Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Nov-2019

«عبده والبحر» رواية جديدة للفتيان لدينا علاء الدين

 الدستور - نضال برقان

صدر حديثا رواية للفتيان «عَبْدُه والبحر» للكاتبة دينا بدر علاء الدين، وتحكي الرواية وقائع اجتماعية، بدءاً من رسم الخطة التي على صياغتها الكاتبة دينا بوعي تربوي وهي المعلمة التي قضت سنوات من عمرها في صفوف الطلاب، وقد استفادت من تلك التجربة التي تعلمت منها اولا كيفية مخاطبة الطالب وتقديم له رواية سلسة ولغة يستطيع قراءتها، مصحوبة بأفكار أخلاقية وابتعدت عن الكتابة المباشرة قدر الإمكان، وقدمت صورا بصرية جميلة فالبحر كان أداتها في تقديم نص روائي للفتيان.
وتحمل الرواية صورتين متقابلتين، كل منهما عكس الأخرى: الأولى عبارة عن صورة لحياة عَبْدُه الذي فقد والدته واصبح يتيماً، وفي أثناء التخطيط المحكم الذي تقوم به الكاتبة لبناء «صورة الفقد»، رسمت صورة والد عَبْده الذي يعمل عامل نظافة في حي من أحياء المدينة، ويقوم على إعاشة ابنه ونفسه بطبيعة الحال، قرر الزواج بامرأة اسمها «روعة» وبعد اخذ ورد من قبل هذه الفتاة، لكون العريس يعمل «عامل نظافة» وأمام الواقع الذي ذكره والدها ان الزمن أخذ عليها دهرا واصبحت في العرف الاجتماعي «عانس» وإن لم تقل الكاتبة ذلك صراحة، لكن صورة الحوار بين روعة ووالدها يشي بذلك وفي النهاية وافقت، وهنا ابدعت دينا في تصوير الحوار بين روعة ووالدها وانتقلت الى بيت الزوجية، واصبحت أمام واقع جديد زوج وطفل يتيم، عملت على تغييره من خلال تدبير المكائد لليتيم، واستطاعت لفترة من الزمن، النجاح في ماذهبت إليه، لكن الخير هو المنتصر دائماً.
والصورة الثانية قصة نجاح عَبْدُه في مواجهة مكائد زوجة الأب، وثانياً إصراره على النجاح وتقديم نموذج يُحتذى به، وكان البحر دائماً هو المخلص، وبالفعل كان ذلك . وحكمة البحر التي استطاعت الكاتبة تصويرها «الصبر» الذي هو مفتاح الفرج.
وهكذا نرى أن الكاتبة ترسم من هذه العناصر لوحة فنية ذات ثلاثة أبعاد، البعد الأول عرضي طرفاه الوعي وغياب الوعي، والبعد الثاني طولي طرفاه العدل والظلم، أما البعد الثالث فهو في العمق وطرفاه السعادة والشقاء، ومن هذا التقابل ينشأ صراع خفي من نوع خاص، مصدره ان القيم التي يعتاش عليها المجتمع دائماً بحاجة إلى تطوير ومناقشة وتجارب إنسانية حّيّة، تختبر مصدقيتها وقد برعت الكاتبة دينا في تصوير ذلك.
ومن الجوانب الجمالية في الرواية الالتفات السردي التي تميزت به اسلوب دينا بدر علاء الدين، ويعتمد هذا الأسلوب على الإيقاع الثنائي الذي يعتمد على تعشيق زاوية رؤية الراوي العليم بزاوية رؤية الشخصيات، فهي في الوقت التي تستثمر فيه المعرفة الواسعة للراوي العليم لاتتخلى عن الرؤية المنظورية للشخصية التي يتعلق بها الحدث، عن طريق الاحتفاظ بأسلوبها وبمستواها اللغوي، فتسمع صوتين في وقت واحد، صوت الرواي وصوت الشخصية.
وهكذا نرى أن الكاتبة دينا بدر نجحت بمهارة في رسم لوحة فنية جميلة ثلاثية الأبعاد، كشفت فيها النقاب عن وجه من أوجه الحقيقة أن البحر مفتاح المعرفة.