Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Apr-2021

نجاح مسار التحول يتطلب تعددية سياسية والخروج من حالة الحزب الواحد
الراي - أدار الندوة: د.خالد الشقران حررها: إبراهيم السواعير -
 
عقد مركز الرأي للدراسات بالتعاون مع معهد السياسة والمجتمع ندوة بعنوان » في تطوير النموذج الديمقراطي الأردني»، تناولت مواضيع مراجعة المسار الديمقراطي والتحديات السياسية الماثلة أمام الدولة على أبواب مئويتها الثانية، والاتجاهات الرئيسية في أوساط النخب السياسية وغير الرسمية تجاه ملف الإصلاح الديمقراطي، والمخاوف أو الهواجس المصاحبة للمسار الديمقراطي، ومدى وثوق التيارات الحزبية والسياسية بمصداقية العمل الإصلاحية، وتطبيق الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني.
 
وعن معهد السياسات والمجتمع شارك في الندوة، التي أدارها رئيس مركز الرأي للدراسات د.خالد الشقران، كلٌّ من وزير الداخلية الأسبق حسين المجالي، ووزير الثقافة الأسبق د.محمد أبو رمان، بورقة مشتركة حملت عنوان الندوة، التي حضرها وزراء سابقون وسياسيون وكتاب صحفيون وعدد من الأكاديميين والإعلاميين.
 
كيف نتأكد أننا على الطريق
 
واستهلّ المجالي بسؤال ناقشه جلالة الملك عبدالله الثاني في ورقته النقاشية الأولى قبل تسعة أعوام بعنوان (كيف نتأكد أنّنا على الطريق)، وهي الورقةالتي لحقتها ستّ أوراق أخرى، تخصص خمسٌ منها في رؤية الملك لتطوير نموذج ديمقراطي أردني، بصورة مفصّلة وواضحة، ومن الضروري أن نعود لقراءتها اليوم كمرجعية مهمة تتجاوز تحديد ما المطلوب إلى تقديم تصور عميق للشروط والتحديات والعوائق والأسس التي من الضروري أن نقرأها في «رحلتنا إلى الديمقراطية» كما ذكر جلالة الملك.
 
وقال إنّ مناسبة العودة إلى الأوراق النقاشية اليوم هي لتجديد النقاش الوطني بعد دعوة الملك (في مقابلته مع وكالة الأنباء الأردنية بترا- نهاية كانون الثاني الماضي)، لمراجعة التشريعات الناظمة للعملية السياسية؛ وقوانين الانتخاب والأحزاب والحكم المحلي، ثم الرسالة الملكية إلى مدير المخابرات العامة، وما تضمنته من تأكيد على إنجاز عملية تطوير الجهاز وتحديثه وترسيم حدود دوره في الإطار الأمني الاحترافي بالتوازي مع الاستمرار في عملية إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية لتكون قادرة على القيام بعملها بكفاءة وحيادية واحترافية.
 
ورأى المجالي أنّ تلك الخطوات الملكية جاءت في سياق احتفالات المملكة بمئوية التأسيس، وهي لحظة تاريخية مهمة، أراد جلالته استثمارها لإنجاز مهمتين رئيسيتين؛ الأولى مراجعة المسار السابق، والمراحل التاريخية المختلفة، والإفادة من الدروس والبناء على المنجزات وتحديد الإخفاقات أو التحولات التي عطّلت تطوير الدولة ومؤسساتها وتجذير مسار ديمقراطي أردني مميّز، والثانية بناء سردية المئوية الجديدة وإعادة ترسيم الأهداف والقيم والأسس التي ستحكم منهجية الدولة في المرحلة القادمة، وتضع أمام الجميع خارطة طريق واضحة: ماذا نريد؟ وك?ف نحقق ذلك عبر مسار متدرّج، توافقي، وهاديء؟
 
من التكتيكي إلى الاستراتيجي
 
وتحت عنوان «من التكتيكي إلى الاستراتيجي»، قال المجالي إنّه وبمجرد انطلاق الدعوة الحكومية (بعد مقابلة جلالة الملك مع «بترا") لتحديد الخطوات المطلوبة لمراجعة التشريعات السياسية المقصودة، انطلقت أصوات تشكّك بمدى جديّة الحكومة في المضي بهذا الطريق وتؤشّر على نقاشات سابقة وأوراق قدّمت من قبل لجان شكّلت لتقديم وصفات الإصلاح المطلوبة (كما هي الحال في لجنة الأجندة الوطنية ولجنة الحوار الوطني)، وقد يكون هنالك جزء محقّ وموضوعي في شكوك هذه النخب، لكن من الضروري في المقابل أن ننظر ليس فقط إلى النتيجة (عدم تطبيق جزء من?تلك التوصيات) بل إلى العوامل والشروط والديناميكيات التي أدت إلى ذلك. من جهةٍ أخرى أخذت اتجاهات سياسية رئيسية جانب القلق والخشية من توقيت الحديث عن الإصلاح السياسي ومن أجندات تريد استثمار ذلك.
 
وهكذا نجد أنفسنا في كل محطة من المحطات المهمة–التي تتجلّى فيها رغبة الملك الواضحة والصريحة بالمضي خطوات مدروسة ومنهجية في تطوير المسار الديمقراطي وتجذيره – أمام حالة استقطاب داخلي وهواجس وشكوك وأسئلة خارج السياق المطلوب في ترجمة تلك الدعوة على أرض الواقع والانتقال من إطار الحديث في النوايا والأسباب إلى تقديم تصورات عملية توافقية.
 
وقال المجالي إنّ المطلوب الآن قبل الدخول – عملياً- في الحديث عن تفصيلات قانون الانتخاب والأحزاب والحكم المحلي، وقبل الولوج في نقاشات داخلية طويلة بين النخب، التوافق أولاً وقبل كل شيء على الأمور الاستراتيجية والرئيسية والتأكيد على القيم الوطنية الحاكمة؛ ما هو المطلوب في نهاية اليوم؟ إلى ماذا نريد أن نصل؟ وكيف نحقق ذلك؟ ثم ما هي آليات المراجعة؟ وكيف نتأكد أنّنا على الطريق؟!
 
الطريق إلى الحكومات النيابية
 
وتحت عنوان «الطريق إلى الحكومات النيابيّة»، انطلق المجالي من أنّ جلالة الملك عبدالله الثاني وفي أوراقه النقاشية جميعاً وضع خلاصة رؤيته للملكية الدستورية النيابية الأردنية الهاشمية المطلوبة، ولم يوارِأو يتجنب طرح الموضوعات الجدلية جميعاً، بل وضع معالم الطريق؛ وشرح الأسس والمقومات والعوائق والتحديات.
 
وعلى صعيد الهدف النهائي أوضح جلالته بأنّ المطلوب هو الوصول إلى تطوير النموذج الديمقراطي الأردني، وكذلك تطوير آليات تشكيل الحكومات لتصبح حكومات نيابية تمثل الأحزاب السياسية تحت قبة البرلمان، وتجذير مبدأ الفصل بين السلطات والمساءلة والمحاسبة، مع توسيع المشاركة الشعبية بصورة فاعلة في النظام السياسي.
 
بللقد حدّد جلالة الملك في ورقته النقاشية الثالثة (أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة) الأدوار المطلوبة من الأحزاب السياسية، والحكومة ومجلس النواب والملك والمواطن، وأطّر لكل طرف من الأطراف المهمات الرئيسية وكيفية التحقيق، بما في ذلك مهمة الملك نفسه ودوره.
 
واستدرك المجالي: لكن، وهنا بيت القصيد، الوصول إلى تطوير النموذج المنشود وتكريسه يتطلب قبل كل شيء – كما ذكر الملك في الورقة الأولى- توافقاً وطنياً على المسار والخطوات، وقبل ذلك القيم الرئيسية كالتعددية والاعتدال والتسامح واحترام الرأي الآخر والتوازن بين حكم الأغلبية وحماية حق الأقلية، لتجنب الانزلاق إلى حالة من الاستقطاب تؤجج الهواجس لدى فئات اجتماعية ضد أخرى وتضعف من الهوية الوطنية واللحمة الداخلية، كما حدث في دول أخرى.
 
وقال إنّ مسؤولية إنجاز ذلك تتجاوز الجانب الرسمي وتصل إلى الأطراف الأخرى في المعادلة السياسية، فالوصول إلى حكومة نيابية تتشكّل عبر آليات العمل البرلماني وائتلافات الأحزاب يتطلب تطوير العمل الحزبي، ووجود أحزاب سياسية وطنية وبرامجية تستوعب جيل الشباب وتملك رؤى واقعية تنطلق من المصالح الوطنية العليا، فهنالك جزء مرتبط بتطوير نظام انتخابي يعزز أدوار الأحزاب وحضورها في العملية السياسية، وجزء آخر أمام الأحزاب اليوم لترُاجِع واقعَها وبرامجها وقدرتها على المنافسة العادلة مع الأحزاب الأخرى، وإقناع الشارع بداية، بخاصة?جيل الشباب، بأنّها بالفعل قادرة في حال وصلت إلى قبة البرلمان، ثم تشكيل حكومة، أن تقدّم برامج سياسية واقتصادية ومجتمعية تجيب على الأسئلة المطروحة.
 
كما أنّ إنجاز مهمة الانتقال يتطلب مساراً موازياً عبر إصلاح الجهاز الحكومي وتطويره، والانتقال – كما ذكر الملك- من مفهوم «الوزير التكنوقراطي» إلى «الوزير السياسي"- ما يستدعي جهازاً وزارياً محترفاً محايداً مهنياً، يعطي الوزير كل ما يحتاجه لاتخاذ القرار المطلوب، ويشكّل خزاناً لذاكرة الدولة ويوفر ديناميكيات صحيحة لتشكيل حكومات ذات طابع حزبي سياسي.
 
والمطلوب أيضاً، كما قال المجالي، تطوير عمل مجلس النواب ونظامه الداخلي الذي يعزز من قوة الكتل الحزبية وصلابتها وقدرتها على القيام بالمهمات المطلوبة، وفي القيام بالأدوار الدستورية من تشريع ورقابة، وهو أمر يرتبط بطبيعة الحال بمدى إمكانية وصول الأحزاب إلى القبة وقدرة الأحزاب على المنافسة القوية في الانتخابات.
 
ورأى المجالي أنّ هذا وذاك يتطلب تجذير الثقافة الديمقراطية وتعزيزها في مختلف المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، وتقوية حواضن المجتمع المدني، وقد أشار الملك في أكثر من ورقة إلى ذلك، بالإضافة إلى إشارته لأهمية البنية التحتية ثقافياً عبر تطوير ثقافة الأجيال الجديدة بالديمقراطية، كما ذكر الملك مثالاً على ذلك إطلاق برنامج التمكين الديمقراطي، عبر صندوق الملك عبدالله، وحالياً برنامج «أنا أشارك»، عبر مؤسسة ولي العهد، الأمر الذي أدى اليوم إلى تخريج عشرات الآلاف من الشباب الأردني الذين تزودوا بأفكار مهمة في الديمقراطية و?لتعددية وتداول السلطة واحترام الرأي الآخر وكسب التأييد والقيام بالحملات السياسية، وهي جميعاً بمثابة ماكينات مهمة للوصول إلى مجتمع يقوم على المواطنة ويحمل ثقافة ديمقراطية تعددية.
 
وقال إنّ الأمور بالضرورة ليست وردية وهنالك تراجع ملحوظ في مسار الديمقراطية في مجالات متعددة، وتدهور في أخرى، وعدم تطابق بين الخطوات التشريعية التي كانت باتجاه تطوير المسار الديمقراطي وتجذيره والواقع الذي اتجه في مسارات متضاربة ومغايرة لهذه الخطوات، والمطلوب الآن هو إصلاح هذا الخلل والتفكير بعمق بعيداً عن التلاوم والتشكيك في المطلوب في المرحلة القادمة.
 
الفرصة الحالية..ليست شراء للوقت
 
وقال المجالي تحت عنوان «الفرصة الحالية.. ليست شراءً للوقت!»، إنّ البعض ربما يسأل: كيف نتأكّد من أنّ التوجهات الحكومية الحالية ليست شراءً للوقت ولا إهداراً للجهد في مزيد من الحوارات والنقاشات،التي تنتهي بوثائق توضع على الرفّ، كما يقول المعارضون والمشكّكون؟!
 
ومرّة أخرى،فالسؤال مشروع، والجواب عليه يرتبط بالأوراق النقاشية ذاتها، التي كتبها الملك على مدار خمسة أعوام، وكانت تراكمية تؤكّد كل ورقة على ما جاء في الأوراق الأخرى، ومسنودة بتحليل معمّق للواقع السياسي الأردني والشروط والإمكانيات والماكينات المطلوبة لتحقيق ذلك، مما يعني أنّها تمثّل بالفعل قناعة الملك العميقة لما يريد الوصول إليه خلال الفترة القريبة القادمة، وهو يرى اليوم أنّ الوقت مناسب لقطع مسافات حاسمة في هذا المجال، بمناسبة المئوية ومن دون وجود تجاذبات سياسية داخلية أو خارجية تشتت جهود الإصلاح وتخلق هوا?س ومخاوف متبادلة بين القوى السياسية أو بينها وبين مؤسسات الدولة المختلفة.
 
إذن، من الضروري حالياً تجاوز ذلك السؤال إلى سؤال أكثر واقعية مفيد للجميع، وهو: كيف نترجم تلك القناعة على أرض الواقع عبر مسار توافقي تدريجي وطني، مع وضع خطين عريضين على كلمات: توافقي، تدريجي، وطني؟
 
وأكّد المجالي أنّ هنالك مسؤوليات على الجميع؛ فالمطلوب من مؤسسات الدولة المختلفة أن تدرك فعلاً أنّ هذه هي قناعة الملك ورؤيته لتطوير النظام الديمقراطي الملكي، وقد أكّد مؤخراً على ذلك في مقابلة بترا وفي لقاءاته المتكررة، وعليها – أي المؤسسات الرسمية- أن تمضي قدماً لتحقيق ذلك وتعزز المسار بهذا الاتجاه وتزيل العوائق التي تقف أمامه، وألا تخشى من مآلات الإصلاح الديمقراطي، بل على النقيض من ذلك من الضروري أن ندرك جميعاً بأنّ المهمة الرئيسية في مئويتنا الجديدة هي نقل النظام السياسي الأردني نحو نموذج ديمقراطي تقدمي ي?تضن الجميع من المواطنين ويجسر الفجوات المتنامية بين الحكومات والشارع، ويعزز من مشاركة المواطنين في العملية السياسية ويدمج جيل الشباب في العمل العام ويصعّد قيادات فاعلة منه في العمل الوطني.
 
وعلى مؤسسات الدولة أن تدرك أنّ الخشية الحقيقية ليست من ترسيخ الديمقراطية، بل من غياب الرؤية الاستراتيجية ومن الاستمرار بالتعامل مع الحياة السياسية بمنطق الأزمات وإدارتها وعقلية المياومة وإطفاء الحرائق، بخاصة أنّنا نتعامل مع جيل شباب جديد لديه آلامه وآماله ومخاوفه وطموحاته، وعنده – إن أردنا الاعتراف- حالة من الاحتقان الشديد والشعور بأنّه مهمش في العمل العام، فمن الضروري المساعدة في فتح أبواب مشرعة أمام من يرغبون بالمشاركة في تطوير العملية السياسية خلال الفترة القادمة تحت مظلة الملكية الدستورية والقانون والق?م الوطنية الجامعة.
 
ورأى المجالي أنّ من الضروري اليوم – كذلك- إزالة العقبات والمعيقات لإدماج الشباب في العمل العام، في الجامعات والأحزاب والمجتمع المدني، وتوجيه رسائل متتالية بجدية الدولة بالإصلاح الديمقراطي المطلوب.
 
كما أنّ المطلوب من الأحزاب السياسية أن تنتقل إلى مرحلة جديدة وأن تستثمر الشهور القادمة في إعادة النظر في خطابها وقدرتها على استقطاب جيل الشباب وإدماجه في العمل العام، وتقديم برامج فاعلة حقيقية وليس فقط شعارات إنشائية، وأن تعمل على تصعيد قيادات شبابية تتولى دفّة العمل الحزبي خلال الفترة القادمة، ومن الضروري أن تتخلص من حالة التشظي الراهنة، والوصول إلى التوحّد في أطر سياسية وتنظيمية واضحة، لأنّ الوضع الحزبي الراهن لن يساعد على المضي خطوات للأمام في العمل السياسي.
 
ورأى أنّ نجاح مسار التحول الديمقراطي يتطلب تعددية سياسية وحزبية والخروج من حالة الحزب الوحيد الجماهيري، لأنّ مثل هذه الحالة تبقي المخاوف والهواجس، وهذا يقودنا إلى الحديث عن حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي يمثّل حزب المعارضة الرئيس في البلاد، والمطلوب منه اليوم تطوير رؤيته لدوره في الحياة السياسية وتوجيه رسائل واضحة تجيب على أسئلة لا تتعلق فقط بعلاقته بالدولة، بل علاقته مع الأحزاب والقوى الأخرى، حتى لا تتكرر تجارب الاستقطاب والصدام التي حدثت في دول أخرى.
 
وقال المجالي إنّ ما قام به الحزب من تطوير على برامجه الداخلية خلال الفترة الماضية يعد خطوات جيدة، بما في ذلك مشاركته في الانتخابات النيابية، والتأكيد على التزامه بالقيم الوطنية والمصلحة الوطنية العامة، والفصل بين الدعوي والسياسي من أجل تأكيد المنافسة العادلة بين الأحزاب السياسية، والمطلوب منه المضي خطوات أكثر نحو استكمال مسار التحول نحو العمل الحزبي الوطني الاحترافي، والتخلص من الخطابات المتضاربة والرسائل المتناقضة التي تصل من أروقة الحزب إلى الأطراف الأخرى في العمل السياسي والحزبي.
 
التقاليد السياسية
 
وقال إنّ المطلوب من مجلس النواب استكمال التقاليد السياسية التي أشارت إليها الأوراق النقاشية، من خلال التأكيد على العمل الجماعي لا الفردي تحت قبة المجلس، وتكريس الكتل النيابية كوحدات رئيسية في عمل المجلس، وتطوير الأدوات والآليات التي تعيد بناء الدور التشريعي والرقابي، ومن ذلك ما ركّز عليه الملك في أوراقه النقاشية فيما يتعلق بالعلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية وقواعدها، وفي تطوير مركز الدراسات داخل المجلس الذي ما يزال خارج إطار القيام بالمهمات المطلوبة منه، ليكون قادراً على مدّ النواب بدراسات وقراءات وم?لومات دقيقة وعميقة.
 
وأكّد المجالي أنّ أدوار المؤسسات الرقابية مهمة للغاية في المرحلة القادمة، والمجتمع المدني ركن رئيس في عملية التحول الديمقراطي، والمطلوب من المركز الوطني لحقوق الإنسان تعزيز دوره في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان، وكذلك الهيئة المستقلة للانتخاب والمؤسسات الأخرى التي تقوم بمهمات تمكين المرأة والشباب والخطاب الإعلامي.
 
ورأى أنّ الحكومة الحالية هي أمام مهمة كبرى، بعد أن وضع جلالة الملك الكرة في ملعب الجميع، الحكومة والنواب والمجتمع المدني، فالمطلوب هو بناء خارطة طريق زمنية متدرجة لتوافقات وطنية مع الأحزاب والقوى السياسية والقيادات الشبابية والوصول معهم إلى توافق على الأهداف المذكورة ومراحل تحقيق ذلك، وتقديم برنامج وطني واضح في تكريس النموذج الديمقراطي الأردني.
 
فجوة ثقة..
 
وفي خلاصة حديثه، قال المجالي إننا محكومون بالأمل!.. كما يقول الأديب السوري الراحل سعد الله ونوس، ونأمل أن تكون اللحظة التاريخية الراهنة في ظل الاحتفال بمئوية الدولة فرصة مناسبة للجميع لاستغلالها والانتقال نحو مرحلة جديدة في مسار التنمية والتطور، فأحوج ما نكون اليوم إلى تطوير النظام السياسي الأردني وتكريس نموذج ديمقراطي وطني يعزز من قوة المعادلة الداخلية ويقدّم مشروعاً واضحاً للأجيال القادرة يمكّنها من الانخراط بصورة عميقة في العمل السياسي والمجال العام، ويرمم الثقة الاجتماعية الداخلية التي بدأت تشهد فجوات ?اضحة خلال الأعوام الماضية، ويعزز من مضامين الهوية الوطنية الجامعة من خلال مجال عام تشاركي يسع الجميع ويكرس مفاهيم المواطنة ودولة القانون ويعزز توجهنا جميعاً نحو شراكة وطنية ومشاركة في تصميم المستقبل وترسيم أهدافنا الوطنية.
 
وقال إنّ السؤال المطروح على الجميع، ونحن على أبواب مئوية الدولة الجديدة، هو بكل وضوح وبساطة: ما هو النظام الذي نريد أن نسلّمه للأجيال القادمة؟ وما هو الإرث الذي نريد أن نتركه لأبنائنا؟ ألم يحن الوقت أن تتفق ونتوافق جميعاً – مؤسسات الدولة والأحزاب والمجتمع المدني والقوى المختلفة- على المراحل المطلوبة للوصول بخطوط واضحة نحو المستقبل؟!
 
فثمّة فجوة ثقة لا ننكرها حدثت خلال الأعوام الماضية، وهنالك هواجس وخطوط متضاربة في رؤية النخب والقوى السياسية، وعلينا اليوم أن نضع الأمور في نصابها ونحدد كثيراً من المفاهيم ونتجاوز أخطار الوقوع في الشكوك والخطابات العدمية أو المستسلمة، فهذه دعوة لكل المخلصين لإنجاز المهمة..
 
بناء النموذج الديمقراطي
 
وفي تعليقه على الورقة التشاركية، أكّد د.محمد أبو رمان بدايةً أنّ هذه الورقة هي نتاج ومحصلة عصف فكري وحوار سياسي بين اتجاهين متنوعين ومدرستين مختلفتين في المرجعية والخلفية المهنية والفكرية والسياسية، ما يجعل من هذه «التجربة» بذاتها نموذجاً في كيفية تطوير أطروحات ورؤى وطنية مشتركة وتشاركية وأن نتجاوز المستوى الفردي في الطرح إلى العمل بروح «الفريق».
 
ورأى أبو رمان أنّ موضوع الورقة المطروح للنقاش"في تطوير النموذج الديمقراطي الأردني»، يمكن أن يكون دقيقاً لو كان"في بناء النموذج الديمقراطي الأردني»، معللاً ذلك بسبب بسيط، وهو أنّنا لم نتوافق إلى اليوم في الأردن على ماهية الديمقراطية الأردنية، فيما إذا كانت هنالك خصائص للنظام السياسي والتطور التاريخي والخصوصيات الاجتماعية والثقافية والسياسية، وهذا كلّه واقع، داعياً إلىأن نتحاور ونتوافق على الأسس بين الدولة والمجتمع وبين المواطنين أنفسهم، والقوى السياسية والمجتمعية، حول ما هي صورة النظام السياسي الذي نريد؟ وك?ف نصل إلى ذلك؟ وإذا كانت الدولة لها مخاوف وهواجس من الديمقراطية فلنضعها على الطاولة، وكذلك الحال على القوى السياسيةأن تعرّف شكوكها وتحددها، حتى نصل إلى القول بلغة واضحة محددة أنّنا نريد نظاماً سياسياً – في مئوية الدولة الأردنية القادمة- يقوم على أسس معينة.
 
وقال إنّ الورقة جاءت لتحدّد أولوياتنا السياسية في المرحلة القادمة ونحن نتحدث عن أولوية الدولة السياسية، بألا ندخل مباشرة في التفاصيل، ونستعيد ونكرر تجارب الحوار الوطني بلا نتيجة، لأنّ الهواجس أو المعادلة غير المعلنة التي تحدد المسار السياسي، لم تخضع لنقاش، فأي تطوير على تشريعات أو قوانين لن يؤدي إلى الانتقال المطلوب إذا لم تتغير القناعات وتتحرك لدى الأطراف جميعاً نحو مشروع توافقي وتصالحي.
 
النص الموازي..
 
ورأى أبو رمان أنّ هنالك نصّاً آخر موازياً للنص المكتوب يرتبط بالوضع السياسي الراهن، لافتاً إلى ورشة عملحضرها قبل فترة ونظمها المعهد الهولندي ومعهد السياسة والمجتمع، وكانت تضم نخبة من القيادات الحزبية والسياسية، وبالفعل- والقول له- لا تشعر بعمق الأزمة التي تتجاوز الحكومات إلى القوى السياسية إلاّ عندما تستمع لشريحة من النخبة السياسية الأردنية، فقد كان الجميع يقول بأنّنا متفقون على التشخيص وشبعنا تشخيصاً وآن وقت الحلول؟!.. وقال: أما رأيي – الذي ذكرته في تلك الندوة- فهو أنّ هذه الدعوى موهومة، متسائلاً: فمن قال?بأنّنا فعلاً متفقون على التشخيص؟!.. فما أسمعه في الفضاء العام بخاصة الافتراضي يؤكّد أنّ هنالك فجوات عميقة في قراءة الوضع وتحديد المشكلات وما المطلوب بين القوى والنخب السياسية، فضلاً عن المؤسسات الرسمية نفسها؟
 
كما وجدأنّ ثمة مفارقات عديدة، وطريفة، فالبعض، على سبيل المثال يتغنى بتجربة الـ56، وحكومة سليمان النابلسي، بالرغم من أنّ هذه الحكومة ربما ينظر إليهاعلى أنّها تمثل شبحاً تُخشى العودة إليه، والحال كذلك بالنسبة لانعطافة الـ89، وهكذا فإنّ هنالك تياراً على سبيل المثال يريد الدولة الأردنية التي تتمتع بالبيروقراطية والقطاع العام، ويتحدث عن سرقة المقدرات والملكيات العامة بالخصخصة، وهو تيار متنام في الشارع، وخطابه أو بعبارة أدق «البروباغندا» التي يقدمها تلقى في الظروف الاقتصادية الراهنة آذاناً صاغية، وهذا التيار نفس? لديه ملاحظات وتحفظات على الديمقراطية وعلى قانون الانتخاب ويطرح مخاوف على الهوية الوطنية الأردنية. وفي المقابل هنالك تيار آخر يرى أنّ أفضل شيء هو الجمود على الموجود، لأنّ أي خطوات في الاتجاه الديمقراطي هيبمثابة قفزة في المجهول، وهو تيار محافظ لكنّه متمترس في عمق الدولة وله كلمته ورؤيته، وإذا لم يكن طرفاً في الاتفاق على المرحلة القادمة، سيفشل أي خطوات بهذا الاتجاه، وهنالك تيار يرى بأنّ المشكلة بمغازلة الدولة للتيارات المحافظة، وعدم جدية الدولة بالمضي نحو المدنية والتنوير وحقوق الإنسان، والحريات العامة، وإصل?ح التعليم، وتكريس قيم الدولة المدنية، وهكذا فنحن أمام تشخيصات وتوصيفات ورؤى متباينة للتيارات الرئيسية في المجتمع والدولة، ما يتطلب أن نضع تلك المخاوف والهواجس والشكوك والقصص أمامنا ونقرر جميعاً فيما إذا كنا نريد الإصلاح؟ وما هو الإصلاح المطلوب؟ وما هي المخاوف؟ وما هي خارطة الطريق لتحقيق ذلك؟
 
إدماج الشباب
 
وتابع أبو رمان: ربما هذا يقودنا إلى هامش آخر أو نص مسكوت عنه في الورقة – إن جاز التعبير- وهو أنّنا على أبواب مئوية الدولة نحتاج إلى جديّة حقيقية هذه المرة في التفكير بالتطوير السياسي، فلا يجوز أن نبقى ننظر إلى الإصلاح بوصفه عملاً تجميلياً أو ثانوياً، بل هو ضرورة وطنية رئيسية لأنّ العلاقة السياسية وصلت أصلاً إلى نفق خطير من فجوة ثقة غير مسبوقة ومرعبة، ومعارضة خارجية كبيرة تستقطب عشرات الآلاف من المشاهدات، وغياب الرؤية فضلاً عن البصيرة السياسية في إدارة الحياة العامة والسياسية، فأصبحت الدولة تهتز عند أي أزمة?أو مشكلة سياسية وترتبك وتؤدي إلى تعميق الفجوة، بالرغم من أنّ مثل هذه الأمور تحدث في كثير من دول العالم، لكنّ الثمن أردنياً أصبح مضاعفاً جراء الوضع السياسي الحالي.
 
ورأى أنّ ما يزكّي ضرورة الإصلاح، بوصفه مفترق طرق اليوم وعلى أبواب مئوية الدولة، هو أنّ جيل الانتظار من الشباب لم يعد قادراً على الانتظار ولا على الوقوف جانباً، ونحن نتحدث عن جائحة كورونا وهنالك أعداد متزايدة من العاطلين عن العمل والمحبطين، فهذا الجيل وصل إلى مرحلة مقلقة جداً، ويشعر بالتهميش الاقتصادي والسياسي معاً، ولا يوجد من يمثّله بصورة شرعية في أروقة الدولة والقرار، وهو جيل الألفية الذي أصبح يفكر بعقلية مغايرة لمن هم في المجال العام، ليس فقط في الحكومة بل حتى القوى والأحزاب السياسية، فإذا كانت هنالك أو?وية للإصلاح اليوم فهي من أجل إدماج هذا الجيل وتصعيده ومنحه فرصة أو حق تقرير المصير طالما هو الذي يواجه التحديات السياسية والاستراتيجية فلا بد أن يكون شريكاً في ذلك، وهو ما يجب أن ينعكس في قانون الانتخاب وإلاّ سنكون أمام تداعيات اجتماعية وسياسية خطيرة.
 
ولفتَ أبو رمان إلى نص آخر مهم بجوار نص المقالة ويتمثّل بحجم المفارقات والتضارب الذي يجده هذا الجيل اليوم والتناقض في الرسائل التي يلتقطها، ونحن نشعر في حيرة في أحيان كثيرة عندما نتعامل معه وهو يطرح القيود والمحددات القائمة على انخراطه في العمل السياسي، وهي حالة لا يمكن أن تستمر أو تبقى إذا أردنا الخروج من النفق الحالي..
 
ورأىأنّ من الأهميّة أن نسأل: ما هو النظام الذي من الضروري أن نورّثه للجيل القادم؟!..فالأدوات التقليدية لم تعد قادرة على تقديم وصفات العلاج، بل أصبحت بمثابة أدوية منتهية الصلاحية خطرها أكبر من منافعها، وبالتالي لا بد من تعبيد الطريق وتمهيد النظام والآليات للمرحلة القادمة لتكون الأمور سلسة واضحة حداثية.. صحيحٌ أنّ الأوراق النقاشية الملكية تمثل وثيقة مهمة ورائعة في الوصول إلى النظام السياسي المطلوب، وخارطة الطريق ومتطلبات تحقيق ذلك، كما شرحنا في الورقة لكن السؤال: لماذا لم تطبق أو يحدث ذلك إلى الآن؟ والجواب ه? أن ذلك لم يأت من فراغ، بل يعكس بحد ذاته جزءاً كبيراً من المشكلة في اللغة الهلامية الغامضة التي نستخدمها في مناقشة الوضع السياسي.
 
نقاشات وحوار
 
التدرج في الإصلاح
 
ورأى الوزير الأسبق وأستاذ العلوم السياسيةد. أمين مشاقبة أنَّ عملية الإصلاح تتطلب الأخذ بمبدأ التدرج انطلاقاً من الواقع والتجربة الأردنية، وأن يواكب النظام السياسي التكيف مع المتغيرات المتسارعة مع الحالة الداخليةللدولة، ذاكراً شروطاً عامة لانبثاق الإصلاح السياسي تتمثل في: الوعي، وتوفير ظاهرة الإدراك السياسي لدى الأفراد والفهم للحالة والظواهر السياسية، والتعليم، حيث البدء بإزالة الأمية في القراءة والكتاب، فالحالة الأردنية متطورة في هذا المجال. وأضاف إلى ذلك موضوع الانتماء للدولة، والإيمان بمشروعها. كما ذكر م?ضوع الولاء للنظام السياسي، والارتباط العاطفي والشعوري والدفاع عنه، وموضوع المواطنة، وشرط تحقيق المواطنة بأبعاده القانونية القائمة على الحق والواجب. وكذلك، انتفاء الانتماءات الضيقة إن كانت عائلية أو عشائرية أو قبلية والاتجاه نحو الإطار الأوسع وهو الدولة. وذكر أيضاً وجود مستوى معيشي جيد، كما دعا إلى اتساع نطاق الطبقة المتوسطة وتحفيز دورها في عمليات الإصلاح، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني.
 
الدولة القوية
 
ورأى الوزير الأسبق د.جعفر حسان، في سياق حديثه عن كيف نحافظ على الأردن وقوته، أنّنا يجب أن نقرأالإصلاح السياسي وثقافة الشعب ضمن مفهوم الدولة القوية بما في ذلك موضوع الضرائب وقدرة الدولة على تحصيل الإيرادات.
 
فبناء الدولة ليس عملية مرحلية أو عملية تبدأ ثم تتوقف وتنتهي، بل عملية مستمرة لا تنتهي، ونحن ما زلنا في عملية بناء الدولة فلم تتوقف هذه العملية، والدولة في نهاية المطاف هي التي تبني ثقافة الشعب، فهل الدولة الأردنية اليوم وخلال الخمسين سنة الماضية بنت ثقافة الشعب الأردني على مفاهيم الديمقراطية، والمشاركة، ومفاهيم احترام الرأي الآخر، وكاشف بقوله: واضحٌ أنّ هذه المفاهيم ليست في صميم ثقافة الجيل الحالي، فعندما نتحدث عن جزء من الإصلاح السياسي، وهو العملية الانتخابية الديمقراطية والقوانين،فباعتقادي أنّ هناك حوالي?5 قوانين تغيرت على مدى 10 سنوات.
 
وتحدث حسان عما اشتملت عليه إحدى الأوراق النقاشية في حديثها عن الدولة المدنية، لافتاً إلى أنّ الدولة المدنية اليوم في الشارع هي مفهوم جدلي للغاية، عند النخب والناس.
 
وأكّد حسان قيمة الأوراق النقاشيّة لجلالة الملك، متحدثاً عنكتاب جلالة الملك 2008 حول معيقات التنفيذ، فالنظرة واضحة، والأهداف واضحةأيضاً، متسائلاً: لماذا كلما جاء الموضوع إلى التنفيذ نفشل، مبيّناً أنّنا نضع الخلافات كلها وراءنا ونجامل بعضنا.
 
وقال إننا عندما ننظر لموضوع الحكومات وغياب الثقة، فالحكومات عموماً تنظر إلى الاسترضاء كأولوية أولى قبل أن تبدأ عملها، والمفروض أن تكون هناك نظرة للإنجاز حتى يستطيعوا من خلال الإنجاز أن يرضوا الناس بدلاً من النظر للاسترضاء وترك الإنجاز جانباً إذا كان يخالف عملية الاسترضاء.
 
وتابع حسان: باعتقادي أنّ موضوع المصارحة في الأدوات وفي كيفية العمل ليست مصالحة، لكنّهامصارحة، فهناك فجوة كبيرة في فهم ما حصل في الأردن خلال الأربعين سنة الماضية، وهناك مفاهيم متباينة مختلفة تماماً عن بعضها فيما حصل مع الأردن منذ منتصف الثمانينيات وحتى قبل ذلك، فلا يوجد فهم إطلاقاً لموضوع الخلافات والمشاكل الذي كان موجوداً في الاقتصاد الأردني منذ حرب 67، وهذه أمور غاية في الأهمية، لأنها ما زالت تؤثر علينا وما زالت واضحة ليومنا هذا، وهي جزء هام في عملية التيارات والاختلافات ومفهوم الهوية اليوم وطبيعة ما هو م?لوب من الدولة الأردنية بالنسبة للشعب.
 
المنظومة التعليمية
 
وتحدثت العين د.رائدة القطب حول المنظومة التعليمية وأثر التعليم، مهتمةً بقطاع الشباب لإنقاذ مستقبل الأردن، ومن واقع عملها في المجال الصحي، أكدت أنّ أي سلوك سواء كان ديمقراطياً أوتغييراً ثقافياً يجب النظر إليه على أساس الوعي وتوجهات الناس الإيجابية حتى يتحول من قناعة إلى سلوك، وهذا ينطبق على الثقافة الديمقراطية وبالتالي على السلوك الديمقراطي.
 
وفي حديثها عن التعليم العالي، أشارت القطب إلى250 ألف طالب على المقاعد الدراسية، كنماذج لآباء وأمهات المستقبل، الذين يخرجون الأطفال في مراحل المدرسة الأساسية تحديداً،داعيةً إلىاستيعاب الفكرة الإيجابية والثقافةالديمقراطية في حياتهم والنظرة والسلوك، وكيف يأملون أن يكون أولادهم الذين يتخرجون، وبالتالي تكوين النموذج الخاص لهم عندما يكونون على مقاعد التعليم العالي.
 
وانتقدت القطب الإدارات الجامعية في التعليم العالي،وبكل مؤسساتها، بأنها إدارات لا تقوم على الديمقراطية،واحترام الرأي الآخر أو التفاهم، سواء بالتعامل مع الهيئة التدريسية أو مع الهيئة الإدارية أو مع الطلبة، وهذا ينعكس على الشباب الذين ندرّسهم ونخرّجهم، فأسلوبهم في التعامل هو أسلوب تقبل الرأي مهما كان، وفيه قمع في بعض الأحوال، فماذا نتأمل منهم؟!
 
وباعتقادها، قالت القطب إنناما نزال في مرحلة يجب أن نشخص فيها هؤلاء الشباب: ماذا يعرفون وما لا يعرفون، وكم نسبة وعيهم نحو التغيير، وما هي العوامل التي تؤثر في منظومة تفكيرهم وتغييره، حتى نقودهم للمستقبل بحيث يستطيعون أن يعطوا، وبالتالي يجب أن نغير الناس الذين يتعاملون معهم.
 
وقالت إنّ بلادنا من ناحية ديمقراطية تأثرت بهجرات قسرية عديدة، والناس الذين أتوا كان معظمهم من النساء والأطفال، وهؤلاء الأطفال أعمارهم 11 سنة واقتربوا من مرحلة أن يصبحوا شباباً، فثقافة شبابنا الحالية ستتأثر قريباً بثقافات دول أخرى وسياسات كانت بطريقة أخرى وبعقول مختلفة عن عقولنا وتفكير مختلف عن تفكيرنا، والوقت المناسب هو أن نواجه شبابنا ونحاول معهم أن نغير ونطور في فكرهم وطريقة تعاملهم قبل أن يأتي الفكر الآخر ويغيرهم أو يأخذهم باتجاهات مختلفة، لذلك يجب أن نفكر بعقولهم ونشتغل بأدواتهم ونتوجه لهم بأساليب موضو?ية.
 
الوقت المناسب
 
وتحدث الوزير الأسبق د.إبراهيم سيف حول موضوع «ما هو الوقت المناسب؟!»، مبيّناً أنّه لا يوجد شيء اسمه وقت مناسب، فاللحظة الحالية هي الوقت المناسب، مذكّراً بلجنة الحوار الوطني قبل سبع سنوات، وما يدور من التوقيت المناسب في كل موضوع.
 
وأشار إلى أننالجأنا لأسس الاقتصاد،ومسألة مشاركة الشباب، وقد وجدنا في مقارنات مع دول أخرى، فيعدد المواطنين والعاملين الإجمالي وعدد السكان الإجمالي وعدد السكان، قلّة مساهمتنا العالمية، مؤكداً أننا حتى نندمج في الحياة الاقتصادية يجب أن يكون موضوع إدماج الشباب حاضراً وبقوّة، سياسياً واقتصادياً.
 
ونبّه سيف إلى مسألة أننا ونحن نتحدث عن مشروع سياسي، ربمانختزله في قانون الانتخابات وننسى كل الفضاء المدني، وهذا يعيدنا بالتأكيد إلى مسألة ضبابية. وتساءل حول المحددات في الإصلاح السياسي والخطواتالضرورية لتقدمه، وموضوع الثقة في الأمن والاقتصاد واتصاله بالحكومة، والبحث عن بديل،متحدثاً عن إطار محدد للعمل كخطوة ضرورية، ومهتماً بموضوع ديناميكية اقتصاد المجتمع، والثقة بالمؤسسات الدستورية واستطلاعات الرأي وخطورة أن تكون الثقة إلى حدٍّ ما قليلة.
 
الثقة بالمؤسسات..
 
وتحدث الوزير الأسبق المهندس وليد المصري عن معنى الثقة بمؤسسات الدولة، متناولاً مراحل سابقة في السبعينيات وحتى نهاية التسعينيات، حتى مع غياب الديمقراطيّة، متسائلاً عن أسباب يمكن أن تضع الثقة بالنخب والحكومات. كما تحدث عن موضوع التهرّب الضريبي، وعجز الميزانية والوعي والاعتراف بذلك، نحو تحديد ما الذي نريده، وفي سياق متصل تحدث عن موضوع هوية الدولة ومشروعها الوطني وإنفاذ القانون بدلاً من استرضاء الناس، ورأى المصري أنّ أزمتنا هي في الترهل الإداري الشامل، ذاهباً إلى أنّ جزءاً منه هو بسبب ديوان الخدمة المدنيّة، دا?ياً إلى شراكة حقيقيّة مع المواطن وجعله يحس بذلك من خلال تنفيذ القانون وعدم المجاملات أو الاسترضاءات.
 
المنظومة السياسية..
 
وقال مدير وحدة الدراسات في مركز الرأي للدراسات الزميل هادي الشوبكي إنّ تحديد الإشكالية في المنظومة السياسيّة يقودنا إلى أن نحدد صفات النخب، لدى رجالات الدولة والحكومة والموظفين، باتجاه النخب في مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات وغيرها إضافةً إلى النخب التعليمية والاجتماعيّة، مؤكداً أنّ هذا يعمل على قدرة الدولة في إدارة شؤونها بوضع استراتيجيات لإدارة المشهد السياسي والإعلامي والتعليمي والاقتصادي والمجتمعي. ودعا الشوبكي إلى أن نبدأ بالتطوير والبناءالديمقراطي والانطلاق بقوّة نحو المئوية الثانية.
 
دور المرأة في الاصلاح
 
وتحدثت الوزيرة الأسبق د. ريم أبوحسان عن موضوع الإصلاح السياسي وموضوع إشراك المرأة والكوتا، داعيةً إلى نسبة مشاركة للمرأة في مجلس النواب والسلطة التنفيذية وحتى في القطاع الخاص ومجالس إدارة الشركات، وأن يكون للمرأة دورٌ في موضوع الإصلاح السياسي، لافتةً إلى انخفاض مشاركتها في المجال الاقتصادي، ومتحدثةً عن تعديلات 2011 وانخفاض مشاركة المرأة فيها، بمبررات ضعيفة.
 
كما تناولت مواضيع القانون السيادي وقانون الملكية والنقاش الدائر حول تعديل قانون التنفيذ، وتحدثت عن قانون البنك المركزي وقانون البنوك، متسائلةً عن معنى القانون الذي نريد.
 
الأوراق النقاشية
 
ورأى طالب الصحافة والإعلام في الجامعة العربية المفتوحة لبيد الصالح أنّ الأوراق النقاشية الملكية تحقق الثورة على كافة المستويات السياسية والإدارية،داعياً إلى البدء بتطبيق هذه الأوراق والاستفادة منها من خلال ثورة إدارية في ذلك.
 
التشخيص الجيد..
 
وفي ردودهما على مداخلات الحضور، أكّد المجالي أن النقاش في مؤسسات الدولة لا يعني النقاش حول مؤسسة العرش، مؤكداً أهمية المكاشفة والبدء في الإصلاح الحكومي في نوع من الجرأة والتشخيص الجيد في موضوع الإدارة الحكومية، محذراً من التشخيص الخاطئ وما يتبعه من مشاكل، خصوصاً حينما يكون هذا التشخيص ردّة فعل غير مستمرة. كما أكّد المجالي أهميّة الأوراق النقاشية وما تشتمل عليه من فوائد وآفاق في موضوع الإصلاح. وقال إنّ الكوتا أمرٌ مهم لاعتبارات معيّنة، ولكن لا يمكن أن تكون إلى مالا نهاية. وتحدث المجالي عن عمل المرأة السياسي?ونسبة التصويت وأهمية أن ننتقد الخلل في الأحزاب والقانون، كما تحدث عن العمل السياسي وموضوع الثقافة المجتمعيّة، وقال إنّ النظر إلى الديمقراطيّة يختلف من شخص لآخر، مؤكداً أهمية توحيد المفهوم واحترام الرأي والرأي الآخر، وقال إنّ النظرات تتباين بين من ينظر إلى الخصخصة على سبيل المثال خيانةً ومن ينظر إلى القطاع العام رجعيّةً، وهو ما يدعونا إلى التفاهم على ما هو المستقبل الذي نريد الوصول إليه.
 
وتحدث المجالي عن قوى الشد العكسي والتيار المضاد وموضوع العشائرية، وقال إنّ من المهم أن نتوحّد وأن ننظر إلى الأمور بعقلانيّة دون التصور المسبق أو تعليق الأخطاء على مشجب بعينه، كما تناول مواضيع الثقافة السياسية والمجتمعيّة، ونظرة الناس للتجديد، بعين نمطية أو تستند إلى فهم موضوعي، مؤكداً على موضوع الثقافة وتكاملها في نهاية المطاف.
 
الهويات الفرعية..
 
وأكد د.محمد أبو رمان ثلاثة أمور رئيسية، في حديثه عن الديمقراطية، هي دولة القانون، وسيادته،وقوّة المؤسسات السياسية في الدولة، وموضوع المساءلة والمحاسبة، متمثلاً بالنموذج الدنماركي وانتقاله من ثقافة القبائل إلى ثقافة أخرى، ومن ذلك تحدث أبو رمان عن الديمقراطية ومنظومة القيم والمفاهيم واختلاف الرأي ثقافياً وسياسياً حول الموضوع، مؤكداً أهمية الاتفاق على قواعد اللعبة السياسية الجديدة التي تستوعب وتستقطب الآخرين. كما تحدث عن هوية الدولة والمواطنة ومشروع الدولة ووضوحه للجميع، محذراً من الفجوة الطبقية ونموها السريع? وما تحمله هذه الفجوة من أبعاد ثقافية واقتصادية وسياسية خطيرة، وأزمة علاقة بين المركز والأطراف والمحافظات، وصعود الهويات الفرعية، وكيفية التعامل مع التحديات الحقيقية في المرحلة القادمة.