Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Jul-2017

السيد المسيح في تراثنا الأدبي - ابراهيم العجلوني
 
الراي - حَفِلَ تراثنا الادبي العربي بمأثورات قيمة عن سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وهي اذا جُمِعت من مظانها أمكن ان تساعد في بناء «انجيل عربي» مقابل للاناجيل المكتوبة باللغات الأُخرى، ولو اكتفينا من هذه المأثورات بما جاء في كتاب «البيان والتبين» للجاحظ ورأينا الى جزالة التعبير فيها ثم تصورنا انسحاب ذلك على ما ورد في كتب الادب والتصوف والمواعظ، فان مما نخلص اليه ان العرب عرفوا – ومنذ ما قبل الاسلام – خصوصا بالعربية لأقوال المسيح عليه السلام، وان المسيحيين العرب كانوا يحتفظون بأناجيل مكتوبة بالعربية الفصيحة في كنائسهم وأديارهم، ما بُني قبل الاسلام وما بني بعده منها وان في طوق الباحثين الى يحققوا هذه الاناجيل ويخرجوها في طبعات دقيقة.
 
***
 
فمّما ذكره عبدالله بن المبارك عن بعض اشياخه - ونقلنا هنا من كَتاب الجاحظ - :»قال عيسى بن مريم عليه السلام: «البِرُّ ثلاثة: المنطِق والنظّر والصمت. فمن كان منطقه الى غير ذكر فقد لَغَا، ومن كان نظره في غير اعتبار فقد سها، ومن كان صمته في غير فكرٍ فقد لها».
 
***
 
وقيل لعيسى عليه السلام: من نُجالِسُ؟ قال: من يزيدُ في علمكم منطقه، ويذكركم الله رؤيتُهُ، ويرغّبكم في الآخرة عملُه.
 
***
 
ومرّ المسيح عليه السلام بقومٍ يبكون، فقال: ما بالُ هؤلاءِ يبكون؟ قيل له: يخافون ذنوبهم. قال: اتركوها يُغفرْ لكم.
 
***
 
وقام عيسى بن مريم عليه السلام خطيباً فقال: لا تكلّموا بالحكمة عند الجُهالِ فتظلموها، ولا تمنعوها اهلها فتظلموهم.
 
***
 
وقال عليه السلام: الأُمور ثلاثة: أمرٌ تبيّن رُشدُه فاتبعوه، وأمرٌ تبيّن غَيّهُ فاجتنبوه، وأمرٌ أُخْتُلِفَ فيه فإلى الله فارفعوه.
 
***
 
ومرّ المسيح عليه السلام بخلقٍ من بني إسرائيل فشتموه، فكلّما قالوا شرّاً قال المسيح خيراً، فقيل له: كلما قالوا شرّاً قلت لهم خيرا؟ قال: كل امرئ يُعطي ممّا عنده.
 
***
 
وقال عيسى بن مريم صلوات الله وسلامه عليه: الدنيا لإبليسَ مزرعةٌ، وأهُلها له حرّاثون.
 
***
 
وقال عليه صلوات الله: ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون. الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناسُ إلى ظاهرها، وإلى آجلِ الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلها فأماتوا منها ما خَشُوا أن تُميت قلوبهم، وتركوا منها ما علموا انه سيتركهم.
 
***
 
هذا.. وفي البيان والتبيّن فقرة طويلة كأنها منتزعة من انجيل (بالعربية) معروف لدى الجاحظ (الجزء الثالث ص140 تحقيق عبدالسلام هارون). كما ان في محاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني أقوالاً كثيرة للسيد المسيح، فضلاً عمّا في كتب المتصوّفة وأدبيات الزهد. وكلّ ذلك مصوغ بلغة عربية عالية تؤكد المشاكلة الذوقية التعبيرية بين نصارى العرب ومسلميهم، وتفسَّر طبيعة العلائق الوجدانية بين هؤلاء وهؤلاء.
 
***
 
خلاصة القول: إن في بطون كتب تراثنا العربي الاسلامي لكنوزاً وذخائر معجبات.. فهلاّ كنّا لذلك من الطالبين؟