضرورة الحل العربي لهذه الأزمة، لأن أي حل أجنبي مع تدخل القوات سيجلب الدمار ليس على العراق وحده، بل على الأمة العربية بأجمعها، وها نحن نرى اليوم نتيجة ذلك، وللأسف بعض الأنظمة العربية قاومت أي حل عربي، فكان الاجتياح للعراق وقصفه على مدى أكثر من أربعين يوما ، فكان الدمار للعراق وحصاره وصولا لإسقاط النظام عام 2003، ولم يتوقف الأمر عند العراق بل امتد لدول عربية أخرى، حتى وصلنا إلى مرحلة يمكن اعتبارها الأسوأ في تاريخ هذه الأمة .
• بعد الانتهاء من الموضوع العراقي، بدأت الاستعدادات والتحضير لمؤتمر مدريد للسلام، هل صحيح أن الأردن في البداية كان مستبعدا؟ ولا يريد البعض مشاركته في المؤتمر المذكور؟
 
كان هناك غضب على الأردن من بعض الجهات بحجة وقوفه إلى جانب العراق ، وبدأت حركة إحياء السلام، ولم يسأل الأردن أو يتم الاتصال به ،ولكن الملك حسين يمتلك من الحكمة والدهاء السياسي ما لا يمكن للآخرين مقاومته أو مجاراته، وقالها بصريح العبارة، أن لا سلام في المنطقة بدون الأردن، مع ضرورة مشاركة القوى الخمس الكبرى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي .
وبدأت التحركات، وزار جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي المنطقة عدة مرات ، ووضع معادلة ترضي جميع الأطراف ،إضافة إلى الدول الكبرى، بحيث تجري المفاوضات متعددة الأطراف في عواصمها، ثم جاءت قضية تشكيل الوفود ، وكان هناك رفض من تشكيل وفد فلسطيني مستقل، وكان الاتفاق بأن يتم تمثيل كل وفد بأربعة عشر شخصا، وتشكيل وفد أردني فلسطيني مشترك ، وكان من شروط إسرائيل ألا يضم الوفد الفلسطيني أشخاصا مرتبطين بمنظمة التحرير الفلسطينية أو من سكان مدينة القدس، ولكن حنكة الملك حسين كانت حاضرة هنا، بحيث ضم الوفد الأردني اثنين من أبناء القدس يحملان الجنسية الأردنية!
• كيف كان الظهور الفلسطيني في مؤتمر مدريد، وكيف كانت المفاوضات بعد ذلك؟
 
في مدريد ظهر الفلسطيني الحضاري، خاصة عندما نتحدث عن المرحوم الدكتور حيدر عبد الشافي والدكتورة حنان عشراوي وغيرهم، خاطبوا العالم بأسلوب حضاري وراق، والعالم كله سمع خطابا جديدا مختلفا، ومن هنا بدأت تتغير النظرة تجاه هذا الشعب، ولا ننسى أيضا أنه في مدريد اهتزت فكرة ما يسمى (الوطن البديل) الموجودة في أذهان اليمين المتطرف في إسرائيل، أما فيما يتعلق بالمفاوضات فكان هناك مساران؛ أردني إسرائيلي، وفلسطيني إسرائيلي .
ولا بد من الإشارة هنا إلى وجود قانون في الكنيست يجرم كل من يجلس إلى أي شخص من منظمة التحرير، وهذا يحتاج لعمل بطولي حتى يتم إلغاؤه، وتمكن إسحق رابين رئيس الوزراء حينذاك من إلغائه، وكان ذلك بداية مفاوضات أوسلو والتي سنتحدث عنها لاحقا، وبالطبع دفع حياته ثمنا لذلك.
• قبل الذهاب إلى مدريد، كيف جرت التحضيرات من الطرفين الأردني والفلسطيني، واللقاءات مع الملك حسين؟
 
اللقاءات بيننا وبين الأخوة الفلسطينيين كانت مستمرة ولا تنقطع، وهناك تنسيق ومشاورات دائمة معهم ، وقبل الذهاب إلى مدريد كان هناك لقاء مع الراحل الحسين؛ فسأل أحد الأعضاء: ياجلالة الملك.. هل نصافحهم أم ماذا؟ فضحك رحمه الله، وكانت إجابته.. أنت مسلم، ومن يمد يده للسلام عليك فعليك الرد بمثله. 
المهم ذهبنا إلى هناك، كان للقاعة بابان، هم دخلوا من باب، ونحن دخلنا من الباب الآخر ولم نصافحهم.
كانت مشاركات على مستويات عالية رفيعة، فالرئيس بوش الأب كان موجودا وكذلك الرئيس ميخائيل غورباتشوف والرئيس الفرنسي، وشخصيات عالمية عديدة، وفي اليوم التالي كان عقد المؤتمر الصحفي في ملعب ريال مدريد نظرا للعدد الهائل من الصحفيين الذين قدموا من مختلف دول العالم.