Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Feb-2019

في عيد الحب* د. صبري الربيحات

 الغد

الشارع الأردني لم يعد متفقا على أي شيء. السياسة والاقتصاد والثقافة والرياضة والتربية والفن والتقاليد موضوعات يختلف عليها الأردنيون ويعبرون عن مواقفهم بجرأة وحدة تصل إلى حد الخروج على ما ألفه الناس في هذا المجتمع الذي بني على التعددية واستوعب القادمين له من خلفيات عرقية ودينية وثقافية متنوعة.
الانفتاح الثقافي الأردني لم ينجح في التخفيف من حدة ردود أفعال الجماعات والافراد على ممارسات وسلوك الآخرين. الكثير من الانفعال المصاحب لتعليقات وردود افعال الافراد على ما يرد من اخبار الفن والثقافة والسياسة عائد إلى تدهور الاوضاع الاقتصادية والنقمة الدفينة على صانعي السياسات في الحكومات المتعاقبة.
الخوف من المستقبل والقلق الناجم عن تدهور الاوضاع عوامل اساسية في تغذية مشاعر العداء والرفض لكل ما يخالف افكار وآراء وقيم وتوجهات اصحابها. في مجتمع يعيش ثلث سكانه تحت خط الفقر ويعاني غالبية اهله من اعباء القروض واقساط التعليم والصحة والاجور لا يجد الناس مساحة للتقبل ولا يثقون في التغيير وتستولي على ارواح الكثير منهم حمى الحنين إلى الماضي والهجرة تجاه العشيرة والطائفة والدين.
تهافت الناس على محطات الوقود للاستفادة من عرض الخمسة دنانير الذي اعلنت عنه إحدى الشركات واغلاق الشوارع المحيطة بهذه المحطات كان شاهدا مهما على ما آلت إليه الاوضاع وحاجة الناس إلى أي حافز يخفف من أعبائهم ومعاناتهم. في الريف الأردني اصبحت حملات دروب الخير وتوزيع المدافئ والاحذية على طلبة مدارس القرى مناسبات يجتمع حولها الرعاة والمتطوعون والجمعيات المحلية بعفوية تتجاهل احتمالات التأثير على قيم وعلاقات وبنية ونسيج المجتمعات التي تتوجه لها الحملات.
بالامس وعلى استحياء استقبل الأردنيون عيد الحب حيث احتفلت بعض شرائح الشباب والعشاق والازواج بإحياء المناسبة التي يقبل المحبون فيها على تبادل الهدايا المزينة بالقلوب والورود الحمراء وعبارات الحب والعشق والوفاء. في الوقت الذي انشغل فيه العشاق باحتفالاتهم وتغليف الدببة وعلب الشوكلاته والورود الحمراء التي ارتفعت اسعارها ونفدت قبل ان يكتمل نهار العيد انهال الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي ممن لا يؤمنون بالعيد ولا الحب على طريقة الفالنتاين بالنقد والهجوم والتجريح الذي طال المناسبة ورموزها والفئة التي تحييها.
في الأردن كما في الكثير من المجتمعات العربية والاسلامية يبدو الناس منقسمين في مواقفهم حيال المناسبة، فالبعض يرى فيها خروجا على السياق الثقافي للأمة فينتقدون الحب والاحتفال به وفكرة الافصاح عنه باعتباره مخالفا للتقاليد التي تدين المجاهرة في التعبير عن الحب او استخدام المفردة في الفضاء العام وخارج حدود مؤسسة الزواج.
على الجانب الآخر يرى الكثير من الشباب والاسر وبعض شرائح المجتمع اهمية المناسبة في شحن العلاقات بطاقة الحب وتجديد الوعد باستمراره، فيصرون على احياء هذا اليوم مستعينين بكل الرموز التي تساعدهم على التواصل مع من يحبون.
ثنائية الحب واللاحب يواجهها المجتمع والافراد في هذا اليوم وفي كل يوم. البعض ينصت جيدا لصوت نزار قباني وهو يلقي بإحساس وقوة ” اختاري الحب او اللاحب…فجبنا ان لا تختاري”.