Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Nov-2017

القيادة الذاتية مطلب للإصلاح الاداري - د. عبداالله محمد القضاه

الراي -  تعني القيادة الذاتية ؛ قدرة القائد على إدارة الوقت وإنجاز الأعمال تلقائياً دون تدخل خارجي حتى يحقق الأهداف المنشودة في الوقت والمكان المناسبين وعلى أكمل وجه. ولابد للمرؤوس ان يتصف بالقدرة على التصرف والإبداع في المواقف الحرجة والتعاون الوثيق بين أعضاء الفريق للتغلب على العوائق بالإمكانات الذاتية، كما أن القائد يستشير زملاءه فيما يمكن أن ينفذوه فيشتركون معه في صنع القرار ويصبحون أكثر ولاء للقرار الذي اتخذوه سوياً فيعملون على تنفيذه على الوجه الأكمل. ويوصي القادة مرؤوسيهم بحرية العمل بذهن متفتح في سبيل تحقيق الأهداف؛ لتأتي معظم الإبداعات والابتكارات من القاعدة إلى القمة.

تقوم مبادئ القيادة الذاتية أساساً على قوة الموارد البشرية (احترام الفرد). فالروح المعنوية والقيادة الواعية للموارد البشرية لأية مؤسسة تصنع إنجازات أكثر بكثير مما تصنعه الموارد التقنية والاقتصادية والهياكل التنظيمية، ويعتمد النظام الاجتماعي للموارد البشرية على القيم الأخلاقية مثل التواضع والصدق والأمانة والثقة أكثر من اعتماد النظام الطبيعي على مبادئ التقنية الموارد الأولية وراس المال وغيرها. فالتواضع أرفع الفضائل، فلا يجلب الزهو إلا السقوط!.
ويعتبر من المبادئ أيضا، العمل بروح الفريق وهو شكل آخر من أشكال التعاون؛ وهو الأصل في المنفعة المتبادلة وينمي الإحساس بالمسؤولية التي قال فيها الرسول الكريم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». والإحساس بالمسؤولية مبدأ مهم من مبادئ القيادة الذاتية.
كما أن القدوة من أهم المبادئ في القيادة الذاتية. يقول العالم تشارلز سي مانز: يصبح القائد قدوة للآخرين، يتعلمون منه القيادة الذاتية عندما يسعى إلى تعليمهم كيف يقودون أنفسهم ذاتياً؛ إذ يشركهم مشاركة فاعلة في صنع القرار ويحاول إثارة فن القيادة الذاتية فيهم، وذلك بتوجيه الأسئلة الهادفة إليهم مثل: كيف تقيم أداءك؟ وماذا عليك لو احتفظت بسجل لأعمالك الجيدة ولأخطائك؟
وكيف تحدد أهدافك؟ وكيف تدير وقتك لإنجاز أعمالك. وكم تكون سعيداً بالنتائج الطيبة؟ وكيف تحب عملك؟ وهل فكرت في طرق أخرى تسعدك أثناء العمل؟ وما هي الفرص التي تراها سانحة لحل المشكلات التي تواجهك؟.
وعلى القائد القدوة أن يتدرج في تحميل المرؤوسين لمسؤولياتهم، وتعليمهم كيف يقودون أنفسهم. وعليه أن يداوم على تشجيعهم وإرشادهم ودعم قدراتهم على تحديد أهدافهم وتفويض السلطة إليهم لبث الثقة في نفوسهم وتنمية مواهبهم في اكتساب المهارات وحثهم على الإبداع والابتكار وحسن والتصرف، فالحالة المعنوية العالية ثمرة من ثمار تطبيق هذه المبادئ. وترتفع الحالة المعنوية للعاملين باهتمام القيادات بمواردها البشرية. فالقيادة الحقة هي التي تقوم بالإنسان وللإنسان ومن أجل الإنسان وتدور حول الإنسان؛ فالهدف الأسمى للقيادة الذاتية هو تعليم المرؤوسين لكي يقودوا أنفسهم حتى في غيبة القائد؛ وأن تكون لديهم طاقة حيوية مبدعة، بعيدا عن الشكوى الدائمة من المتاعب.
المطلوب من مؤسسات الدولة ؛ تدريب موظفيها على فن القيادة الذاتية، فالموظف الطموح المؤمن بالمبادرة الذي يجعل هدفه في الحياة أن يكون نبراساً يضيء للآخرين طريقهم خير من الموظف المتواكل الذي تضيء له مشاعل الآخرين طريقه. ويلخص ستيفين أركوفي أهداف الموظف الطموح ذي المبادرة في أربعة عناصر موجزة، وهذه العناصر تم ادخالها في برامج اعداد القادة التي ينفذها معهد الادارة العامة لموظفي القطاع العام.
أولها: أن يعيش راضي النفس قرير العين مطمئن البال مرتاح الخاطر، قوي البنية نقي السريرة، سعيداً بالوفرة.(السعادة الوظيفية ).
ثانيها: أن يحب الآخرين ويشعر بأحساسهم ونبضهم ويحب عمله وأسرته ومجتمعه.(الادارة بالحب والولاء المؤسسي).
ثالثاً: أن يتعلم من تجاربه وتجارب الآخرين، وأن يسعى إلى تنمية مداركه وخبراته بشتى الطرق والأساليب العلمية والفكرية والثقافية.
(قصص النجاح، التجارب المثلى والمقارنات المعيارية).
رابعاً: أن يترك أثراً يذكره به أفراد أسرته وزملائه ومجتمعه. (الأداء المتميز المستدام).
وعلى كل قائد أن يسأل: ماهي أساليب تحقيق هذه الأهداف؟، ببساطة ؛عليك أن تسأل ذاتك: ماذا أعمل؟ ولماذا أعمله؟ وكيف أعمله؟
وإذا حافظت على القيم الأخلاقية أثناء إنجاز العمل فسوف يكون تأثيري إيجابياً على كل من أخالطهم ولكي أكون مؤثراً فيمن حولي، يجب أن أضبط اتجاه مساري بالبوصلة قبل أن أضبط ساعتي في الإنجاز.. وترتيب مهامنا بحسب الأهمية أهم من الإنسياق وراء الأمور العاجلة.
ويجب أن يستمر تطبيق نظام القيادة بالطموحات لا بالتوجيهات، فالطموحات أقوى من التوجيهات. فالقائد القوي العزيمة يقود بالطموحات، وبالشجاعة في مواجهة المخاطر، وبالقدرة على تغيير السلوكيات، وبالاندفاع بين الصفوف لقيادة الفريق.
وأياً ما كانت الطموحات فللموظف حاجات ( اساسية، واجتماعية، وعقلية وروحية...الخ ) يجب إشباعها لكي تسير القيادة الذاتية في مسارها الصحيح، كما أن للموظف مواهب يتمتع بها ويسخرها لخدمة هذه الحاجات وهي: أن يعرف المرء قدره، وأن يكون ضميره سليما، وأن يمتلك الإرادة الحرة المستقلة، وخاصة في مواضع اختيار البدائل، اضافة الى الخيال الخصب المبدع، الذي يمكنه من الابتكار وحسن التصرف في جميع المواقف.
فإذا كانت الصلة بين هذه المواهب والقدرات البشرية، وبين مبادئنا وأهدافنا وحاجاتنا قائمة تأتي تصرفاتنا ملبية لحاجاتنا وأهدافنا. ولا تتحقق الأهداف إلا باستكمال دورة التغذية العكسية اللازمة للتقييم، ثم التقويم، حيث لا بد أن نعترف بأخطائنا حتى نعدلها، فإذا لم نعترف بها أولاً بأول زادت واستفحلت وساءت عواقبها ونحن عنها غافلون.
والسؤال الأهم هنا: هل يمكن أن ندرك، كخبراء وصناع قرار؛ أن اصلاح القطاع العام لن يأتي اكله الا من خلال التعليم والتدريب ؛ وبشكل خاص التدريب القيادي الممنهج والذي يفترض ان يكون مسارا تدريبيا الزاميا لكل مستوى وظيفي في مؤسساتنا الوطنية.
a.qudah@yahoo.com
*