Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Jun-2018

الانحياز الملكي للشعب - المحامي الدكتور محمد عبداالله الظاهر

الراي -  رغم تأكيد جلالة الملك على إرساء الديمقراطية وتمكينها، وحرصه التام على ترسيخ النهج الملكي البرلماني بأنقى صوره، والابقاء على دوره الاساس كضامن للدستور وأداة التوازن بين السلطات، إلا أنه ونتيجة ممارسات بعض الحكومات يجد نفسه من جديد مضطرا للتدخل وأخذ دور الحكومة في معالجة المواقف المفصلية التي تتطلب حكمة ووعيا عميقين من نوع خاص، ولعل ما شهده أردننا الحبيب مؤخرا من موجة احتجاجات ضد النهج الاقنصادي للحكومة السابقة، وخاصة فيما يتعلق بمشروع القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل، الذي أقرته الحكومة وقامت بإرساله الى مجلس النواب تمهيدا لعرضه على الدورة الاستثنائية القادمة، والجدل الذي ثار حوله، وما رافقه من قرار رفع أسعار المحروقات والكهرباء، وبعيدا عن تقييم مشروع القانون المذكور والحديث عن ما له وما عليه، وعن الاقاويل التي رافقته من دور البنك الدولي في فرضه والاصرار عليه، فقد كان لجلالة الملك دور استباقي عندما وجه الحكومة الى وقف العمل بقرار رفع أسعار المحروقات والكهرباء، في خطوة عبرت عن مدى شعور جلالته بمعاناة المواطن الاردني في خضم الازمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها الاردن نتيجة الاوضاع العربية والاقليمية المجاورة وتخلي المجتمع الدولي والاشقاء العرب عن دورهم في الوقوف الى جانب الاردن، تدخل جلالة الملك لم تلتقط مضامينه الحكومة السابقة، وآثرت السير بخطى حثيثة ومتسارعة في سبيل زيادة الايرادات العامة بعيدا عن أي حسابات أخرى، وأصرت على نهجها الذي لم يحظ بأي تأييد شعبي، وهو ما دفع جلالة الملك الى التدخل مرة أخرى، وأخذ زمام المبادرة، حيث عبر عن موقفه الثابت بالانحياز الى شعبه بالتزامن مع تعبيره وسعادته واعتزازه بالمستوى الرفيع للمواطن الاردني خلال فترة الاحتجاجات وفخره بأنه أردني، وجاء القرار بإستدعاء رئيس الوزراء للمثول بين يدي جلالة الملك وقبول استقالته ليؤكد للعالم أجمع مدى اللحمة والانسجام والتناغم الذي يجمعه بشعبه الذي يبادله الولاء والانتماء.

مثل هذه المواقف ليست غريبة عن جلالة الملك الذي يشكل وبحق الاداة الوحيده للتوازن ليس بين سلطات
الدولة فحسب، بل بينهم وبين كافة أطياف ومكونات شعبه، حيث جاء الموقف برمته ليضيف صورة أخرى
من صور الاردن المضيئة والمشرقة، بالرغم من تربص البعض ومراهناته الخاسرة على ما ستؤول اليه الامور،
كيف لا وقد منّ االله علينا بقيادة تتمتع بحكمة وشعبية قل نظيرها على مستوى العالم، وشعب واع يحتل
موقعا مرموقا في درجة الرقي خاصة خلال فترة التعبير والاحتجاج، فضلا عن بعض الرجال الذين صدقوا ما
عاهدوا االله عليه، من المخلصين الذين استحقوا بلا جدل أن يكونوا رجال دولة يضرب المثل في وطنيتهم
واخلاصهم وانتمائهم لهذا الوطن، فهم وان قلوا الا انهم حاضرون دائما في كافة المواقف، ولا أتردد هنا من
الاشارة الى رئيس مجلس الاعيان دولة السيد فيصل الفايز المعروف بمواقفه المتوازنة المحبة للوطن، والذي
جسد المفهوم الحقيقي لرجال الدولة الذين أرادهم جلالة الملك وأشار اليهم في أوراقه النقاشية، حيث كان
المسؤول الوحيد الذي عبر عن حق المواطنين في الاعتصام والتعبير بمنتهى الشفافية والوضوح، كما كان
له دورا بارزا في طرح الافكار والحلول التوافقية المناسبة في اطارها الديمقراطي دون أن يكون له أي اجندة خاصة سوى الحب والانتماء لثرى هذا الوطن، وذلك من خلال اقتراح الدعوة الى عقد دورة استثنائية لمجلس
الامة يتم من خلالها رد مشروع قانون الضريبة من مجلس النواب ومن ثم من مجلس الاعيان، ليصار الى
اعادته للحكومة بالطريق الدستوري بعيدا عن اي احتقان او مساس بالنهج الدستوري، كما كان للاجهزة
الامنية دور بارز في التعامل مع المحتجين بأسلوب حضاري فكان أن ضربت أروع الامثلة واستحقت بجدارة ان
تكون مدرسة للاحترافية والمهنية الحقة.
وأخيرا فلابد من الاشارة الى أن تكليف جلالة الملك الدكتور عمر الرزاز ليكون رئيسا للوزراء في المرحلة القادمة
لاقى ارتياحا عاما من قبل المواطنين والنخب السياسية والحزبية على حد سواء، بالنظر الى السيرة الطيبة
التي يتمتع بها هذا الرجل والمنحدر من عائلة لها باع طويل في الوطنية ومشهود لها بنظافة اليد، من هنا وفي خطوة اعتبرها الجميع تأكيدا لحالة الارتياح العام، بادر الرئيس المكلف وخلال اجتماعه برئيسي مجلسي الاعيان والنواب وأعضاء المكتب الدائم ومجلس النقباء بالاعلان عن عزمه سحب مشروع القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل المثير للجدل، حيث أعلن صراحة انه هذا القانون بحاجة لنقاش وحوار عميق بين كافة الاطراف، وبذلك فقد سجل اول نقطة لصالحه واستطاع بوقت قياسي ان يعزز حالة الارتياح العام تجاهه بالرغم من أن حكومته لم تشكل بعد ولم تؤد اليمين الدستورية.