Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jul-2019

الإصلاح الممكن بتغيير أسلوب الحياة* إبراهيم غرايبة

 الغد-ما المعنى الذي نبحث عنه اليوم ويجب أن يكتسبه الفرد؟ ما المعنى الذي يجب أن تمنحه النخبة للأمم والأفراد؟ إن الفرد الفاعل والمبدع الذي يتحول إلى مركز للتنمية والإصلاح هو من يدرك المعنى إدراكا صحيحا ثم يسعى لأجله، لكن ذلك ليس وعيا مجردا أو مستقلا، كما أن الصواب نفسه ليس معروفا، ولا يعدم الإنسان حجة صحيحة لتفسير موقفه، فالأدلة الصحيحة لا تصنع المواقف، ولكن المواقف تنشئ أدلتها وحججها الصحيحة، وهذا يجعل الإصلاح جدلا بين الاتجاهات والأفكار.

هكذا يمكن النظر إلى أسلوب الحياة الذي يتبعه الأفراد، فهو وإن كان سلوكا فرديا فإنه مستمد من السلوك الجمعي العام، أو إلهام النخب والطبقات والرموز التي يثق بها الفرد أو يعجب بها، وفي أحيان كثيرة يكون أسلوب الحياة استدراجا دفعتنا إليه منظومات الإعلان والإعلام.
وعلى سبيل المثال فإن الأرز ليس طعاما أردنيا، ولم يعرفه الناس إلا في عشرينيات القرن العشرين، ولم يتقبلوه إلا في سنين المحل عندما نقص القمح، حيث كان أسلوب الحياة في الطعام يعتمد على خبز القمح أو الشعير كبديل، ثم تحول الأرز إلى طعام أساسي، وهذا ليس سيئا على أي حال، لكن نحتاج ربما إلى إعادة نظر رئيسة في أسلوب الحياة في الطعام واللباس والبيوت والاستهلاك، ويمكن التفكير بأسلوب حياة جديد يقلل الكلفة ويحسن مستوى المعيشة، ويخفض بنسبة معقولة من الاستيراد، ما يحسن الميزان التجاري والناتج المحلي.
نستهلك الخبز اليوم بكميات زائدة تسبب زيادة الوزن، ولم يعد معظم الناس وخاصة أهل المدن في حاجة لمواصلة الاعتماد على الخبز كطعام رئيسي كما كان من قبل، والحال أننا (أغلبنا او كثير منا) نستهلك الخبز كمادة إضافية تعودنا عليها، لكن في وفرة الطعام الآخر يمكن التقليل بنسبة كبيرة جدا من استهلاك الخبز، وبذلك نقلل من استيراد القمح والاعتماد عليه، والتخلص من السمنة والوزن الزائد، ويمكن بالعودة إلى “الفريكة” التقليل بنسبة كبيرة من استهلاك الرز والخبز وتقليل الطعام أيضا، وتطوير إنتاج وصناعة الفريكة، وبذلك نشجع الزراعة لهذا الهدف والصناعات الغذائية التي تمنح القمح قيمة مضافة، كما أنها صناعة ريفية تساعد العائلات وخاصة النساء على تطوير موارد إضافية.
وإذا أعيد النظر في المائدة بشكل عام، بحيث يخفف استهلاك اللحوم والدواجن والتوجه نحو السمك، يمكن تخفيف الضغط على البيئة والواردات، وتنويع مصادر البروتين الحيوانية، فلا يحتاج الإنسان من اللحم أو الطيور أو السمك إلى أكثر من مرة أو مرتين في الأسبوع، وقد تتطور صناعة تربية السمك الأكثر ملاءمة للصحة، وبالاتجاه الى المائدة النباتية التي تنتجها البيئة وما تزال تمثل وجهة ممكنة للمواطنين، مثل الزيتون وزيت الزيتون، والحمص والعدس والفاصوليا والباميا، والخضراوات والمجففات كالزبيب والقطين والجوز واللوز والفواكه والسماق والمخللات يمكن أيضا تطوير الزراعة والصناعات الغذائية، وتحويل هذا القطاع إلى مساهم كبير ورئيسي في الاقتصاد والتشغيل وتطوير الريف والبادية.
ويمكن تحويل أسلوب الحياة هذا إلى مجال تجاري في المطاعم والسياحة يجتذب المواطنين والزوار والسياح، كما أن اللاجئين السوريين بخاصة يشاركون المواطنين في هذا الاتجاه ويمكن تحويل الأموال المخصصة للمساعدات الغذائية للاجئين إلى صناعات وزراعات توفر لهم احتياجاتهم وتكون هذه المساعدات في الوقت نفسه موردا يشغل المزارعين والعاملين في الصناعات الغذائية.
يقول كارل ماركس: “يصنع الناس تاريخهم، ولكنهم لا يصنعونه على النحو الذي يروق لهم، أو في ظل ظروف يختارونها بأنفسهم، بل عوضا عن ذلك فإنهم يصنعونه في ظل الظروف التي يواجهونها، وهي ظروف معطاة وموروثة عن الماضي، إن تقاليد الأجيال الماضية تجثم كالكابوس على عقول الاحياء” وهي مقولة تجعل للوعي بأسلوب الحياة قيمة كبيرة في الإصلاح، فالإصلاح في واقع الحال هو أن نجعل مواردنا تحسن حياتنا، وأن ننشئ الوعي وأسلوب الحياة على النحو الذي يحافظ على الموارد ويعظمها ويجددها.