Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Sep-2017

«الإستفتاء».. ليس هذا أوانه! - صالح القلاب
 
الراي - لأن المفترض أن أكراد العراق يعرفون، بحكم تجربتهم الطويلة لا بل بحكم تجاربهم المرة، أن مشكلتهم ليست مع العراقيين والسوريين ومع العرب بصورة عامة وإنما مع الإيرانيين والأتراك فقد كان عليهم أن يدركوا قبل رفع راية «الإستقلال» أنَّ هذا التحول التاريخي فعلاً لن يمر بسهولة بل أنه لن يمر أبداً لأن إيران وتركيا تعتبران هذا الأمر خطاً أحمراً وعلى أساس أن «انفصال» كردستان العراقية واستقلالها سينقل العدوى الإنفصالية إلى هاتين الدولتين اللتين تعانيان فعلاً من أنهما يتشكلان من «فسيفساء» قومية وأنَّ حصول إحدى القوميات وبخاصة «الكرد» على استقلالها في إحدى دول هذه المنطقة سينقل هذه العدوى إليهما لا محالة.
 
لقد كان على الرئيس مسعود البارزاني، صاحب التجربة الطويلة، أن يدرك هذا ويعرفه وأنْ لا يتخذ هذا القرار قبل أن يضمن على الأقل تأييد الولايات المتحدة وباقي الدول الكبرى ومعها الأمم المتحدة وأيضا سكوت معظم الدول العربية فخطوة كهذه الخطوة ستزلزل هذه المنطقة الملتهبة بالفعل وستفتح أبواب صراعات «إثنية» لا نهاية لها ستؤدي إنْ على المدى البعيد أو القريب إلى «خرائط» جديدة في الشرق الأوسط كله غير خرائط سايكس – بيكو الشهيرة التي حرمت الأكراد مما أعطته أو أعطت بعضه للآخرين الأتراك والعرب والإيرانيين.. وأيضاً للإسرائيليين الذين لا علاقة لهم بهذه المنطقة لا من قريب ولا من بعيد.
 
وهنا فإنه لا بد من التأكيد مجدداً ومرة ثانية وثالثة وعاشرة وألف أنه يحق لهذا الشعب «الشقيق» بالفعل أن يحصل ولو على الحد الأدنى مما حصلت عليه شعوب المنطقة وأن يقرر ولو شيئاً من مصيره وتصبح له دولته المستقلة أسوة بالآخرين لكن فإن عليه أن يختار اللحظة التاريخية بدقة متناهية وأن يتجنب إستفزاز أيٍّ من هذه الدول التي هي ستقاتل وبالتأكيد أي نزعة استقلالية للشعب الكردي الذي إذا أردنا قول الحقيقة فإن من حقه أن يحصل على ما حصل عليه الآخرون!!.
 
ثم ولقد كان على الرئيس البارزاني أن يتجنب، ما دام أنه كان قد عقد العزم على إجراء هذا الإستفتاء، إثارة القضايا المختلف بشأنها كقضية كركوك فالمعروف أن إثارة هذه القضية ستثير غضب العراقيين كلهم وأنها ستوحد السنة والشيعة وستجعلهم يؤجلون الكثير من خلافاتهم وذلك بالإضافة إلى أنها ستؤجل هذا الصدام المتعاظم بين العرب كلهم والإيرانيين الذين بات هؤلاء ينظرون إليهم على أنهم محتلون وأن إيران دولة محتلة إنْ في بلاد الرافدين وإن في سورية.. وأيضاً إن في لبنان واليمن.
 
والآن وقد حصل كل هذا الذي حصل فإن المفترض أن تتم «لملمة» هذا الموضوع بدون ترك أي أحقادٍ كردية عربية إذْ أنه قد إتضح وبصورة جلية أن هذا الوقت ليس وقته مادام أنه قد ثبت أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة وكل دول العالم الفاعلة والمؤثرة ستسكت إنْ تحرك الأتراك والإيرانيون بقواتهم في إتجاه كردستان العراقية ومع الإشارة في هذا المجال إلى أن تركيا وإيران رغم كل ما بينهما من خلافات فعلية وحقيقية إلا أنهما تلتقيان عند منع إقامة أي شكل من أشكال «الإستقلالية» الكردية وفي أي دولة من دول هذه المنطقة.