Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-May-2017

مشروع الثقافة العامة للمجتمع المصرى/السفير د. عبدالله الأشعل

مدونات=
يقوم هذا المشروع على ستة فرضيات.
 الفرضية الأولى هى أن مصر هى قلب العالم العربى وأن سلامة المجتمع المصرى ونظامه السياسى هو الضمان الوحيد لسلامة العالم العربى ولذلك عندما استسلمت مصر للمشروع الصهيونى فى كامب دايفيد كان ذلك هو الضربة الكبرى للقوة المصرية والميلاد الثانى لإسرائيل. ومنذ اتفاقية كامب دايفيد تراجعت مصر لصالح المشروع الذى اثخن الجسد العربى بالجراح والألام وجعل الجسد العربى ساحة للتنافس بين المشروع الإيرانى والمشروع الصهيونى والمشروع التركى . هذا الفراغ الذى ظهر بانسحاب مصر أدى إلى فراغ قوة داخل مصر وانتهى إلى أن مصر صارت أحد ضمانات استمرار المشروع الصهيونى على الأقل من وجهة نظر أصحاب المشروع .
الفرضية الثانية، هى أن الحكام العرب فقدوا البوصلة العربية عبر عقود وأدت أوهام الزعامة إلى انقسام العالم العربى عدة مرات واستخدامه فى المعسكرات المتصارعة مما أفسد الثقافة السياسية العربية وانتهى الأمر إلى تمدد المشروع الصهيونى على جهل الشعوب واستبداد الحكام وبدا للمراقب الخارجى أن هناك حلفاً غير مكتوب بين الحكومات الغربية والحكام العرب على أساس ان هذا الحلف ضد أى حكم ديمقراطى لأن الديمقراطية عند الغرب هى جائزة للشعوب المتحضرة وأما الشعوب العربية فتستحق النهب والاستبداد والقهر والحسابات السرية وانتهاكات حقوق الإنسان والاشتراك فى نهب الأوطان العربية بصور متعددة من بينها ابادة هذه الأوطان بأىدي أبنائها وأموالهم وبأسلحة الغرب ولذلك يسعى الغرب إلى تنصيب إسرائيل سيداًَ لهذه القبائل العربية التى ثبت تخلفها كما أخلص حكامها فى القضاء عليها وعلى شعوبها .
الفرضية الثالثة، فى ضوء هذه الحقيقة وهى اصرار الغرب والحكام العرب على عدم ظهور الشعوب وقمع ثوراتهم والامعان فى اذلالهم تولدت قناعة بأن العيب فى الوعاء أى الشعب فإذا كان الشعب صالحاً أنتج أصلح من فيه حاكماً وإذا كان الشعب منقسماً جاهلاً فاسداً يعانى سرطاناً سببه تعطيل العقل والدين صار هذا الشعب ملكا لافسد أبنائه. وقراءة المشهد العربى الحالى تظهر هذه الحقيقة لأن الثورة والديمقراطية وسائل لإنشاء الحكم الصالح ولن يكون الشعب العربى أهلاً لإختيار الحاكم ومراقبته ومحاسبته إلا إذا كان شعباً متماسكاً واعياً وهذه هى تجربة القارة الأوروبية والولايات المتحدة .
الفرضية الرابعة، أن الأعمال المضادة لظهور الشعوب العربية فى السلطة قد أصابت الحكام بالصرع لمجرد التفكير فى أن الشعوب تريد التغيير وتنتفض عن طريق المظاهرات فى تحقيق ذلك ولكن بعض النظم العربية ومنها مصر والخليج قد قطعت الطريق على مثل هذا الاحتمال ربما تمسكاً بالسلطة وربما حرصاً على عدم انفلات الأمور وعلى الدولة ومؤسساتها ولو كانت مفرغه. ومعنى ذلك أنه لم يعد أمام ضغوط الحياة والسجن والقهر وتكاتف الأجهزة وانحسار فكرة الدولة في العالم العربى سوى الانفجار، خاصة وأن الفجور الذى تبديه الحكومات العربية فى التصرف فى الأوطان العربية وفى إدارة البلاد وانتشار الفساد قريناً للاستبداد يقضى على الدولة العربية قضاءاً تاماً.
الفرضية الخامسة، فى ضوء هذه الحقائق والفرضيات الثابتة انتهينا إلى أن سد الثغرات والفراغات المعرفية واستحضار العقل العربى هو الرهان على المستقبل ولابد أن يشترك فى هذا المشروع كل من يدعى أنه وطنى أو عربى أو مثقف فى المنطقة العربية وخارجها وذلك عن طريق وسائل شخصية ومؤسسية تضمن الوصول إلى كل مواطن على الأرض العربية وذلك من خلال إنشاء جمعية  أهلية مقرها فى مصر ولها فروع فى كافة الدول العربية ولذلك فإن هذه المذكرة هى دعوة إلى الجميع لدراسة هذه الفكرة على أساس أن هذا هو الطريق الوحيد لمستقبل الأمة التى تتعرض لهجمات متتالية من الداخل قبل الخارج وتتربص بها القوى الدولية والإقليمية .
وأرجو أن أتلقى رغبات المثقفين العرب من كل مكان فى الانضمام إلى هذا المشروع الذى لايتقاطع مع أحد بل يتعاون مع الحكومات القائمة حتى نختبر مدى تعلق هذه الحكومات بأوطانها وحرصها على مستقبل أمتها لأن الإسلام والعروبة هما الهدف من كل الحملات التى توجه إلى الأمة. وقد تجاوزنا مراحل الصراع الداخلى بين القوميين والإسلاميين وبين اللبراليين والعلمانيين والإسلاميين وبين الكرد والعرب وبين التقدمى والرجعى وبين الشيعى والسنى وبين المتدين والملحد لأن الهوية والأرض والمسرح العربى نفسه يتعرض للهدم والتخريب من جانب السرطان الصهيونى الذى نفذ إلى القلب فى الجسد العربى.
تطبيق المشروع فى مصر كنموذج
يقوم المشروع القومى لثقافة المجتمع العربى فى مصر على ركنين الركن الأول شخصى وهو أن نقدم العلوم والفنون والآداب فى أساسياتها إلى المواطن فى جميع المحافظات من خلال جمعية رسمية هى جمعية العروة الوسطى ولا علاقة لها بالسياسة أو بنظام الحكم وتنفذ أهدافها النبيلة من خلال وزارة الثقافة وقصور الثقافة والإعلام المصرى الذى يجب أن يقدم بعد كل هذا العبث شيئاً مفيداً للمجتمع الذى ينفق عليه. ويتم تجنيد متطوعين لالقاء المحاضرات فى جميع المحافظات كل فى مكانه بقدر الإمكان وفق جداول تفصيلية لهذه المحاضرات تغطى الثقافة فى جميع فروعها القانونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والصحية والطبية والفنية والفكرية وغيرها بشكل مبسط وتدريب الشعب على تكوين الرأى والحوار وآدابه وثقافته .
الركن الثانى هو الركن الشخصى الذى يتولاه كبار المثقفين فى داخل المنطقة وخارجها عن طريق آليات التواصل الاجتماعى الحديثة لمخاطبة المواطن العربى وذلك وفق لائحة لآداب التخاطب دون المساس بالحكومات أو الدول فى المنطقة وانما تقديم أساسيات المعارف والعلوم وتطبيقاتها المبسطة حتى يحقق المشروع غايته ويصبح المواطن العربى عضواً نافعا فى مجتمعه وله رأى يطالب بحقه فى التعبير عنه ويمكن قياس الرأى العام بطريقة علمية فى هذه الحالة.
ومن الطبيعي أن هذا المشروع لن يؤتي ثماره فورا ولكن أثره البعيد مضمون.